حَمَل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ملفات عدة، تتصدرها الحرب في أوكرانيا والتجارة وأزمة الهجرة في لقائه مع الرئيس الأميركي جو بايدن ظهر (الجمعة) في البيت الأبيض.

ويسعى سانشيرز، الذي يرأس حكومة يسار الوسط في إسبانيا، لدفع أجندة سياسية واقتصادية تركز على تعزيز قدرات أوكرانيا في القتال ضد القوات الروسية، ودفْع مشروعات تقوم بها الشركات الإسبانية في مجال مكافحة التغيّر المناخي، والتوجّه نحو تمكين الاتحاد الأوروبي من تحقيق استقلالية في إنتاج السلع الاستراتيجية، حتى لا تتكرر أزمة سلاسل التوريد التي ظهرت خلال جائحة «كورونا»، وهي قضايا تتوافق مع أجندة الرئيس الأميركي «الديمقراطية».

ويسعى سانشيز أيضاً إلى حل بعض الخلافات التجارية مع واشنطن، مثل المشكلات التي تواجهها صادرات الزيتون الإسبانية في الولايات المتحدة بسبب القيود الجمركية.

أما العلاقات العسكرية فهي المجال الأكثر تعاوناً بين واشنطن ومدريد، فقد سمح البلد الأوروبي بوصول اثنتين من المدمرات الأميركية الست التي ستتمركز في قاعدة «روتا» العسكرية في جنوب إسبانيا.

وفي ما يتعلق بالهجرة، سيناقش الزعيمان كذلك اتفاقيات الهجرة التي أبرمتها إسبانيا مع الكثير من دول أميركا الوسطى – المهاجرون الذين يأتون لموسم مع عمل منظّم ثم يعودون إلى بلدانهم – والتي أبدت الولايات المتحدة اهتماماً بها.

ويشارك في هذا البرنامج خلال الوقت الحالي نحو 2000 مهاجر من 4 بلدان هي (هندوراس، وغواتيمالا، وجمهورية الدومينيكان، والسلفادور)، لكن إسبانيا تريد توسيع نطاق هذه المبادرة، وجعلها أكبر كثيراً.

كما يتضمّن جدول الأعمال، قضية تنظيف «بالوماريس»، المنطقة الملوثة بالبلوتونيوم قبل 57 عاماً في حادث نووي، عندما اصطدمت قاذفة أميركية من طراز «B-52» في الجو بطائرة للتزود بالوقود، وأسقطت 4 قنابل هيدروجينية على ساحل ألميريا.

وفي عام 2015، وعدت واشنطن بنقل الأرض الملوثة إلى صحراء نيفادا، لكن هذه العملية لم تتحقق بعد، وسيحاول سانشيز تأمين بعض الضمانات للحصول على موعد نهائي للعملية.

لقاء استثنائي

وصفت الحكومة الإسبانية اللقاء بين سانشيز وبايدن بأنه لقاء استثنائي للعلاقات بين البلدين، ومن أكثر الأمور أهمية لها هو تغيير الموقف الدولي والأميركي من الصحراء الغربية، واستعادة علاقة مدريد المعقّدة مع المغرب، الجار الرئيسي والمهم بالنسبة إليها في مكافحة الهجرة غير النظامية.

ووصل سانشيز إلى واشنطن (الخميس)، وقدَّم لرئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي «وسام الصليب الأكبر من وسام إيزابيل الكاثوليكية»، وهو تكريم تمنحه الحكومة الإسبانية لكبار الشخصيات.

وذكر بيان الحكومة الإسبانية أن رئيس الوزراء أراد بهذا التكريم تسليط الضوء على «شجاعة رئيسة مجلس النواب السابقة ومثابرتها في دفاعها عن الديمقراطية وحقوق المرأة»، إضافة إلى عمل بيلوسي لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسبانيا، وبناء الجسور بين الثقافات المختلفة.

وتتزامن زيارة سانشيز إلى البيت الأبيض واجتماعه مع الرئيس بايدن مع بدء الاستعدادات للانتخابات المحلية والإقليمية في إسبانيا، ما قد يعطي زخماً لزعيم «حزب العمال الاشتراكي» الإسباني ورئيس الحكومة سانشيز قبل التصويت في 29 مايو (أيار) الحالي.

وفي هذا السياق، قال محللون إن جهود سانشيز أوتيت ثمارها، فقد سعت الحكومة الإسبانية إلى عقد هذا الاجتماع منذ أكثر من عامين لمناقشة أجندة مكثفة طرحها قبل يومين وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس في اجتماعه مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن.

والتقى سانشيز، بايدن لدقائق على هامش قمة «الناتو» في بروكسل عام 2021، وخلال قمة مدريد في يونيو (حزيران) 2022، كما تحدَّثا طويلاً في اجتماع غير رسمي خلال اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا في نوفمبر 2022.

الحرب في أوكرانيا

ومن المقرر أن تتولى إسبانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من يوليو (تموز) إلى ديسمبر (كانون الأول). وتركز استراتيجية رئيس الوزراء الإسباني على القضايا التي تعد أساسية أيضاً للولايات المتحدة، مثل الهجرة، والاستثمارات في التحول البيئي، لكن القضية التي تحتل الصدارة هي الحرب الروسية – الأوكرانية، وهي القضية الحاسمة في جدول أعمال الزعيمين، وفقاً للبيت الأبيض.

والتقى سانشيز الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف للتعبير عن دعمه أوكرانيا، كما التقى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي أعلن ضرورة البحث عن طريق بديل للسلام وإنهاء الحرب من خلال الوساطة، ويختلف ذلك عن مسار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وتشير تسريبات إلى رغبة الاتحاد الأوربي في تحميل الصين دور الوساطة للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ للتوصل إلى مفاوضات تؤدي إلى وقف لإطلاق النار والتسوية بين الطرفين.

يذكر أن سانشيز زار الصين في نهاية مارس (آذار) الماضي، والتقى الزعيم الصيني شي جينبينغ في ظل بحث مدريد عن مسار أوروبي في علاقتها مع بكين.

وتحدَّث محللون عن أن إسبانيا أصبحت جهة فاعلة دولياً وذات صلة بمسارات الحرب الروسية – الأوكرانية، وقد يكون هذا هو سبب اهتمام بايدن باستقبال سانشيز في واشنطن.

شاركها.
Exit mobile version