أنقرة – قنا

أجمع محللون سياسيون ومراقبون على أن أصوات الشباب سوف تحدث فارقا في انتخابات الرئاسة التركية والمقررة بعد غد الأحد، خاصة وأن هناك كتلة انتخابية شبابية سوف تصوت لأول مرة في تلك الانتخابات قوامها يقارب 5 ملايين ناخب وهم الشريحة التي ولدت خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية وبات لها حق التصويت الآن وفق قانون الانتخابات في تركيا، أي الذين تنطبق عليهم شروط الانتخاب لأول مرة، من قبيل دخول السن القانونية (18 عاما).

وبحسب اللجنة العليا للانتخابات في تركيا فإن 4 ملايين و904 آلاف و672 مواطنا يحق لهم لأول مرة المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقبلة، وفي حال الانتقال إلى جولة إعادة سوف يكون 47 ألفا و523 مواطنا آخرين من حقهم الإدلاء بأصواتهم لأول مرة، أما في خارج تركيا فسوف يكون هناك أكثر من 277 ألف مواطن في الخارج لهم حق المشاركة لأول مرة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، يضاف عليهم ألفان و435 ناخبا في حال بقاء الانتخابات الرئاسة للجولة الثانية.

ورغم اختلاف الآراء حول توجهات هؤلاء الشباب وهل سيصوتون لمرشح “تحالف الشعب” بقيادة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، أم سيتوجهون إلى مرشح “تحالف الأمة” المعارض بقيادة حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو باعتبارهم المنافسين المتقاربين في الشعبية والقاعدة الانتخابية، إلا أن الثابت في الأمر أن كل طرف حاول خلال الفترة الماضية كسب تأييد الشريحة الشبابية، وما يدفعهم للتحرك صوب هذه الفئة هو نتائج استطلاعات الرأي المتباينة حول توجهات هؤلاء الشباب في هذه الانتخابات.

وقد سعى تحالف المعارضة لاستقطاب الشباب إلى جانبه، خاصة وأن هذه الشريحة لم تستيقظ إلا على فترة حكم العدالة والتنمية، وبالتالي لم يشهدوا مرحلة التسعينات والثمانينات والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها تركيا، إضافة إلى قضية الخلاف على الحريات، ولهذا سيكون هناك تحدي بشكل رئيسي أمام الحزب الحاكم في اقناع هؤلاء الناخبين الشباب بالتصويت لصالح مرشحه وهو الرئيس الحالي أردوغان.

وكشف تقرير لمعهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا (TUSES)، أن معظم الشباب الذين سيصوتون لأول مرة هم من منطقة جنوب شرق الأناضول.

ويشير التقرير إلى أن هناك مليونا و166 ألف ناخب شاب في إسطنبول، و285 ألفا في إزمير، و176 ألفا في أنقرة، سيدلون بأصواتهم لأول مرة، وأن المحافظات التي ستشهد أعلى نسبة من الناخبين الشبان، هي شرناق وهكاري وسيرت وأغري، أما أقلها فهي موغلا وأوردو، وباليسكير وإزمير وبورصة.

ونظرا لأن أغلب الشباب يطالعون الأخبار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فقد اتجه جميع المرشحين الرئاسيين ومساعدوهم في حملاتهم الانتخابية إلى وسائل التواصل من أجل مخاطبة الشباب وكسب أصواتهم باعتبار أن هذا الجيل لا يميل كثيرا إلى مطالعة الأخبار عبر المواقع العادية أو الصحف أو حتى القنوات التلفزيونية.

وتشير المعطيات إلى أن الأكثر حضورا على وسائل التواصل الاجتماعي والذي يحرص دائما على توجيه رسائل للناخبين الشباب هو الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، حيث يبلغ عدد متابعيه على موقع التواصل الاجتماعي /تويتر/ أكثر من 20 مليونا، وعلى /انستغرام/ 10.9 مليون، و/تيك توك/ نحو 460 ألف متابع.

ويلي أردوغان، منافسة الأقرب كمال كليجدار أوغلو مرشح “تحالف الأمة” المعارض، والذي يبلغ عدد متابعيه على /تويتر/ 9.9 ملايين، وعلى /انستغرام/ مليون و700 ألف، و/تيك توك/ نحو 528 ألف متابع.

وبحسب دراسات واستطلاعات رأي سابقة، فإن الفئة الشبابية التي ستصوت في هذه الانتخابات للمرة الأولى لديها فئة مرجعية من (50 – 69) سنة تأخذ برأيها وتصوت بما يتماشى مع سلوكها وهؤلاء عادة ما يكونوا من أفراد العائلة ويكون تأثيرهم أقوى من وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها على الناخبين الشباب.

ولأن الحكومة التركية الحالية تدرك جيدا أن هناك من فئة الشباب من هو غير راض عن الأوضاع الاقتصادية الحالية وكثير من المشاكل الأخرى مثل البطالة وغيرها وكانوا يتطلعون إلى مستوى معيشي أفضل وأكثر رفاهية ونظرا لأنهم لم يشهدوا ما عانته البلاد من مشاكل سابقة قبل حكم حزب العدالة والتنمية، فقد سعت الحكومة والحزب الحاكم إلى تكثيف المشاريع والفعاليات الخاصة بفئة الشباب، بهدف إقناعهم بالتصويت لصالح أردوغان في هذه الانتخابات، وفي الوقت نفسه تقدم جبهة المعارضة وعودا كثيرة لجيل الشباب لكسب أصواتهم.

وقال الدكتور برهان كورأوغلو أستاذ الفلسفة السياسية في معهد الشرق الأوسط بجامعة مرمرة، إن موضوع الشباب محل اهتمام كبير، وإذا نظرنا إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية دامت 20 سنة تقريبا، فغالبية جيل الشباب ولدوا بعد بدء حكمهم ولم يعرفوا فترة الأحزاب السابقة، رغم أن بإمكانهم أن يطلعوا عليها من خلال وسائل الإعلام أو كتب التاريخ، ولكن عاشوا هذه الفترة وكونهم شباب ينتقدون ما هو موجود، لكنهم لا يعرفون عن إخفاقات الحكومات خلال السنوات التي سبقت حزب العدالة والتنمية.

وأضاف كورأوغلو خلال تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن الشباب بدأوا مؤخرا يروا انشقاقات داخل صفوف المعارضة وخلافات عميقة بينهم، وكذلك أجندة غربية لدعم المعارضة وهذه تضع علامة استفهام كبيرة أمام الشباب التركي، ويسألون أنفسهم هل نحن بدعم المعارضة سيكون لصالحنا أم لا؟ .

وأشار الى أن الشباب ينظروا إلى القضايا المتعلقة بالوضع الاقتصادي وهي أوضاع بالطبع صعبة، ولكنها ليست في تركيا وحدها، بل تعاني منها دول عديدة في العالم، لكن هناك موضوعات أخرى مهمة تؤخذ في الاعتبار لدى الشباب مثل الحرية الذاتية للدولة أو مثلا التوجه الجديد في العالم، موضحا أن الحكومة الآن تبني للمستقبل واتباع سياسات متحررة من سيطرة الدول الكبرى.

وأكد كورأوغلو أن الشباب التركي منقسم إلى قسمين، ما بين من يريد تغيير الحكومة، ومن يرى أن التغيير يجب أن يحدث بشكل شامل وأردوغان لديه القدرة على فعل ذلك، وبالتالي الشباب ليسوا متفقين على رأي واحد حتى الآن.

وكان السيد عثمان نوري كاباك تبيه رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول، قد أكد في تصريح خاص لـ/قنا/ على أهمية أصوات الشباب في إحداث الفارق بنتائج الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه ركز على الشباب قائلا “نحن مع الشباب، ولا نراهم كأشياء، بل كموضوعات وأكبر دليل على ذلك هو قوائم الوكلاء الخاصة بحزب العدالة والتنمية”.

وأضاف تبيه أن الحزب يؤمن ويدعم مشاركة الشباب في عمليات اتخاذ القرار، مبينا أن كل عامل يتعلق بالمجتمع يؤثر حتما على نتائج الانتخابات، وأن الإجابة على سؤال، من تعتقد أنه سيوفر الحل للمشاكل في استطلاعات الرأي العام، هو رجب طيب أردوغان إلى حد بعيد، مضيفا: عندما نسأل شعبنا، أين الحل، نحصل على إجابة وهي حزب العدالة والتنمية وأردوغان لأن هناك فرقا كبيرا بين “الفعل بالقول” و”القول بالفعل” في السياسة. ولقد أظهرنا ذلك مرة أخرى من خلال نجاح إعادة الإعمار التي حققناها بعد الزلزال.

من جانبه قال فراس رضوان أوغلو كاتب صحفي مختص في الشؤون التركية والإقليمية، إن أصوات الشباب هي الأهم في الانتخابات الرئاسية بتركيا لذلك لاحظنا القائمة الانتخابية لكل طرف أظهرت لائحة الشباب، ونسبة الشباب كبيرة جدا تتراوح بين 20 إلى 30% من القوة الانتخابية وترجح طرف على حساب طرف آخر، وهذا ما رجح أكرم إمام أوغلو في الانتخابات السابقة، وبالتالي الشباب أصواتهم مهمة جدا في هذا الأمر.

ويتنافس على رئاسة تركيا 3 مرشحين بعد انسحاب محرم إنجه أمس الخميس، لكن من المتوقع أن ينحصر السباق بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح تحالف الأمة كمال كليجدار أوغلو.

ويشارك 24 حزبا في الانتخابات بعد تقليص العدد من 36 بسبب الدخول في قوائم مشتركة أو تحالفات، بالإضافة 151 مرشحا مستقلا في الانتخابات البرلمانية التركية يستهدفون الفوز بأصوات من يحق لهم الانتخاب وعددهم 64 مليونا و113 ألفا و941 ناخبا.

شاركها.
Exit mobile version