بالنسبة لكثير من المتابعين لمنافسات وأحداث الدوري السعودي منذ نشأته وتأسيسه، لا يبدو قدوم كبار النجوم العالميين أمرا طارئا أو حدثا جديدا تعيشه ملاعب الكرة المحلية، فلقد كان هذا الأمر حاضرا منذ السبعينات الميلادية، وهي الحقبة التي شهدت حضور العملاق البرازيلي روبرتو ريفيلينو نجم منتخب البرازيل للعب في الدوري السعودي عبر بوابة فريق الهلال.
لقد كان مشهدا غير مألوف في السبعينات الميلادية عندما أعلن نادي الهلال حينها التوقيع مع قائد منتخب البرازيل ريفيلينو، أحد أهم لاعبي بلاده في كأس العالم 1970 وزامل عباقرة السامبا أمثال بيليه، ليحدث نقلة غير معهودة في نوعية اللاعبين المحترفين في الدوري السعودي حينها.
بدت الأمور مختلفة بعض الشيء الآن، كون الدوري السعودي بات وجهة مقصودة لكثير من نجوم كرة القدم في العالم، إلا أن مرور أسماء كبيرة في الدوري السعودي كان مستمراً منذ حقبة السبعينات الميلادية.
ورافق قدوم ريفيلينو إلى الهلال تعاقد النادي الأهلي مع النجم التونسي طارق ذياب، الذي شارك أيضاً في مونديال 1978 وقدم فترة مثالية خلال احترافه في صفوف الأهلي.
ولم يكن ذياب الوحيد من نجوم كرة القدم التونسية الذين حطوا رحالهم للاحتراف في السعودية، إذ حضر أيضاً نجيب الإمام الذي رافق ريفيلينو في مشواره بالسعودية بعد تألق لافت له في مونديال 78.
وعلى مدار عقود كانت الكرة السعودية مكاناً خصباً لاستقطاب كبار النجوم في العالم، حيث حضر النجم البرازيلي بيبيتو لخوض تجربة احترافية في الاتحاد لم يكتب لها النجاح، إذ استمر اللاعب العالمي لفترة قصيرة وخاض خمس مباريات فقط، قبل أن يتعرض لظروف أسرية «قاهرة» كما وصفها تسببت بإنهاء العقد بين الطرفين، وشاركه مواطنه دينيلسون الذي حط رحاله في النصر السعودي ولم يمض فترة طويلة قبل رحيله عن الفريق.
وكان البلغاري ستويتشكوف واحداً من أبرز الأسماء التي حطت رحالها في السعودية عبر بوابة النصر، وكان ذلك القدوم هو الأول للاعب حمل جائزة البالون دور (الكرة الذهبية) رغم قصر المدة التي شارك فيها مع النصر (لعب معه مباراتين)، لكنه ساهم بقيادة الفريق الأصفر للقب الآسيوي.
استمرت بعد ذلك رحلة قدوم اللاعبين البارزين في العالم ومرت أسماء كبيرة، مثل السويدي فيلهامسون والإيطالي سيباستيان جيوفينكو والبرازيلي تياغو نيفيز والأرجنتيني إيفر بانيغا والدولي العماني علي الحبسي والنيجيري أحمد موسى والألماني ماركو مارين والبيروفي أندري كاريلو، وثنائي منتخب المغربي نور الدين إمرابط وعبد الرزاق حمد الله، قبل بدء الحقبة الحالية من الاستقطابات.
وبدأت النقلة النوعية منذ قدوم البرتغالي الأنيق كريستيانو رونالدو، الذي كان باكورة مشروع استقطابات النجوم، قبل أن ينضم إليه الفرنسي كريم بنزيمة ونغولو كانتي وغوتا في الاتحاد، وفي الهلال حضر سافيتش والبرازيلي مالكوم والبرتغالي روبن نيفيز والسنغالي خاليدو كوليبالي، وفي الأهلي انضم إدواردو ميندي وروبرتو فيرمينو، وفي النصر حضر مارسيلو بروزوفيتش وسيكو فوفانا والبرازيلي أليكس، قبل أن يعلن الاتفاق عن ضمه الإنجليزي هندرسون قائد ليفربول وموسى ديمبلي.
وعوداً إلى النجم البرازيلي ريفيلينو الذي مثل علامة فارقة في قدومه إلى السعودية للاحتراف في صفوف فريق الهلال، حيث ولد نجم السامباً في يناير 1946 وعُرف بقدمه اليسرى القوية بالتسديدات وبالكرات الثابتة المتقنة التي ينفذها ببراعة، مثل النجم البرازيلي السابق ثلاثة أندية، هي كورينثيانز البرازيلي وفلومينينسي، قبل قدومه إلى فريق الهلال في آخر ثلاثة مواسم من مسيرته الكروية.
يحمل العملاق البرازيلي سجلاً حافلاً ومثالياً في مشواره مع راقصي السامبا، إذ حقق كأس العالم 1970 وحظي بثلاث مشاركات مونديالية كان آخرها في عام 1978، التي توجه بعدها للاحتراف في صفوف فريق الهلال السعودي لثلاثة أعوام اختتم بها مسيرته الرياضية.
ونجح «ريفو» في تحقيق بطولة الدوري السعودي مع فريقه الهلال خلال فترة احترافه التي بدأت 1978 حتى 1981، وهو العام الذي شهد ختام مسيرته الكروية، بالإضافة إلى تحقيق لقب كأس الملك، وبلغ عدد مبارياته 57 مواجهة سجل خلالها 23 هدفاً.
عُرف عن البرازيلي ريفيلينو أنه حاد الطباع ولا يمتلك التحكم في مزاجه، إذ تعرض لكثير من المواقف، كان أشهرها حادثته في الدوري السعودي مع سعد بريك لاعب فريق الاتحاد، في المباراة التي كسبها الأزرق العاصمي لكنه خسر نجمه العالمي لثلاثة أشهر بسبب تلك الحادثة، إذ صدر قرار إيقافه لتلك المدة.
وتجسيداً لحادثة حدته في الطباع، فقد بدأ النجم الشاب حينها مشواره وهو في السادسة عشرة من عمره في صفوف بانيسبا لكنه كان مشجعاً لنادي بالميراس الذي ينتمي إليه أفراد أسرته، وشاءت الأقدار أن يلتقي فريقه مع بالميراس في كرة القدم الصالات بدوري ساو باولو، وحينها تحدث معه أحد المسؤولين بنادي بالميراس وطلب حضوره لإجراء اختبارات في الفريق.
لم يتردد ريفيلينو وذهب متحمساً وشارك في تدريبات النادي مرتين ولكن في المرة الثالثة قال له المدرب ماريو ترافاجليني ولبعض المستجدين معه: «إذا رغبتم بارتداء القميص فهذا شأنكم، ولكن لست واثقاً من أنكم ستتدربون مرة أخرى».
غضب الشاب اليافع ريفيلينو وترك تدريبات بالميراس واتجه إلى صفوف كورينثيانز، وكانت تلك بداية نجم خارق عُرف بقدمه القوية التي سحرت الأنظار في جميع الدوريات التي شارك فيها، حتى في نهائيات كأس العالم.
تميز ريفيلينو الذي اشتهر بكثافة شواربه حينها بتسديداته القوية التي كانت مصدر إعجاب من جماهير كرة القدم السعودية، إذ كانت الأخطاء التي تحضر للهلال بمثابة ركلات جزاء بسبب قدمه القوية التي سجل بها الكثير من الأهداف.