دخل مسؤولون بدار الإفتاء المصرية على خط التعليق على «التريند» الشائع منذ يومين بعنوان «العجول الهربانة»، والذي تداوله مستخدمو «السوشيال ميديا» بمناسبة حلول عيد الأضحى، ونشروا كثيراً من الفيديوهات القديمة والحديثة لعجول تفرُّ من أصحابها وتهاجم المواطنين، في عمليات كر وفر بأماكن مختلفة في مصر.
وكتب أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الدكتور هشام ربيع، على صفحته بـ«فيسبوك» تحت عنوان «التنَدُّر بمشاهد هروب الأضاحي قبل الذَّبْح»: إن «مشاهد هروب الأضاحي قبل الذَّبْح في موسم العيد، وجعل ذلك طُرْفَة للتَّندُّر والضحك يتنافى كليّاً مع الأمر الإلهي: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195]، ويناقِض أيضاً الأمر النبوي: (وإذا ذبحتُم فأحسِنوا الذِّبحة)». وأضاف: «الأضحية شعيرة تُعبِّر عنَّا معشر المسلمين… فعَبِّر صَح وبإحسان».
وتضمنت صفحة أمين الفتوى مجموعة من الفتاوى الأخرى حول الأضحية، من بينها: موعد الذبح، وإطعام الجار المسيحي من لحم الأضحية، وقال إنه من البر الذي أمر به الشرع ودعا إليه.
ويتفق الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، مع الرأي الرافض للتندر بمشاهد هروب الأضاحي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك آداباً وتعاليم ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الأضحية ومع الذبح، وجميعها تؤكد على الرفق بالحيوان وعدم ترويع أو تفزيع الأضحية»، وأضاف: «من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وليحد أحدكم شفرته)».
وأوضح أن «الفقه الإسلامي به جملة آداب في الرفق بالحيوان، منها إبعاد الحيوانات بعضها عن بعض في أثناء الذبح، ففي المسالخ أو المجازر العامة يجب ألا تُذبح أضحية أمام أخرى، ولهذا أصل في السيرة النبوية، فحين رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يحد شفرته أمام الذبيحة قال له: (لقد ذبحتها مرتين)».
وتابع: «من الرفق بالذبائح عدم التعذيب، وهي أمور مبسوطة في كتب الفقه الإسلامي، ولكن قلَّ من يطلع على هذه الآداب والفتاوى والأحكام».
وحول فيديوهات الأضاحي الهاربة المنتشرة على «السوشيال ميديا» يقول كريمة: «هذا ناتج عن تفزيع للحيوانات، وهو أمر مرفوض ومحرَّم شرعاً، ولكن إذا ألقينا نظرة على (السوشيال ميديا) فسنجد أن الناس يفزِّعون بعضهم بعضاً، فما بالك بما يمكن أن يفعلوه بالحيوانات؛ خصوصاً بعد أن دخل إلى ميدان الإفتاء متطفلون».
وانتشرت فيديوهات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، تتندر بفيديوهات «العجول الهربانة»، وعلَّق عليها مستخدمون بأنهم ينتظرونها كل عام، ويعدُّونها مادة للتسلية والترفيه، وتضم هذه المقاطع مطاردات بين «العجول» المخصصة غالباً للتضحية، وبين مواطنين.
وعدَّ الباحث المتخصص في «السوشيال ميديا» بمصر، محمد فتحي، أن «فيديوهات العجول الهاربة أصبحت ظاهرة سنوية مع عيد الأضحى»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها «تنتشر بسرعة على (السوشيال ميديا) لأسباب أهمها عنصر المفاجأة والكوميديا في هروب الحيوان من مصيره، مما يجذب الانتباه». وأشار إلى أن «هذه الفيديوهات تعكس مواقف حقيقية وغير متوقعة، مما يجعلها مادة خصبة للتفاعل والمشاركة».
وعن تعليق مسؤولين بدار الإفتاء حول هذه الفيديوهات، قال فتحي: «جاء هذا بعد الاهتمام الإعلامي الذي يأتي من أن الفيديوهات جزء من (تريند) موسمي يمس شريحة كبيرة من الجمهور، ويحقق مشاهدات بالملايين. وتدخُّل المؤسسة الدينية يؤكد أهمية احترام شعيرة الأضحية وقدسيتها، ويحاول توجيه الرأي العام نحو الجانب الديني والاجتماعي الصحيح لهذه المناسبة».
وخلص المتخصص في «السوشيال ميديا» إلى أن «أي محتوى يُظهر عنفاً ضد الحيوانات حتى لو بغرض التوعية يتم تصنيفه ضد (سياسات النشر) الخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي؛ وهو ما يندرج تحت بند (استغلال الحيوانات للمشاهدات) وقد يعرِّض ناشره لعقوبة التعليق أو حذف هذه الحسابات».
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}