في خضم التكالب الذي شهده العالم، بحثا عن أفضل العقاقير والمكملات لتقوية المناعة وتعزيز الصحة، في مواجهة هجوم جائحة كورونا، اكتسب “اللبأ البقري” شهرة في المساعدة على رفع مستوى الصحة المناعية للإنسان، لغناه الملحوظ بالأجسام المضادة والفيتامينات والمعادن الأخرى.

وانتشر على نطاق واسع، سواء في حالته الطبيعية كحليب بقري سائل، أو في شكل مسحوق وحبوب مكملات غذائية، يتم الترويج لها بين البالغين، لتحسين المناعة، وتهدئة الاضطرابات الهضمية وتقليل الالتهاب وتسهيل تعافي العضلات لدى الرياضيين المحترفين، وفقا لما ذكره موقع “فورتشن”.

وذلك ضمن سوق عالمية لمكملات الصحة المناعية، بلغ حجمها في عام 2020 أكثر من 55 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 11% على أساس سنوي حتى عام 2028، بحسب التقرير الصادر عن شركة “غراند فيو للأبحاث”.

قد تساعد المركبات الموجودة في اللبأ البقري في منع الإسهال المرتبط بالعدوى البكتيرية والفيروسية (بيكسلز)

المُكمّلات الغذائية مجرد أداة تكميلية

كشف مسح أجراه “مجلس التغذية المسؤولة” (سي آر إن) لعام 2022 حول المكملات الغذائية، أن 75% من الأميركيين يستخدمون المكملات الغذائية، معظمهم بشكل منتظم.

لكن من المهم أن نتذكر أن اتباع نظام غذائي صحي هو الطريقة الأساسية لتوفير الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة التي نحتاجها، أما المكملات الغذائية فهي “مجرد أداة تكميلية، لإعطاء الجسم الدعم اللازم عندما نفتقر إلى بعض العناصر الغذائية”، كما تقول الدكتورة كارا بيرنشتاين، اختصاصية التغذية الأميركية المعتمدة والخبيرة في رعاية مرضى السكري، مُؤكدة أن “المكملات الغذائية لن تمنحك ما يقدمه الغذاء الحقيقي أبدا، فهي ببساطة يمكن أن تساعدك، لكنها لن تكون بديلا عن الغذاء”.

وأوضحت أنه “سيكون أمرا رائعا لو اكتفينا بتناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، للحصول على ما نحتاجه من الإمدادات الغذائية”.

وإن كان هذا لا ينفي أن هناك أوقاتا قد تصبح فيها المكملات الغذائية ضرورية، بسبب عدم الحصول على التغذية المثالية، أو لظروف التقدم في العمر. وفي هذه الحالة يجب استشارة الطبيب قبل البدء في تناول أية مكملات، للتأكد من أنها لن تتفاعل مع أدوية نتناولها، أو تعرضنا لمشاكل صحية أخرى.

اللبأ البقري ليس مُكمّلا غذائيا خارقا

أصبحت مكملات اللبأ البقري شائعة في السنوات الأخيرة، باعتبار أنها قد تعزز المناعة، وتحارب العدوى، وتحسن صحة الأمعاء، وفقا لموقع “هيلث لاين”.

واللبأ أو “الكولوستروم”، هو أول حليب تُدِرّهُ أمهات البشر والأبقار والثدييات الأخرى بعد ولادة طفل جديد مباشرة ولأيام معدودة، ويكون أكثر سُمكا واصفرارا من الحليب المعتاد، ويتميز بمحتواه الغني بالعناصر الغذائية والأجسام المضادة، ومضادات الأكسدة لبناء الجهاز المناعي، بحسب تعريف “كليفلاند كلينك”.

اللبأ هو أول حليب تُدِرّهُ أمهات البشر والأبقار والثدييات الأخرى بعد ولادة طفل جديد مباشرة ولأيام معدودة (بيكسلز)

لكن الدكتور جيسي براكامونتي، اختصاصي طب الأسرة بولاية أريزونا، يقول رغم أن اللبأ البشري يوفر حماية إضافية للمناعة المبكرة لأطفال البشر في طريقهم من المستشفى إلى الحياة، لكن الدراسات حول فوائد اللبأ البقري تبقى محدودة، وإن كانت هناك بعض الأسباب الوجيهة لإدخاله في نظامنا الغذائي، وفقا لأبحاث حديثة أظهرت بعض النجاح في علاج الإسهال الحاد، ومنع التهابات الجهاز التنفسي الموسمية.

بالإضافة إلى أنه يتمتع بفوائد مثل البروتينات والدهون والمعادن ومضادات الأكسدة والفيتامينات التي تساعد الجسم، لكنه محظور على من لديهم حساسية من منتجات الألبان أو اللاكتوز.

أما كيري غانز، وهي مؤلفة وأخصائية تغذية معتمدة في نيويورك، فتوضح أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد قدرات اللبأ العلاجية، لكن الخبر السار هو أن الباحثين لم يجدوا ضررا من تناوله.

3 فوائد محتملة لتناول اللبأ ومُكمّلاته

تشير الأبحاث إلى أن اللبأ البقري قد يقوي جهاز المناعة، ويعزز صحة الأمعاء، ويحارب الالتهابات التي تسبب الإسهال.

صحة الأمعاء: تُظهر الدراسات أن اللبأ البقري، قد يقوي الأمعاء ويقلل التهابات الجهاز الهضمي، من خلال تحفيز نمو الخلايا المعوية، وتقوية جدار الأمعاء لمنع تسرب الجزيئات منها إلى بقية الجسم. فقد وجد باحثون بولنديون أجروا دراسة عام 2017، أن مستويات الزونولين (بروتين يؤثر سلبا على حيوية وسلامة الحاجز المعوي للأمعاء الدقيقة) انخفضت لدى رياضيين تناولوا مكملات اللبأ البقري لمدة 3 أسابيع.

وفي مقابلة نشرتها دورية “الطب التكاملي: مجلة الأطباء” عام 2020، ذكر الدكتور مايكل رويزن، كبير مسؤولي الصحة في مستشفى “كليفلاند كلينك”، أن إحدى الخصائص الواعدة للبأ، هي قدرته على تثبيت وتقوية الحاجز المعوي، ليكون بمثابة حائط صد لحماية الجسم من المرض والعدوى عن طريق الأمعاء، والمحافظة على سلامة الميكروبيوم المعوي.

لا يوجد أي مكمل يمكن أن يفوق أهمية تناول الأطعمة الكاملة والنوم الجيد وممارسة التمارين الرياضية بانتظام (شترستوك)

منع وعلاج الإسهال: فوفقا للأبحاث، فقد تساعد المركبات الموجودة في اللبأ البقري، وخاصة مجموعة الأجسام المضادة وبروتين اللاكتوفيرين، في منع الإسهال المرتبط بالعدوى البكتيرية والفيروسية”.

وتقول اختصاصية مشاكل الجهاز الهضمي، لورين هاوسر، “إنها تنصح مرضاها بدمج اللبأ البقري في تغذيتهم بانتظام، لمعالجة صحة الأمعاء، ففيه الكثير من الفوائد المحتملة، والحد الأدنى من الجوانب السلبية”.

موضحة أن “الشخص المصاب بالإسهال الحاد أو الذي يتعامل مع بدايات مرض مناعي ذاتي، مثل مرض الاضطرابات الهضمية -على سبيل المثال- يمكن أن يستفيد من تأثيرات اللبأ على الأمعاء”.

تقوية جهاز المناعة: فقد أشارت دراسة نشرت في عام 2009، إلى أن اللبأ البقري ومكملاته قد يقوي جهاز المناعة ويساعد الجسم على مقاومة الأمراض، بسبب “تركيزه العالي من الأجسام المضادة التي تحارب الفيروسات والبكتيريا”.

كما يقترح براكامونتي تناول اللبأ خلال موسم البرد والإنفلونزا، لدرء خطر التهابات الجهاز التنفسي العلوي، وفقا  لدراسة أجريت عام 2023، وأظهرت أن تناوله يمكن أن يقلل عدد أيام المرض وشدة أعراضه، ويُنبه إلى أنه ليس من الضروري تناوله يوميا وبشكل مستمر، ولكن للوقاية من عدوى الجهاز التنفسي وتعزيز المناعة، يمكن تناوله لمدة أطول، بعد التحدث مع الطبيب لتحديدها.

يتميز اللبأ البقري بمحتواه الغني بالعناصر الغذائية والأجسام المضادة ومضادات الأكسدة لبناء الجهاز المناعي (بيكسلز)

التأثيرات الجانبية

تحذر كيري غانز من أن هناك فرصة ضئيلة لتأثيرات جانبية يجب مراعاتها، حيث يمكن في حالات نادرة أن تتسبب مكملات اللبأ البقري الغذائية في الغثيان والإسهال.

وتشدد على حقيقة أنه لا يوجد أي مكمل يمكن أن يفوق أهمية تناول الأطعمة الكاملة والنوم الجيد وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

شاركها.
Exit mobile version