يحلُّ، الجمعة، عيد الأضحى المبارك، وسط استكمال حجاج بيت الله الحرام مناسكهم في المشاعر المقدّسة، حيث يبيتون بمزدلفة، بعدما أفاضوا، الخميس، من عرفات ووقفوا على صعيدها الطاهر في مشهد روحي مؤثّر، ووسط خدمات متكاملة من مختلف الأجهزة الحكومية. ويبدأ الحجاج، من السبت، المبيت في منى لـ3 ليالٍ، في حين يبدأ، الجمعة، تنفيذ شعيرة نحر الأضاحي، يعقبها 3 أيام تُعرف بأيام التشريق.
وتحمل الأضحية في حياة السعوديين أهمية خاصة تنبع من منطلقات دينية خالصة، وظلَّت هاجسهم وملازمة لهم ضمن أولوياتهم والتزاماتهم السنوية؛ إذ يحرص الجميع على أدائها، سواء عن أنفسهم أم عن موتاهم؛ التزاماً بوصايا الآباء والأجداد، أو بدافع ذاتي وفاء للراحلين من الأقارب.
واستعدَّت الأُسر السعودية، منذ أيام، لتجهيز الأضاحي قبل حلول العيد، بتحديد العدد المُراد نحره في يوم الأضحى، والأيام الثلاثة التي تليه، ثم شرائها ووضعها داخل أحواش أو أماكن مخصَّصة في منازلهم، تُترك فيها تتحرّك بحرّية داخل الساحات، في حين ينشغل الأطفال برعايتها وإطعامها واللعب معها في متعةٍ لا تُضاهى، حتى حلول يوم النحر.
ومع دخول موسم «النحر»، الجمعة، واستقبال عيد الأضحى، تتحوَّل بعض المنازل السعودية إلى «مسالخ» لمدّة 4 أيام، هي أيام الذبح المعروفة باسم أيام التشريق، حيث يفضّل بعض السعوديين نحر أضاحيهم بأنفسهم، أو تحت إشرافهم داخل منازلهم، بينما تفضّل فئة أخرى ذبح أضاحيها في المسالخ الحكومية أو الأهلية، أو في المطابخ المرخَّص لها بالذبح. كما يفضّل البعض توكيل الجمعيات الخيرية لتأدية النحر نيابة عنهم، مقابل شراء كوبونات مرخّصة بأسعار أقلّ من أسعار الأسواق، وتُوزّع الأضاحي على المُحتاجين في الداخل والخارج.
وتعيد أيام عيد الأضحى، من كلّ عام، ذكرياتٍ لدى كبار السنّ؛ إذ كان الشاغل الأكبر للسكان في القرى والمدن «أيام زمان» هو الحج والأضاحي، في حين ينشغل غير الحجاج بتجهيز الأضحية، سواء عن أنفسهم أم تنفيذاً لوصايا الأهل، التي غالباً ما تبدأ بصيغة: «هذا ما أوصى به الفقير إلى عفو ربه… زيت لسراج المسجد أو أضحية عنه وعن والديه». ومع فجر يوم العيد، يبدأ ذبح الأضاحي، وإهداء ثُلثها، والتصدّق بثُلثها، وتناول الثلث المتبقي، بدءاً من «الحميسة». وتُستفاد من الألية بتقطيعها إلى قِطع صغيرة تُطهى بالزيت وتُؤكل ساخنة، ثم تُخزن في أوانٍ (مطابق) ضمن ما يُعرَف بـ«الودكة»، لتُستخدم لاحقاً مخزوناً غذائياً استراتيجياً في أوقات الجدب والقحط.
وفي العقود الماضية، أدَّى تناول اللحوم بكثرة بعد طول انقطاع إلى إصابة كثيرين بالتُخمة، أو ما يُعرف باللهجة الدارجة بـ«الغيرة»، بسبب عدم اعتياد الأجسام النسب العالية من البروتين الحيواني. وكان العلاج التقليدي تناول كميات من الملح للتخفيف من العوارض.
واختفت عادةٌ قديمة لدى بعض السكان كانت تقوم بها كبيرات السنّ، تتمثل في رعاية الأضاحي قبل أيام من العيد، من خلال غسلها وتنظيفها، ثم صبغ أجزاء من رأسها وأذنيها بالحناء.
وشهدت أسواق المواشي في السعودية نمواً ملحوظاً، تزامناً مع قرار الدولة تحمُّل الضرائب والرسوم الجمركية على إرساليات المواشي الحيّة حتى نهاية موسم الحج. ويُعدّ الخروف الأكثر طلباً في السوق السعودية، مع تنوّع أذواق المُستهلكين واختلاف أولوياتهم تبعاً للمناطق؛ فهناك مَن يفضّل التيوس البلدية، تليها الأبقار، في حين يُعدّ الجمل الأقل طلباً.
وكشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء بخصوص متوسط أسعار الأضاحي، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، عن تفاوتٍ فيها يتراوح بين 747 و1895 ريالاً. وقد تصدَّر الخروف «النعيمي» القائمة بمتوسط سعر بلغ 1895 ريالاً، يليه «النجدي» بـ1863 ريالاً، ثم «الحري» بـ1740.
ووفق التقرير، بلغت أسعار «السواكني» 1276 ريالاً، و«التيس البلدي» 1185، بينما جاء «الماعز البربري» بكونه أقل الأضاحي سعراً بـ747 ريالاً.
ويؤكّد مربّو الماشية أنّ الأسعار تعتمد على عوامل عدّة؛ منها نوع الأضحية، إذ يُفضّل كثير من الأهالي الأنواع البلدية، بالإضافة إلى تكاليف الأعلاف والنقل، والطلب المتزايد خلال موسم الأضاحي.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}