تشهد تركيا جولة أخرى من الحراك السياسي على خلفية دعوة زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين، عبد الله أوجلان، إلى السلام عبر حل «الحزب» وإلقاء أسلحة جميع المجموعات المرتبطة به.
وطالبت أحزاب تركية بتحرك البرلمان لوضع الأساس القانوني لحل المشكلة الكردية وتنفيذ دعوة أوجلان، التي أطلقها من سجنه في جزيرة إيمرالي جنوب بحر مرمرة غرب تركيا في 27 فبراير (شباط) 2025، محذرة من محاولات الحكومة استغلالها لتحقيق مآرب خاصة.
وبدأ حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد في تركيا، جولة جديدة من اللقاءات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، لبحث الخطوات اللاحقة لدعوة أوجلان التي جاءت بناء على مبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، الشريك الرئيسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، أطلقها من البرلمان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، من أجل «تركيا خالية من الإرهاب».
دور البرلمان
والتقى الوفد، الذي ضم الرئيسين المشاركين للحزب، تولاي حاتم أوغولاري، وتونغر باكيرهان، وعدداً من نواب الحزب في البرلمان، الاثنين، زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، بمقر حزبه في أنقرة.
وأكد أوزال، في مؤتمر صحافي مشترك مع أوغولاري وباكيرهان، ضرورة وضع البرلمان اللوائح القانونية اللازمة لحل المشكلة الكردية. وقال إن حزب «الشعب الجمهوري» أوشك على الانتهاء من إعداد «حزمة ديمقراطية»، «إذا نُفذت فسيحقَّق تقدم كبير في القضية الكردية، أما إذا استُبعدنا، وقُوضت العملية، ولم تُحل هذه المشكلة خلال هذه الفترة؛ فسيسجل حزب (العدالة والتنمية) الحاكم نفسه في صفحات التاريخ بوصفه حركة سياسية أهدرت الحل الديمقراطي للمشكلات من أجل مصالحها الخاصة ومكاسبها الشخصية».
وحذر بأن «تركيا كلها ستكون خاسرة إذا أدار الحزب الحاكم العملية بالطريقة التي أدار بها مفاوضات السلام الداخلي وحل المشكلة الكردية في المدة بين عامي 2013 و2015»، لافتاً إلى أنه «لو كانت هذه العملية أُديرت كما ينبغي، ولم يُستبعد البرلمان والمعارضة ومختلف ممثلي المجتمع، لما سُفكت الدماء وسالت الدموع منذ ذلك الحين».
وعن بيان رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، الذي أصدره الأحد، وطالب فيه «حزب العمال الكردستاني» بحل نفسه وإلقاء جميع مجموعاته؛ بما فيها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، أسلحتها فوراً ودون شروط استجابة لدعوة أوجلان، قال أوزال: «إذا كان السيد بهشلي يعتقد أن هذه المشكلة ستُحل بهذه الطريقة ويقول إنه لا حاجة إلى إجماع اجتماعي، ولا حاجة إلى معارضة، ولا حاجة إلى برلمان، فينبغي عليهم ألا يقولوا إن هذه فرصة ينبغي عدم تفويتها». وأضاف: «هناك مشكلة في هذا البلد، والطريقة الوحيدة لحلها هي عبر الديمقراطية، والديمقراطية تجري من خلال اللوائح القانونية، والمنتدى الذي توضع فيه اللوائح هو البرلمان».
أساس قانوني
بدورها، أكدت الرئيسة المشاركة لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تولاي حاتم أوغولاري، «ضرورة توفير الأساس القانوني للعملية الديمقراطية التي بدأت مع دعوة أوجلان، التي فتحت صفحة جديدة في هذه العملية». وقالت إن «الخطوة المهمة التي يجب اتخاذها من الآن فصاعداً يجب أن تكون على أرض البرلمان، ومن المهم للغاية أن تبدأ عملية (إضفاء الشرعية) على هذه العملية».
ولفتت إلى أن أوجلان دعا «حزب العمال الكردستاني» إلى حل نفسه وإلقاء أسلحته، ورد «الحزب» بشكل إيجابي، و«أعطوا معلومات تفيد بأنهم سيبدأون هذه العملية بمجرد تهيئة الظروف وتهيئة الأرضية التي يمكنهم من خلالها عقد مؤتمرهم؛ لأنه لكي تتم عملية الإنهاء هذه، ولكي يتم التحول الديمقراطي، فلا بد من تهيئة الأرضية بشكل قوي».
وعما إذا كانت دعوة أوجلان تشمل «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي مسألة مثيرة للجدل خصوصاً أن دعوة أوجلان لإلقاء السلاح تشمل جميع المجموعات المرتبطة بـ«حزب العمال الكردستاني»، قال الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونغر باكيرهان: «لا يمكننا أن نكون المخاطبين بقضية تتعلق بـ(قوات سوريا الديمقراطية)، التي تأسست في سوريا منذ نحو 12 عاماً وتشكل هيكلاً منظماً ضمن المعادلة السورية. لقد كانت هناك حكومة مع شعوب ومعتقدات أخرى، لذلك، فحزبنا ليس لديه ما يقوله بشأن إلقاء هذه القوات أسلحتها، ومن خلال بيان السيد أوجلان، يمكننا أن نرى بوضوح مَن تشمله الدعوة».
دور الدولة
كما زار وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» حزب «العمل» التركي، وعقد اجتماعاً مع رئيسه سيد أصلان، ونائبيه بالبرلمان، وعدد من مسؤوليه.
وأكد أصلان، في مؤتمر صحافي مشترك عقب اللقاء، أن على الدولة أيضاً أن «تتخذ خطوات لإخراج القضية الكردية من دوامة الحرب، وتأسيس أرضية ديمقراطية»، مضيفاً: «من غير المقبول أن تظل الدعوة (دعوة أوجلان) معلقة».
وقال إن «رفع العزلة في إيمرالي (أي إنهاء عزلة أوجلان بعد 26 عاماً في السجن الانفرادي)، وإعلان العفو السياسي العام، وإنهاء سياسات الوصاية، والضغط على المؤسسات الديمقراطية التي تشارك في السياسة، ووقف العمليات العسكرية عبر الحدود، وعودة رؤساء البلديات المنتخبين الذين عزلتهم الحكومة إلى مناصبهم… سيكون مهماً للتحول الديمقراطي في تركيا».
بدوره، قال باكيرهان إن «نجاح العملية الديمقراطية ممكن بالمشاركة الفعالة للديناميكيات المنظمة للمجتمع والمعارضة الاجتماعية والسياسية في هذه العملية»، عادّاً أن دعوة أوجلان «ليست موجهة للأكراد أو لحزب (الديمقراطية والمساواة للشعوب) فقط، بل إلى 85 مليون شخص في تركيا، وقوى الديمقراطية، والنساء، والشباب؛ للنضال من أجل تركيا الديمقراطية الخالية من الصراع والحرب».
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}