أطلقت المملكة العربية السعودية واليابان حقبة جديدة في شراكتهما التي انطلقت عام 2016، في إطار «الرؤية السعودية – اليابانية 2030»، فوقَّعتا 26 اتفاقية في مختلف المجالات، وذلك خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الأحد للمملكة رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا. وأبدت المملكة استمرار التزامها تزويد اليابان بالنفط، ومواصلتها التعاون معها في مجالات الهيدروجين النظيف والأمونيا وتطوير البنية التحتية لتطبيقات الاقتصاد الدائري للكربون.

وكان رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا وصل إلى جدة، أمس (الأحد)، في زيارة رسمية للمملكة «تستهدف تعزيز العلاقات الاستراتيجية» مع السعودية، كما قال.

وهي الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الياباني الأولى للشرق الأوسط منذ تعيينه عام 2021، التي استهلها بالسعودية ليتوجه لاحقاً إلى الإمارات وقطر.

وفي مدينة جدة، عُقد اجتماع الطاولة المستديرة الاستثماري السعودي – الياباني بحضور كيشيدا، ووزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح، ورئيس منظمة التجارة اليابانية (جيترو)، وعدد من مسؤولي الجهات الحكومية والقطاع الخاص من البلدين.

وشهد الاجتماع أعلى تمثيل من الدولتين بحضور أكثر من 250 شخصية، تم خلاله استعراض المشاريع المشتركة وتقديم عروض عن البيئة الاستثمارية في السعودية، وبيئة الأعمال وطبيعتها والمناطق الاقتصادية الخاصة في السعودية. كما تم استعراض بعض المشاريع الناجحة والمشتركة والشراكات بين القطاع الخاص السعودي والياباني، والقطاع الخاص الياباني والحكومي السعودي.

كما جرى خلال الاجتماع استعراض ودراسة فرص تعزيز الشراكات الاستثمارية بين البلدين في مجموعة واسعة من القطاعات، مثل الطاقة النظيفة، والمواد الكيميائية النظيفة، والتعدين، والرعاية الصحية، والتقنيات الرقمية.

وتوج الاجتماع بإعلان 26 مذكرة تفاهم واتفاقية استثمارية شملت العديد من القطاعات ذات الأولوية، ومنها الصحة، والترفيه، والثقافة، والطاقة التقليدية، والطاقة الخضراء، والكيميائيات، والتصنيع، والآلات والمعدات، والأنشطة المالية، والتقنية، والزراعة، والبيئة، والعقارات.

خلال اجتماع الطاولة المستديرة السعودي – الياباني (الشرق الأوسط)

رئيس الوزراء الياباني

خلال كلمته في الاجتماع، عبَّر رئيس الوزراء الياباني عن تقديره للحضور والمشاركين في الاجتماع الذي «سيعمل على توسيع وتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين»، مؤكداً أن المملكة تُعد شريكاً استراتيجياً مهماً لليابان في أمن الطاقة، ومعبراً عن سعادته لتعدد هذه الشراكة في عدة مجالات تحت «رؤية السعودية – اليابان 2030» التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة ولي العهد لليابان في عام 2016.

وأضاف رئيس الوزراء أن عدد الشركات اليابانية العاملة في المملكة ارتفع إلى 110، كاشفاً «أننا سنتعاون مع السعودية في مجال أشباه الموصلات». كما كشف أن اليابان تعتزم توسيع التعاون الاقتصادي مع المملكة في مجالات الطاقة النظيفة والشركات الناشئة والرعاية الصحية والترفيه والتقنيات المتقدِّمة.

وأشار إلى أنه يرافقه في زيارته 27 من قادة الشركات اليابانية؛ ما يعكس حجم التوقعات الاقتصادية للمملكة.

وأعرب عن حماسته للعمل مع المملكة لجعل الشرق الأوسط مركزاً عالمياً لسلاسل الإمداد في مجال التعدين والمعادن من خلال توحيد الجهود بين البلدين، والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز للمملكة، وانخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة والثروة المعدنية والمستقبل الاستثماري الواعد.

الفالح

وفي تعليقٍ له على العلاقات التي تربط المملكة باليابان، في ضوء هذه القمة واجتماع الطاولة المستديرة والمذكرات والاتفاقيات التي تم توقيعها، قال وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، إن «علاقتنا مع اليابان ذات أهمية استراتيجية حيوية للمملكة العربية السعودية».

وأضاف أن «الاجتماع كان فرصة ممتازة لاستعراض ومناقشة الفرص الاستثمارية المتبادلة المُتاحة، ولتوطيد العلاقة الوثيقة بين المملكة واليابان»، مؤكداً أن المملكة، قيادةً وحكومةً وقطاعَ أعمال، تعمل على تعزيز هذه الشراكة وتنميتها في السنوات المقبلة من خلال «التنمية المشتركة 2030».

وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح يتحدث خلال الاجتماع (الشرق الأوسط)

وأوضح الفالح أن الاتفاقيات والمذكرات الموقَّعة اتسمت باتساع الفرص الاستثمارية بين البلدين، وتشمل الطاقة النظيفة والفضاء وغيرهما، مما يرسم ملامح المرحلة الجديدة بين البلدين.

وأشار إلى عقد اجتماع بين كبرى الشركات في البلدين والشركات الناشئة لمناقشة المواضيع الأساسية في التعاون، مثل سلاسل الإمداد والرعاية الصحية والطاقة والمعادن.

ولفت إلى أن هناك فرصاً استثمارية هائلة في المملكة يمكن للشركات اليابانية الاستفادة منها في كل مجال؛ بدءاً من البنية التحتية، والرعاية الصحية، إلى الخدمات المالية، والطاقة النظيفة والترفيه والمحتوى الإلكتروني. كما أن هناك أيضاً مجالاتٍ واسعة يمكن لليابان فيها الاستفادة من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها الشركات والاستثمارات السعودية.

وزار الوفد الياباني جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، كجزء من الجهود المبذولة لاستكشاف فرص التعاون في مجال البحث والتطوير. كما زار المنطقة التاريخية في مدينة جدة للتعرف إلى بعض ملامح التراث والثقافة في المملكة.

وزير الطاقة

وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان كشف، في وقت سابق (الأحد)، أن مشتريات المملكة من اليابان في قطاع الطاقة بلغت 12 مليار ريال خلال 5 سنوات.

ونقل بيان نشره موقع وزارة الطاقة السعودية عن الأمير عبد العزيز بن سلمان، قوله إن المملكة «مستمرة في تحقيق أمن الإمدادات النفطية لليابان، من خلال تخزين النفط الخام السعودي في مرفق الخزن الاستراتيجي بجزيرة أوكيناوا، وكذلك من خلال الحفاظ على كونها الشريك والمصدر الأكثر موثوقية لإمدادات النفط الخام لليابان».

وأضاف أن السعودية أصبحت في عام 2021 «أكبر مورّد للنفط إلى اليابان بتوريدها ما نسبته نحو 40 في المائة» من احتياجاتها.

وقدر الأمير عبد العزيز بن سلمان قيمة مشاريع قطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية بما يقارب 2.85 تريليون ريال (760 مليار دولار) خلال السنوات العشر المقبلة.

وأشار الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى توافق وجهات النظر بين البلدين حيال قضايا الطاقة المختلفة، مثل: أهمية دعم استقرار وتوازن أسواق النفط العالمية من خلال تشجيع الحوار والتعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة، والحاجة لضمان أمن الإمدادات لجميع مصادر الطاقة في الأسواق العالمية بما يخدم مصالح جميع الأطراف، ويحقق النمو الاقتصادي العالمي المستدام.

حجم التجارة بين السعودية واليابان

وكانت وزارة التجارة السعودية كشفت في وقت سابق، الأحد، عن بلوغ حجم التبادل التجاري بين المملكة واليابان 657 مليار ريال (.175.2مليار دولار) خلال الأعوام الخمس الأخيرة.

وفي عام 2022 فقط، بلغت التجارة الثنائية بين البلدين قرابة 178 مليار ريال (47.5 مليار دولار)، وهو ما يعكس نمواً قدره 42.1 في المائة مقارنة بعام 2021، ويجعل اليابان ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة.

كما كان لليابان دور جوهري في الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، حيث بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر من اليابان إلى المملكة قرابة 49 مليار ريال (14 مليار دولار)، تركز في قطاع التصنيع، وتمثل اليابان، الآن، 7 في المائة من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى المملكة.

وأسهمت الرؤية السعودية – اليابانية لعام 2030، التي أُطلقت عام 2016، في إطلاق مبادرة لتعزيز نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ودفعت التعاون المكثف في 9 قطاعات تعكس الأولويات الاقتصادية الاستراتيجية لكلا البلدين.

شاركها.
Exit mobile version