رغم توقيعه على مسودة في مارس (آذار) الماضي مع عدد كبير من المختصين وصناع التكنولوجيا تحذر من تداعيات التسابق السريع في قطاع الذكاء الاصطناعي ودعوته لـ«هدنة» بشأن تطوير برامجه؛ فإن أندرو بريجز الأستاذ الفخري للمواد النانوية بجامعة أكسفورد البريطانية العريقة يرى أن «المطالبة بحظر كامل لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الأغراض العسكرية قد يثير مخاوف من أن أوروبا تعطي الصين فرصة للهيمنة على الذكاء الاصطناعي المسلح».

وتحدث بريجز إلى «الشرق الأوسط» عن مسودة قانون «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» التي يجري إعدادها بواسطة الاتحاد الأوروبي، معتبراً أنها «محاولة للموازنة بين أن تقطع أوروبا خطوات متسارعة في مضمار الابتكار التنافسي بمجال الذكاء الاصطناعي، وأن تحافظ في نفس الوقت على الحقوق الأساسية للمواطن الأوروبي».

وقال بريجز، الذي يركز في جانب من أبحاثه على تخصص «الذكاء الاصطناعي»، إن «النصوص المقترحة للقانون الأوروبي، والتي تجري مراجعتها راهناً، ستحقق بعضاً من الراحة لأولئك الغاضبين من خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتحيزة؛ مثل تلك التي تقلل من التصنيف المهني للمرأة بشكل منهجي، وتقنيات التعرف على الوجه المعيبة التي دفعت الشرطة إلى اعتقال السود بشكل خاطئ في الولايات المتحدة، وتقييم طلبات القروض بشكل متحيز تجاه فئات معينة».

ويضيف أن «نصوص مشروع القانون تتضمن حظراً لبعض أشكال الذكاء الاصطناعي التي تعتبرها جماعات حقوق الإنسان أكثر عدوانية وغير أخلاقية، مثل تلك التي تتلاعب بالسلوك، ومنها خوارزميات التعلم الآلي التي تستهدف المواطنين بالرسائل السياسية عبر الإنترنت».

وأوضح الخبير، الذي شارك في التوقيع على العريضة التي أعدها الشهر الماضي معهد «فيوتشر أوف لايف» غير الربحي الأميركي، والتي تطالب بوقف أنشطة الذكاء الاصطناعي ستة أشهر، أن «اللوائح (الأوروبية) المقترحة فريدة من نوعها على مستوى العالم، وهي بمثابة رسالة أوروبية واضحة بإعطاء أهمية لحقوق المواطنين الأساسية».

ومع ذلك لا يخفي بريجز مخاوفه من «إساءة استعمال هذه المواد القانونية حال إقرارها لـ(خنق ابتكارات الذكاء الاصطناعي)». مستدركاً: «لسنا ضد حماية حقوق المواطنين، ولكن يجب أن تكون المواد واضحة ومحددة، حتى لا تسمح بتأويلات تؤدي إلى خنق الابتكارات، وتُخرج أوروبا من مضمار التنافس مع الولايات المتحدة والصين».

وفي إطار التوازنات ذاتها، يرى الأكاديمي الأوروبي أن «المطالبة بحظر استخدام الذكاء الاصطناعي في الأغراض العسكرية قد تكون (غير دقيقة)، ولكن يمكن حظر استخدامات بعينها، لأن الحظر العام في هذا المجال قد يثير مخاوف من أن أوروبا تعطي الصين الفرصة للهيمنة على الذكاء الاصطناعي المسلح»، وفق رؤيته.

ولفت إلى أن «نصوص القانون المقترح، يكتنفها بعض الغموض في تعريف (الذكاء الاصطناعي)، والذي يركز بشكل خاص على التعلم الآلي، ولكنه قد لا ينطبق على الجيل التالي من تقنيات الحوسبة، مثل الحوسبة الكمومية أو الحوسبة المتطورة».

وأضاف بريجز أن «هناك أسئلة مفتوحة حول التمييز بين الذكاء الاصطناعي عالي الخطورة والمنخفض الخطورة، وبينما تنطبق اللوائح فقط على النوع الأول، فإن المشكلة قد تأتي من الفصل بين النوعين، ما قد يسبب تمييزا تعسفيا يؤدي لحدوث مشكلات في المستقبل».

شاركها.
Exit mobile version