لا يكتفي الجيش الإسرائيلي بما يفعله في جنين ومخيمها من دمار وتجريف وقتل، بل تمتد وحشيته إلى معظم مناطق الضفة الغربية، حيث لا توجد بلدة فلسطينية واحدة لم تتعرض لعمليات قمع وتنكيل وتعذيب، في الأيام الأخيرة. فقد حولها الجيش إلى سجن واحد كبير لا يصلح للعيش، وطوق كل بلدة ببوابة حديدية أو حاجز تفتيش عسكري أو كليهما، وأقام طرقات خاصة لليهود وأخرى للعرب، على طريقة الفصل العنصري (الأبرتهايد).
وأما الطرق لليهود، فهي حرة، ومفتوحة، ولا عوائق فيها. ويستطيع المستوطن قرب رام الله أن يسافر من بيته إلى مطار تل أبيب ومن هناك يطير إلى لندن أو باريس، في غضون ست ساعات، وهذا هو الوقت الذي يحتاجه المواطن الفلسطيني كي يصل من مكان عمله أو تعليمه في رام الله وحتى بيته في قرية مجاورة.
وغني عن البيان أن المستوطن يعامل باحترام على الحواجز والمعابر، حتى لو كان فاسداً أو صاحب مخالفات وسوابق، فيما الفلسطيني تتم إهانته وربما اعتقاله هكذا من دون سبب.
898 حاجزاً وبوابة
وقد بلغت هذه الممارسات حداً من العنف، لم يستطع حتى رئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي تحمله، خشية أن يحاكم ضباط إسرائيليون في الخارج. وكشف أنه لم يوافق على هذا التشديد، وأن من أصر عليه هو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير ثان في وزارة الدفاع.
وكان الجيش الإسرائيلي قد زاد عدد الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية من 700 إلى 898 حاجزاً.
ويعني هذا الحاجز منع المواطنين من مغادرة بلداتهم، حتى لو كان هناك مرضى يحتاجون إلى علاج، أو تجار أو عمال أو مزارعون. أي ضابط إسرائيلي يتحكم بأمور الناس بلا رحمة، وبلا اعتبار، سواء كان رجلاً أو امرأة أو مسناً أو محاضراً جامعياً أو عالماً أو طبيباً أو مهندساً. الجميع مرشحون للإهانة. ومن الممكن أن يحتجز الجندي حرية ذلك المواطن ساعات طويلة، ولا يسأله أحد عن شيء. وفجأة يقرر طي أغراضه فيغادر.
بعض الحواجز تمنع المرور تماماً، فيكون على المواطن الفلسطيني أن يبحث عن طريق آخر، ويكون هناك فعلاً طريق آخر. فالحاجز لا يقصد منع الدخول أو الخروج في بعض البلدات، ولكنه معني بالتنكيل، فيجعلك تفتش عن طريق التفافي يزيد المسافة إلى 10 و20 كيلومتراً، كما هو الحال في حاجز طول كرم.
قوات إضافية
وبالتزامن؛ واصل الجيش الإسرائيلي، الخميس، عدوانه العسكري على جنين ومخيمها لليوم الثالث على التوالي، في وقت استنفر الجيش مزيداً من القوات والوحدات الخاصة، ونفذ عملية اقتحامات ومداهمات واسعة بالضفة الغربية تخللتها مواجهات واعتقالات طالت عدداً من الفلسطينيين.
وبحسب مصادر محلية، اغتال جيش الاحتلال المطاردين محمد أبو الأسعد وقتيبة الشلبي بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال استمر لعدة ساعات، في بلدة برقين غرب جنين، ونسب إليهما المسؤولية عن تنفيذ عملية الفندق التي أسفرت عن مقتل 3 مستوطنين بينهم شرطي.
وأرغمت قوات الاحتلال مئات العائلات الفلسطينية على الخروج من المخيم، وعمدت إلى إخضاع الفلسطينيين لإجراءات تفتيش مشددة، منها تعرية الشبان تماماً. وأفادت مصادر محلية بسماع «دوي انفجارين كبيرين في مخيم جنين»، فيما دفع الاحتلال بمزيد من التعزيزات العسكرية والجرافات إلى أطرافه.
واعتقلت قوات الاحتلال 11 شخصاً، وواصلت الجرافات تدمير البنى التحتية ومدخل المستشفى الحكومي، كما حاصرت قوات الجيش مستشفيات المدينة، وقيّدت حركة الطواقم الطبية. ولا يزال القناصة يعتلون الأبنية، ويطلقون النار على كل جسم يتحرك، وسط حركة كثيفة لآليات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}