الحمار في مدينة لامو على الساحل الكيني ليس كغيره في مناطق أخرى، إذ له الأولوية في الطريق، وتكرمه المهرجانات، ويهتم به الناس نظراً للدور المميز الذي يقوم به في حياة أهل هذه الجزيرة.

وقد وصل عدد الحمير في جزيرة لامو إلى 25 ألفا (عام 2015) ويوجد منها 3 آلاف بالمدينة القديمة، ويعرف الناس أصلها ونسبها وتواريخ ميلادها، بل ويسجلونها رسمياً بالدواوين الحكومية.

ونهاية مارس/آذار 2015، ولدت أنثى حمار من ذكر بحريني وأنثى صومالية، فكتب على عنقها الحرف “كاف”. ويقول صاحبها إنه الحرف الأول من اسمه “قاسم”.

في السابق والحاضر يعتمد سكان لامو على الحمار في قضاء أعمالهم (الجزيرة)

وأُدخلت “كاف” المركز الصحي للاعتناء بساقها المكسورة إذ تعثرت وهي ما زالت حديثة الولادة، ولُفّت ساقها بعصا وقماش للحفاظ على نمو الساق مستقيمة.

ويقول محمد عثمان المشرف على علاج “كاف” إنها ستمكث هنا إلى أن تشفى بالكامل، وقد تمكث شهرا أو شهرين، وصاحبها يصطحب “أم كاف” يومياً لقضاء بعض الوقت في المركز الصحي.

اهتمام كبير

تتجسد العلاقة الإنسانية بين الحمير وأصحابها بالمركز الصحي، حيث يجلب الجميع حميرهم هنا للكشف الدوري وأخذ العلاج المجاني وتقليم الأظفار. ويقول صابر حاج وهو يقوم بتقليم أظفار الحمير لصالح المركز “كل صاحب حمار لديه علامة في عنق الحمار تميزه عن بقية الحمير، والناس يحترمون هذه العلامات ويرضون بها، ويعرفون الحمار بها إن ضاع”.

حمار مولود حديثا ينسب إلي صاحبه قاسم ويحمل الحرف الأول من اسمه باللغة الإنجليزية علي رقبته-الجزيرة
جحش ينسب لصاحبه قاسم ويحمل الحرف الأول من اسمه (الجزيرة)

يقول أحمد بوش رئيس مهرجان لامو الثقافي سنة 2015 لمجلة الجزيرة “للحمار قصة طويلة مع سكان الجزيرة، ولا أعتقد أن الحياة يمكن أن تتبدل في المستقبل”. ويري أنه مع طبيعة المدينة وحياة الجزيرة لا يمكن أن يستغني الناس عن الحمار. ويضيف متباهيا “لقد بلغ سعر الحمار 55 ألف شلن (600 دولار أميركي) فالحمار ليس رخيصا هنا”.

ويقول الشيخ سعود حسين المختص في تاريخ لامو للمجلة “الحمار خدم أهل الجزيرة عبر قرون، وستستمر الحاجة إليه طالما بقيت لامو”. ولفت الانتباه أن “(طائفة) الحمير والناس هما من يستطيع أن يتحرك في أزقة مدينة لامو الضيقة”.

حينما بدأ السواحيليون بناء لامو حمل الحمار عنهم كل شيء (الجزيرة)

سباق وتكريم

يُكرم أهل لامو الحمار في مناسبات عدة، ومن ضمنها المهرجان الثقافي السنوي. فيقول بوش لمجلة الجزيرة “نُجري سباقاً سنوياً لأقوى وأسرع حمار، ويُكرم صاحب الحمار الفائز، وهو ما يرفع قيمة الحمار ارتفاعا كبيرا”.

لكن مع ذلك، فلأهل لامو طريقتهم الخاصة في تكريم الحمير على جزيرتهم، فهم يعرفون طبائعها ويعرفون أصلها، ولها عقودات وشهادات، ويأخذونها إلى الطبيب، وينظفون حافرها كل 3 أشهر.

الحمار الهجين يأتي ملونا وهو جيل جديد من الحمير في لامو (الجزيرة)

ومقابل هذا العطاء يحمل الحمار الناس وأغراضهم وأطفالهم، حيث يقول أحد المواطنين ويدعى عمر محمد “الحمار هو الذي بنى بيوت لامو عبر التاريخ، كانوا يحمّلونه بأخشاب المانغروفو بالحجارة من البحر إلى المدينة”.

وتمتد هذه العلاقة لمعرفة أصول الحمير بالجزيرة وهويتها. ويقول محمد عثمان مساعد رئيس المركز الصحي للحمير “نحن نعرف نوعين من الحمير، البحريني والصومالي، فالأول لونه أحمر وأسود بينما الأخير رمادي”.

ويضيف عثمان -وهو يشير إلى الحمار الرمادي- أنه من الصومال “وهو قوي نسبيا، لكنه بطيء ومزاجي، بينما هناك البحريني السريع وصاحب الألوان الجميلة”.

اليوم وفي الوقت الذي تتعافى “كاف” التي عمرها شهر، تنتشر معها سلالة الحمار الهجين في لامو، والتي ستكون جيلا جديدا من الحمير الملونة، وتعتبر “كاف” من الجيل الهجين الرابع، وهو من مزيج القوة والسرعة والألوان.

شاركها.
Exit mobile version