دعا الوزير الأول الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، اليوم (السبت)، حكومات أجنبية، يُعتقد أن بها أموالاً محل شبهات فساد، إلى مساعدتها من أجل استردادها.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد تعهَّد في حملة انتخابات الرئاسة 2019 بـ«السعي لاسترجاع الأموال المنهوبة»، التي يُفترض أن وجهاء من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 – 2019) أودعوها في بنوك أجنبية.

وقال بن عبد الرحمن، الذي كان يتحدث بمناسبة إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد» بـ«المركز الدولي للمؤتمرات» بالعاصمة، إن الحكومة الجزائرية «تطلب من الهيئات والدول التي استفادت من توطين الأموال المهربة، المساعدة في استرجاعها»، موضحاً أن الفساد «ظاهرة عابرة للأوطان، تتطلب تبادل الخبرات مع مختلف المنظمات»، مؤكداً أن الفساد «يأخذ أشكالاً متعددة ومتشعبة، الأمر الذي يقتضي تخطيطاً استراتيجياً مبنياً على أسس ومناهج علمية، من خلال الاستعانة بتجارب البلدان التي سبقتنا في هذا المجال، والتعاون وتبادل الخبرات مع المنظمات التي تنشط في هذا الإطار، وبالأساس من خلال تضافر جهود كل الفاعلين على الساحة الوطنية والدولية».

الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن (رئاسة الوزراء)

وتابع إطلاق خطة محاربة الفساد دبلوماسيون أجانب يعملون بالجزائر، وقضاة وكوادر أجهزة مختصة في تعقب الرشوة، والممارسات غير الأخلاقية في الإدارة الحكومية، والمؤسسات العمومية.

ووفق بن عبد الرحمن «ستصبح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وثيقة ملزمة لكل الأطراف؛ إذ ينبغي العمل بها والسهر على متابعة تنفيذها، وفقاً للمؤشرات القابلة للقياس الموضوعة، بموجب أنظمة المتابعة والتقييم المرفقة بهذه الاستراتيجية، خلال الفترة الخماسية 2023 – 2027 التي ستُشرف عليها هيئة وطنية تتشكل من مختلف الفاعلين الرسميين والشركاء الاجتماعيين».

وأضاف الرجل الثاني في السلطة التنفيذية أن الحكومة «جعلت هدف مكافحة الفساد وأخلقة الحياة الاقتصادية والاجتماعية يساير وثيقة مخطط عملها السنوي، عن طريق وضع قواعد تنظيمية وإجرائية ترمي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى ضمان شفافية تسيير المال العام، والابتعاد عن المحاباة والزبائنية، وفصل المال الفاسد عن السياسة».

وتقوم الخطة الحكومية بخصوص مكافحة الفساد على عدة أعمال، حسب مطويات تم توزيعها خلال الاجتماع على الصحافيين، من بينها «أخلقة الحياة العامة»، و«إعادة النظر في النصوص التي تضبط التصريح بالممتلكات»، و«تعزيز الشفافية في تسيير الأموال العامة»، وكذا «تطوير المنظومة الوطنية للصفقات العمومية». كما تتضمن أنشطة أخرى تتمثل في «تشجيع مشاركة المجتمع المدني ووسائل الإعلام في الوقاية من الفساد». وتشرف على تنفيذ الخطة «السلطة العليا للشفافية ومحاربة الفساد».

سليمة مسراتي رئيسة السلطة العليا لمحاربة الفساد (حساب السلطة بالإعلام الاجتماعي)

ونهاية العام الماضي، صرح الرئيس تبون بأن الجزائر تمكنت من استرجاع قرابة 22 مليار دولار من الأموال المنهوبة الموجودة داخل البلاد، بفضل مصادرة أرصدة وأملاك رجال أعمال ومسؤولين مارسوا مسؤوليات كبيرة في العشرين سنة الماضية. وتحدث للصحافة عن وجود «مساعٍ لاسترداد الأموال المهربة خارج البلاد، التي تم تهريبها بطرق غير شرعية في فترة النظام السابق»، مبرزاً أن «الجزائر دخلت فعلاً في مفاوضات مع (الاتحاد الأوروبي) بشأن استرجاع الأموال المنهوبة». كما قال أيضاً إن إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر 3 فنادق فخمة من فئة 5 نجوم، يملكها أحد رجال الأعمال الموجودين في السجن، من دون ذكر اسمه، وفهم من كلامه أن المقصود هو الملياردير علي حداد، الذي أدانته المحاكم بالسجن في عدة قضايا فساد. ولحد اليوم، لا يعرف حجم الأموال المهربة إلى الخارج.

بوريل أكد «تسريع وتيرة المفاوضات مع وحدة التعاون القضائي الجنائي» لاسترداد أموال الجزائر المحولة خارج القانون (المفوضية الأوروبية)

وفي مارس الماضي، نشر جوزيب بوريل، ممثل السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وثيقة تضمنت محادثات جرت بينه وبين تبون، عندما زار الجزائر في الشهر نفسه، كشف فيها عن «تسريع وتيرة المفاوضات مع وحدة التعاون القضائي الجنائي»، التابعة للاتحاد، والشرطة الأوروبية لاسترداد أموال الجزائر المحولة خارج القانون. وأكد بوريل وقتها أن «هناك عملاً مع جهاز الشرطة الأوروبية بهدف مساعدة الجزائر على استرجاع أموال وأصول منهوبة»، مبرزاً أن هذا المسعى يندرج في إطار «أعمال جارية بالبلاد لمكافحة الفساد».

شاركها.
Exit mobile version