بعد إطلاق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، «مشروع تخصيص الأندية الرياضية واستثمارها» في يونيو (حزيران) الماضي، وما تلاه من الإعلان عن انضواء أندية كبرى تحت مظلة الشركات المحلية ومنها صندوق الاستثمارات العامة، تتطلع الكثير من الأندية في دوريات الدرجات الأولى والثانية والثالثة والرابعة إلى اللحاق بالركب مع اقتراب الربع الثالث والأخير من العام الحالي 2023، الذي ستبدأ معه مرحلة المسار الثاني والمتمثل بطرح عدد من الأندية الرياضية للتخصيص.

أندية في دوريات الظل السعودية تتطلع للنهوض من خلال مرحلة الاستثمار (الشرق الأوسط)

بداية تاريخية وخطوة نحو العالمية

كانت نواة المشروع العملاق والتاريخي، هي الموافقة على استثمار شركات كبرى وجهات تطوير تنموية في أندية رياضية مقابل نقل ملكية الأندية إليها. وشملت هذه الخطوة الرياضية التطويرية بوصفها مرحلة أولى، نقل ملكية 4 أندية؛ هي الاتحاد والأهلي والنصر والهلال إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 75 في المائة، كما أعلن الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، في المؤتمر الصحافي حينها.

وذلك كله بالإضافة لنقل ملكية نادي القادسية إلى شركة أرامكو السعودية، ونقل ملكية نادي الدرعية إلى هيئة تطوير بوابة الدرعية، ونادي العلا إلى الهيئة الملكية للعلا، ونادي الصقور في تبوك إلى شركة نيوم السعودية.

ويقوم المشروع على 3 أهداف استراتيجية؛ تتمثل في إيجاد فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي لتحقيق اقتصادٍ رياضي مستدام، ورفع مستوى الاحترافية والحوكمة الإدارية والمالية في الأندية الرياضية، إضافة إلى رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية لتقديم أفضل الخدمات للجماهير الرياضية، مما ينعكس بشكل إيجابي على تحسين تجربة الجمهور.

صناعة النجوم وزيادة الإيرادات

يهدف نقل الأندية وتخصيصها بشكل عام إلى تحقيق قفزات نوعية بمختلف الرياضات في المملكة بحلول عام 2030، لصناعة جيل متميز رياضياً على الصعيدين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى تطوير لعبة كرة القدم ومنافساتها بصورة خاصة، للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل (10) دوريات في العالم، وزيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من 450 مليون ريال إلى أكثر من 1.8 مليار ريال سنوياً، إلى جانب رفع القيمة السوقية للدوري السعودي للمحترفين من 3 مليارات إلى أكثر من 8 مليارات ريال.

الخليج يراهن على مفهوم النادي الشامل للحاق بالمشروع العملاق (تصوير: عيسى الدبيسي)

وتتأهب الكثير من الأندية السعودية في مختلف الدرجات لمشروع المسار الثاني والمتمثل في طرح عدد من الأندية للاستثمار في الربع الأخير من العام الحالي، إذ أكد عدد من مسؤولي الأندية لـ«الشرق الأوسط»، جاهزية أنديتهم لهذا المشروع الرياضي والوطني الكبير من خلال امتلاك منشآت مثالية وتوفر أدوات الحوكمة في منظومة العمل الإداري التي كانت خطواتها الأولى عبر مشروع استراتيجية دعم الأندية.

الخليج… «النادي الشامل» يعلن الجاهزية

كشف علي آل محسن، نائب رئيس نادي الخليج ومشرف الألعاب المختلفة، عن أن ناديه في مرحلة متقدمة من الجاهزية للاستثمار والتخصيص في ظل امتلاكه كل المقومات لذلك من حيث البنية التحتية والمنشأة والنشاط الكبير والتفوق الذي عليه الألعاب في الدرجات كافة، وهذا ما يجعل الخليج في مقدمة الأندية الجاهزة للخصخصة.

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بكل تأكيد هي خطة ومشروع وطني رياضي كبير، وهناك العديد من الخطوات التي تقوم بها وزارة الرياضة مع الجهات ذات العلاقة من بينها المركز الوطني للتخصيص، حيث إن كل الإمكانات موجودة لكي يدخل الخليج مرحلة التخصيص والاستثمار كونه يحقق كل المتطلبات اللازمة لذلك وبه أرضية صلبة في هذا الجانب».

جماهيرية العدالة قد تقوده للحاق بركب التخصيص في المرحلة المقبلة (تصوير: عيسى الدبيسي)

وقال إن ناديي الخليج والفتح من أكثر الأندية جاهزية بالمنظور العام، كونهما يملكان منشآت نموذجية وألعاباً مختلفة، حيث إن الاهتمام غير مقتصر على كرة القدم، بل في الكثير من الألعاب التي تحقق منجزات أيضاً، حيث إن فريق الخليج لكرة القدم في دوري المحترفين وغالبية الدرجات في الممتاز، كما أن لعبة كرة اليد متفوقة جداً في المملكة، وسيكون لها وجود جديد في كأس العالم للأندية بعد نحو 3 أشهر، وأيضاً الألعاب الجماعية الأخرى مثل الطائرة والسلة وغيرهما من الألعاب وحتى الفردية، وهذا حاصل أيضاً في نادي الفتح مع اختلاف بسيط في الألعاب التي يتفوق فيها كل نادٍ، في حين يملك كل نادٍ أيضاً مساحات يمكن من خلالها التطوير والتوسعة حسب الحاجة والكثير من عوامل النجاح.

وأشار إلى أن النادي في فترة الصيف يشهد نشاطاً كبيراً جداً وتفاعلاً من جميع الأهالي، حيث الأنشطة التي تنظم على أعلى مستوى، وهذا لا يوجد في الكثير من الأندية، إذ يتفوق الخليج وبعض الأندية في هذا الجانب، وهذا يعني أن النادي تتمثل فيه صفة «الحيوية» وخدمة الأهالي طوال العام وليس في فترات الموسم المعتادة.

وبين آل محسن أن شركة أرامكو السعودية سبق وأن رعت العديد من الأنشطة في النادي، وهناك شركات أخرى رعت الأنشطة وكان الانطباع إيجابياً جداً، مشيراً إلى أن نادي الخليج نال إشادة كبيرة وتاريخية من قبل الأمير خالد الفيصل حينما كان مسؤولاً عن النشاط الرياضي في المملكة، حيث قال كلمات خالدة عن نادي الخليج تتعلق بالعمل والتعاون والتعاضد وحب النادي والإنجاز طوال العام، ما منحه أكبر دعم في تلك الفترة تقديراً للجهود المبذولة.

العدالة يتباهى بالاستراتيجية… والجماهيرية

من جانبه، أوضح المهندس عبد العزيز المضحي، الذي رأس نادي العدالة لسنوات طويلة، أن النادي بُني على أساس متين واستراتيجية قوية لدخول عالم التخصيص والاستثمار، رغم أنه لا يملك منشأة رياضية نموذجية كحال العديد من الأندية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون عائقاً لأي شركة أو قطاع يود الاستثمار فيه.

وقال إن نادي العدالة لديه عدد كبير من الألعاب المتفوقة، ومن المهم أن يتم احتواؤها جميعاً في مقر واحد، وهذا لن يكون صعباً في ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الرياضة من أجل تحقيق ذلك «الحلم» لأبناء الحليلة، حيث سيساعد ذلك بكل تأكيد في تطور الألعاب ونهضتها وتعزيز الأنشطة التي يقوم بها أبناء النادي، وهذا المشروع سيرى النور بكل تأكيد، ويجب ألا يكون عدم وجوده حتى الآن له أثر سلبي على وضع النادي من حيث الدخول في مجال الخصخصة والاستثمار.

وأشار إلى أن فريق كرة القدم صعد مرتين لدوري المحترفين، وهذا منجز لم تحققه الكثير من الأندية التي تملك إمكانات أكبر، من بينها منشأة رياضية متكاملة.

كما أن جمهور فريق القدم نال الثالث في عدد الحضور في دوري المحترفين في الموسم المنصرم من بين أندية تعد جماهيرية على مستوى المملكة والخليج العربي، وهذا يؤكد أن أبناء الحليلة بشكل خاص وأبناء الأحساء بشكل عام لديهم ارتباط وثيق بنادي العدالة، وهذا مؤشر إيجابي بكل تأكيد.

ورأى أن الوضع الإداري والمالي والحوكمة وغيرها منتظمة في نادي العدالة، حيث إن النادي يحصل بشكل منتظم على شهادة الكفاءة المالية، وكذلك في مقدمة الأندية التي تحقق الحوكمة والدعم الخاص بها، وكل هذا التنظيم يعني أن الأرضية صلبة من أجل دخول النادي للاستثمار الذي سيكون له بكل تأكيد أثر إيجابي من حيث تعزيز الموارد المالية والمنافسة في كل الألعاب وتقديم خدمات أكبر وتأثير مجتمعي يتواكب مع الرؤية السعودية «2030».

الجبيل ينادي من مهد الصناعة

من جانبه، قال خالد الخاطر، رئيس نادي الجبيل، الذي صعد فريقه الكروي من دوري الثالثة إلى الثانية، إن النادي به أرضية صلبة ليكون ضمن الأندية الجاهزة للتخصيص في الفترة القريبة المقبلة، خصوصاً أنه يملك منشأة وملاعب فريدة من نوعها إلى درجة أن المنتخب السعودي الأول أقام معسكراً في نادي الجبيل قبل خوض نهائيات كأس آسيا «1984»، حينما كان خليل الزياني مدرباً للمنتخب، حيث كان سبب إقامة المعسكر في الجبيل هو وجود أرضية من العشب الطبيعي، ضمن 3 أندية فقط في المملكة في تلك الفترة.

وأضاف: «نادي الجبيل يمثل المدينة المصنفة بأنها المدينة الصناعية الأكبر في العالم، وتضم الجبيل كبريات الشركات الصناعية ولها قيمة اقتصادية عالية، ولذا أعتقد أنه يمكن لإحدى الشركات أو مجموعة منها الاستثمار في النادي ضمن خطط التخصيص وهذا سيكون له مردود إيجابي بكل تأكيد على مستقبل النادي، حيث سترتفع الموارد ويكبر الطموح ويتم تطوير حتى المنشأة الحالية ليكون لها دور أوسع».

وأشار إلى أن فريق الجبيل الكروي يلعب في دوري الدرجة الثانية، وهذا يعني أنه متقدم نسبياً عن بعض الأندية التي دخلت دائرة الاستثمار أو أن الحديث كثير عن دخولها قريباً، موضحاً أن مدينة الجبيل تملك كل المقومات التي تجعلها قادرة على التطور في المجال الرياضي والاستثماري، كونها من المدن التي تملك قيمة عالية واسماً كبيراً في عالم الصناعة والاستثمار فيها.

رأس تنورة… إمكانات جبارة وأحلام مؤجلة

من جانبه، قال علي بالحارث، رئيس نادي رأس تنورة، إن ناديه الذي يقع في المدينة التي يوجد بها أول مصفاة نفط وإحدى كبرى المصافي في العالم، يحتاج إلى عمل كبير من الصفر لمن يود الاستثمار فيه، حيث لا توجد منشأة وهناك عمل كبير يجب أن يتم للنهوض بهذا النادي الذي يحمل شعار «أرامكو»، وهو المصفاة النفطية التي تملكها الشركة العملاقة.

وأضاف: «الفريق الكروي في دوري الدرجة الرابعة، وهذا قد يكون أيضاً من العوائق في الدخول في الاستثمار والخصخصة سريعاً في ظل الحديث عن خطط لوجود الأندية التي يتم تخصيصها للوجود ضمن أندية الدرجات الأعلى، ولكن هناك جوانب إيجابية مساعدة على النهوض بالنادي وخدمة المستثمرين، من بينها امتلاك النادي أرضاً بمساحة 50 ألف متر مربع وعلى شارع تجاري، وهذا ما يمكن أن يساعد الشركات الكبرى مثل (أرامكو) أو حتى من لديها رأس مال يصل إلى 200 مليون ريال للنهوض بالنادي وتحقيق مكاسب استثمارية من خلال الاستفادة من الإمكانات المتاحة في هذا الجانب».

البكيرية… جاهزية ومنشأة نموذجية

أما عبد الرحمن الخصيف، رئيس نادي البكيرية، فقد أوضح أن النادي يمتلك منشأة نموذجية ولديه أرضية صلبة للدخول في مجال الخصخصة والاستثمار، إلا أن آلية التخصيص لم تعلن بشكل واضح فيما يتعلق بكل نادٍ وأن الإدارة ستعمل على التجهيز لهذه الخطوة متى ما تم الإعلان عن الآلية، مبيناً أن العديد من ألعاب النادي تحقق نجاحات، بينما عاد الفريق الكروي الأول إلى دوري الدرجة الأولى.

شاركها.
Exit mobile version