انتقادات واسعة للحكومة الفيدرالية بالصومال، عقب سيطرة حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» الإرهابي على بلدة استراتيجية وسط البلاد، رغم تصاعد الضربات العسكرية للجيش خلال الشهرين الماضيين.

تلك السيطرة تعني، بحسب خبير في الشأن الصومالي، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، التموضع في إقليم حيوي للتحركات العسكرية والإمدادات، والذي يشكل حلقة وصل بين جنوب الصومال ووسطه، ويظهر قدرة الحركة على إعادة تنظيم صفوفها، وشن هجمات نوعية باستخدام تكتيكات انتحارية، معتقداً أنه يمكن استعادة تلك البلدة عسكرياً بإعادة ترتيب الصفوف الميدانية، وتقديم دعم جاد للمقاتلين المحليين.

وأعلنت الحركة، في بيان، سيطرتها الكاملة على بلدة «موقوكوري» الاستراتيجية في إقليم هيران وسط الصومال، مشيرة إلى أن مقاتليها الذين شنوا هجوماً على البلدة «استخدموا فيه سيارات مفخخة تمكنوا بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية والمليشيات المحلية».

ولم تعلق الحكومة الفيدرالية وولاية هيرشبيلي الإقليمية على الهجوم الذي وقع، الاثنين، غير أن النائب في مجلس الشعب الصومالي عبد المالك عبد الله، المنتخب من إقليم هيران، ألقى باللائمة على حكومة مقديشو التي «اتهمها بالتقصير عن تقديم الدعم للميليشيات المحلية التي تخوض صراعاً طويلاً ضد حركة (الشباب) في الإقليم، رغم أنها عرضت في عيد الاستقلال والوحدة قبل أيام قوات ضخمة وأسلحة متطورة، لكن للأسف لم تر هذه القوات في ساحات القتال»، وفق ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية في الصومال (أ.ف.ب)

وقبل السيطرة الجديدة، كان الجيش الصومالي أعلن، السبت، السيطرة على بلدة غومري التابعة لمنطقة «موقوكوري»، عقب هجوم «ناجح» ضد الحركة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد وقتها.

وأحرزت حركة «الشباب» التي تحارب الحكومة منذ 15 عاماً، «تقدماً في هجماتها على إقليمي هيران وشبيلي الوسطى التي بدأتها في شهر فبراير (شباط)، وظلت ميليشيات العشائر الصومالية المعروفة بـ(معوسلي) تلعب الدور الأكبر في صد هجمات حركة (الشباب) في إقليم هيران، قبل أن تبدأ القوات الحكومية بدعم الهجمات المضادة، وتمكنت من استعادة السيطرة على بعض المناطق في الإقليم»، وفق إعلام صومالي.

ويرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «السيطرة على بلدة موقوكوري من قبل حركة (الشباب) تُمثل تطوراً خطيراً في الصراع داخل الصومال، وتحمل دلالات استراتيجية وأمنية عميقة، لافتاً إلى أن «موقوكوري جغرافياً تقع في إقليم هيران وسط الصومال، وهو إقليم حيوي للتحركات العسكرية والإمدادات، كما يشكل حلقة وصل بين جنوب الصومال ووسطه».

جنود بالجيش الصومالي في بلدة غومري التابعة لمنطقة موقوكوري بمحافظة هيران (وكالة الأنباء الصومالية)

وسقوط تلك البلدة الاستراتيجية «يحمل رمزية نفسية تظهر قدرة الحركة على إعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات نوعية باستخدام تكتيكات انتحارية، فضلاً عن أن ذلك السقوط يحبط المجتمعات المحلية خاصة والبلدة كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الشعبية المدعومة من الأهالي، ما يعني أن سقوطها قد يؤدي إلى تراجع الحماس الشعبي للمشاركة في الحرب ضد (الشباب)»، وفق بري.

وحسب تصريحات النائب عبد المالك عبد الله، فإن «هناك تقصيراً واضحاً من قبل الحكومة الفيدرالية»، وهذا تجلى، بحسب بري، في «عدم تقديم الإسناد الكافي للميليشيات الشعبية، رغم أنها تمثل رأس الحربة في التصدي لـ(الشباب)، وضعف التنسيق بين الحكومة المركزية والإدارات الإقليمية، خاصة في هيران، ما يؤدي إلى فجوات أمنية، وتأخر الإمدادات، ونقص الدعم الجوي، وضعف المتابعة السياسية والعسكرية».

وتأتي سيطرة «الشباب» على تلك البلدة الاستراتيجية رغم تصاعد الضربات الحكومية لها، وتكثفت العمليات العسكرية الصومالية جواً وبراً خلال الشهرين الماضيين، وشنّ الجيش، بالتعاون مع شركاء محليين خلال تلك الفترة، عمليات عسكرية مخططة في بعض المناطق التابعة لإقليم غوبا السفلى بولاية غوبالاند، وكذلك في إقليم شبيلي الوسطى بـ«نجاح».، وفق معلومات سابقة نقلتها وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.

ومطلع يوليو (تموز) الحالي، قضى الجيش الصومالي على 19 إرهابياً من حركة «الشباب» الإرهابية المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، في عملية أمنية نفذت بالتعاون مع الشركاء الدوليين، بمنطقة «باقوقها» التابعة لمحافظة غوبا السفلى، جنوب البلاد، وشهد اليوم التالي إعلان مقتل قياديين بارزين من حركة «الشباب» خلال عمليات عسكرية دارت على مدى يومين في مناطق مختلفة بالبلاد، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصومالية (صونا) وقتها.

وتصاعدت عمليات «الشباب» في الأشهر الأخيرة، وأبرزها في 18 مارس (آذار) الماضي، حين أعلنت مسؤوليتها عن تفجير قنبلة كادت تصيب موكب الرئيس الصومالي، ومطلع أبريل (نيسان) الماضي، وأطلقت قذائف عدة قرب مطار العاصمة، قبل أن يعود الجيش لمواجهات موسعة ضد الحركة.

ويؤكد بري ضرورة «إعادة ترتيب الصفوف الميدانية، وتقديم دعم جاد للمقاتلين المحليين»، مستدركاً: «ودون ذلك، فإن الحكومة تواجه أزمة حقيقية ليس فقط في استعادة البلدة، بل في المعنويات الشعبية، وثقة المجتمع المحلي في الدولة».

وحذر من أن «استمرار مثل هذه الانهيارات قد يُمكّن (الشباب) من توسيع نفوذها في مناطق جديدة»، مؤكداً أن «الحل يتطلب مقاربة مزدوجة ذكية خاصة والعمل العسكري وحده لا يكفي بعد 15 عاماً من النزيف، وذلك عبر فتح مسار حوار مشروط ومدروس مع منشقين داخل الحركة أو عناصر يمكن احتواؤها، باعتباره لا يعني الاستسلام، بل قد يكون أداة سياسية لتفكيك التنظيم من الداخل، خاصة في ظل الضغوط الشعبية والإقليمية».

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version