|

“لطالما سمعنا أن تفاحة يوميا تبعدنا عن الطبيب، ولكن كيف ذلك؟ إذا كان التفاح ليس مفيدا للرؤية، لأنه لا يحتوي على الكثير من فيتامين (أ) مثل الجزر، وليس مصدرا مميزا لفيتامين (ب)، ولا يقاوم نزلات البرد كما يفعل البرتقال”، هذا ما كتبته أستاذة التغذية بجامعة ولاية تينيسي الأميركية الدكتورة جانيت كولسون في مقالها على موقع “ذا كونفرزيشن” في أغسطس/آب الماضي.

فعندما أُطلق المثل الشهير “تفاحة في اليوم تُغني عن الطبيب”، لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1866، لم يكن أحد يتوقع أن يتحول إلى ما يُشبه الحقيقة التي لا تقبل الجدال، إلى أن بدأ الخبراء يعيدون النظر فيه بمرور السنين، بعد أن وجدوا أن “التفاح، ورغم فوائده الصحية المؤكدة، لكنه لا يتفرد بهذه الفوائد دون بقية الفواكه الأخرى”، وأن تناول معظم أنواع الفاكهة أو الخضروات مع الأطعمة الصحية، ضمن نظام غذائي متوازن، “هو ما يساعد في الوقاية من الأمراض”، وفقا لما نشرت صحيفة “يو إس إيه توداي” مؤخرا.

وفي عام 2015، قام فريق أميركي بتحليل أنماط تناول التفاح وعدد زيارات الطبيب بين أكثر من 8 آلاف شخص بالغ، تناول حوالي 9% منهم تفاحة واحدة يوميا، ووجد الباحثون أن “الذين يتناولون التفاح يوميا يستخدمون أدوية أقل نسبيا من أولئك الذين لا يتناولون التفاح، لكن عدد زيارات الطبيب كان متساويا تقريبا بين من يأكلون التفاح يوميا، وبين من لا يواظبون على ذلك”.

فوائد التفاح

وفقا لكلية الصحة العامة بجامعة هارفارد، فإن تناول التفاح “يساعد في كل شيء، بدءا من فقدان الوزن وحتى صحة القلب”.

فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2004 أن استهلاك التفاح بانتظام “يُقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة”، وأشارت إلى أن قشور التفاح تُعد مصدرا جيدا لمركبات “الفلافونويد”، التي تساعد الجسم على مقاومة الفيروسات والالتهابات، “وترتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية”.

يُعد التفاح مصدرا جيدا للكربوهيدرات التي تمنحنا الطاقة كما يحتوي على الألياف ومضادات الأكسدة (شترستوك)

كما وجدت أبحاث أجريت عام 2022 أن مادة “البوليفينول” في التفاح، تساعد في “خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني”.

ويحتوي التفاح أيضا على فيتامين “سي” الذي له خصائص مضادة للأكسدة، تساعد على “امتصاص وتخزين الحديد، وتعزيز جهاز المناعة، وإنتاج الكولاجين لصحة الشعر والبشرة والأظافر”.

بالإضافة إلى محتواه من البكتين، “وهو نوع من الألياف التي تعمل عمل البريبايوتيك لمساعدة القولون على أداء وظيفته”، وفقا لاختصاصية التغذية، دانييل كرمبل سميث.

كما يساهم البكتين في “تقليل كمية السكر والدهون التي يمتصها الجسم، وخفض مستويات الكوليسترول الضار، مما يساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب”.

وبحسب اختصاصية التغذية، جيل وايزنبرغر، التي أوضحت أن تناول التفاح “يمكن أن يساعد في إدارة الوزن بشكل صحي”، باعتباره وجبة خفيفة منخفضة السعرات الحرارية، من السهل وضعها في حقيبتك وتناولها أثناء التنقل، “لتحل محل الكعك أو رقائق البطاطس”.

من ناحيتها، أكدت اختصاصية التغذية، آبي لانغر، أن “التفاح يُعد مصدرا جيدا للكربوهيدرات التي تمنحنا الطاقة، كما يحتوي على مزيد من الألياف ومضادات الأكسدة، التي تساعد في تعزيز الصحة”. ولأنه يحتوي على الكثير من الماء، “فهو مرطب جيد”.

بعض مشاكل تناول تفاحة كل يوم

ومقابل كل هذه الفوائد، يُشدد أستاذ مساعد طب الأسرة في كلية الطب بجامعة فيرجينيا الدكتور، آرون هارتمان، على أهمية التأكد من “التنوع في نظامك الغذائي”، معتبرا أن اتباع نهج واحد في تناول الأطعمة، مثل أن نأكل التفاح فقط لأنه أكثر فائدة، “يحرمنا من جميع الفوائد الصحية الرائعة للفواكه الأخرى”.

يعد التفاح من الأطعمة المدرجة في قائمة الفواكه والخضروات التي من المرجح أن تحتوي على بقايا مبيدات الآفات (غيتي)

فالتفاح مفيد حقا، لكن هذا لا يعني أنه يجب علينا التركيز على تناول تفاحة كل يوم بدلا من الفواكه الأخرى، “بالإضافة إلى أن هذا لن يعالج آثار العادات الغذائية السيئة الأخرى”.

كما يعد التفاح من الأطعمة ذات الألياف العالية، المسببة للغازات والانتفاخ واضطرابات الجهاز الهضمي بعد تناولها، “بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون بالفعل من مشاكل في المعدة، أو متلازمة القولون العصبي “فتناول تفاحة كل يوم يمكن أن يضاعف هذه المشكلات”.

ويحذر الدكتور هارتمان من أن التفاح من الأطعمة المدرجة في “قائمة الفواكه والخضروات التي من المرجح أن تحتوي على بقايا مبيدات الآفات”، ويوصى بالتأكد من غسله تماما أو شراء العضوي منه، وتناوله باعتدال، “لأن تناوله بكثرة يوميا يمكن أن يعرضنا لكمية أكبر من السموم”.

أهمية تنويع أصناف الفاكهة

“في الحقيقة، إن تناول تفاحة في اليوم ليس وصفة مجانية لتجنب زيارة الطبيب”، كما يقول نيكيت سونبال، اختصاصي الجهاز الهضمي في نيويورك.

مُضيفا أنه “رغم أن التفاح لديه عدد كبير من الفوائد الصحية، والذين يأكلونه في كثير من الأحيان ربما يكونون أقل عرضة لاستعمال الأدوية، لكنه ليس علاجا، فلا يزال هناك أشخاص يأكلون التفاح كل يوم، ولكنهم يعانون من السرطان وأمراض القلب والمشاكل الصحية الأخرى”.

وتقول الخبيرة وايزنبرغر “على الرغم من كل فوائده، ليس من الدقة الادعاء بأن التفاح أكثر صحة من الفواكه الأخرى”، فجميع الفواكه صحية ومغذية ولكن بأشكال مختلفة، لذلك فإن تناول مجموعة متنوعة من الفاكهة “هو أفضل طريقة لحصد ثمار فوائدها الصحية”.

وهو ما يقتضي تنبيه الناس إلى أهمية تنويع الفاكهة -وكذلك الخضروات- وعدم الاقتصار على نوع واحد، “حيث إن هناك أصنافا من الفاكهة تتفوق على التفاح”.

فواكه تنافس التفاح

وفقا للخبراء، تأتي هذه الفواكه الثلاثة في مقدمة منافسي التفاح:

تعد الكمثرى من الفواكه التي قد تحتوي فوائد أكثر من التفاح (شترستوك)
  • الكمثرى: فإلى جانب أنها ذات ملمس أكثر نعومة وسلاسة مقارنة بالتفاح، فإنها تتمتع أيضا بطعم أحلى وأغنى، كما أنها أهدأ نكهة، وتحتوي على ألياف وتعزز الشعور بالامتلاء أكثر من التفاح. الكمثرى أيضا معروفة باحتوائها على العديد من مضادات الأكسدة المهمة لتقليل الالتهاب ودعم صحة العظام، وهي مليئة بفيتامينات “سي” و”كيه” الضروري لتخثر الدم وصحة العظام والقلب، وكذلك البوتاسيوم، الذي يساعد في الحفاظ على ضغط دم صحي.
  • البرتقال: فهو يحتوي على فيتامين “سي” أكثر من التفاح، ويتفرد بمادة كيميائية لها خصائص مضادة للسرطان، ليست في التفاح، تسمى “نارينجين”، بحسب الدكتور هارتمان.
  • التوت الأزرق: فهو يحتوي على مزيج متميز من البوليفينول، ويغطي 14% من حاجتنا اليومية من فيتامين “كيه”، أكثر من التفاح، ومحتواه من المنغنيز المهم للمناعة وصحة العظام، يزيد 10 مرات عن محتوى التفاح منه.
شاركها.
Exit mobile version