أعلن الممثل المصري لطفي لبيب اعتزاله التمثيل بشكل رسمي، وذلك خلال لقاء له على القناة الرابعة العراقية. وأوضح أنه يستعد لإجراء عملية جراحية لاستئصال ورم بالحنجرة الذي تسبب في تغيّر صوته خلال الفترة الماضية. ورغم خضوعه للفحوصات والتحاليل الطبية، قرر السفر إلى العراق لحضور اللقاء، مشيرا إلى أنه بلغ من العمر ما يقارب 80 عاما، ولا يضمن حالته الصحية بعد الجراحة.
وخلال الحوار، أعلن الممثل أنه في ظل ظروفه الصحية الحالية أصبح غير قادر على تقديم الأدوار التمثيلية بالشكل الذي يرضيه، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار الاعتزال. وأوضح أنه لا يرى جدوى من الاستمرار في التمثيل إذا كان نصف جسده لا يتحرك أو إذا فقد صوته، معتبرا أن الأفضل في هذه الحالة هو التفرغ للكتابة التي أصبحت تعوضه حاليًا. وأشار إلى أن الكاتب هو المبدع الأول بينما الممثل يُعد المبدع الثاني.
ويبلغ لبيب من العمر 78 عاما، وقد تعرض لأزمات صحية متعددة، أبرزها عام 2020، حين انتشرت شائعات حول اعتزاله وتدهور حالته الصحية بعد دخوله العناية المركزة. وفي ذلك الوقت، نفى لبيب تلك الشائعات، مؤكدًا أنه يعاني من وعكة صحية نتيجة جلطة بالمخ أثرت على النصف الأيسر من جسده مما حال دون قدرته على التمثيل. وأشار في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي الراحل وائل الإبراشي إلى أنه لن يقف أمام الكاميرا إلا إذا كان قادرا بشكل كامل على الأداء، وأن رغبته في العودة إلى التمثيل كانت الدافع الأساسي لاستكمال العلاج الطبيعي.
ورغم التحديات الصحية التي واجهها، استمر لبيب في الظهور الفني من خلال عدة أعمال بارزة، مثل أفلام “وش في وش” و”مغامرات كوكو” و”الشرابية” بالإضافة إلى مسلسلات “راجعين يا هوى” و”أولاد عابد” و”نقل عام”.
نجم الأدوار الثانوية الاستثنائية
لبيب وجه سينمائي مصري يمثل نموذجا فريدا في عالم الفن؛ فهو صاحب موهبة استثنائية ومشوار طويل مليء بالأدوار التي تركت بصمة في قلوب المشاهدين، رغم أنها لم تكن دائما أدوار بطولة، بل أغلبها أدوار ثانوية استطاع لبيب أن يجعلها مؤثرة بفضل موهبته.
وقد ولد عام 1947 لأسرة في محافظة بني سويف بصعيد مصر، والتحق بمعهد الفنون المسرحية حيث كان شغوفا بالفن منذ طفولته، وشارك في بداياته بكتابة العديد من مسلسلات الأطفال وإنتاجها لكن مسيرته تأخرت حوالي 10 سنوات بسبب تجنيده 6 سنوات حيث شارك في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي اعتبرها تجربة إنسانية لا يمكن وصفها، تعلم منها الصمود والقوة والإرادة.
وبدأ مسيرته الفنية منتصف السبعينيات من القرن الماضي بأدوار هامشية، فلم يكن طريقه للنجاح والشهرة سهلا، فقد عمل في بداياته بالمسرح وشارك في أدوار صغيرة جعلته يتعلم الصبر ويصقل مهاراته. ومن هنا، بدأ في بناء أسلوبه الخاص الذي يمزج بين الكوميديا والدراما بمهارة شديدة.
ورغم أن لبيب عُرف أساسًا بأدواره الثانوية، إلا أنه تمكن من تحويل هذه الأدوار إلى بطولات صغيرة بفضل حضوره القوي على الشاشة. وظهر في عشرات الأفلام والمسلسلات، وكان قادرًا على تقديم أدوار متنوعة، من الأب الحنون إلى المدير الصارم والشخصية الكوميدية ذات الطابع الشعبي.
رفض التكريم من سفارة إسرائيل
في لقاء تلفزيوني، وصف الممثل لبيب دوره في فيلم “السفارة في العمارة” مع عادل إمام، بأنه كان “وش السعد عليه” حيث جسد شخصية موظف السفارة الإسرائيلية بطريقة كوميدية. وأشار إلى أنه تلقى 20 ألف جنيه مصري أجرا عن هذا الفيلم، إلا أن النجاح الكبير الذي حققه في تقديم الشخصية رفع أجره لاحقا إلى 200 ألف جنيه في الفيلم التالي الذي شارك فيه.
كما كشف لبيب خلال اللقاء عن موقفه الرافض للتكريم من السفارة الإسرائيلية في القاهرة. وأوضح أنه تلقى اتصالا من أحد أفراد السفارة يدعوه لزيارتهم لتكريمه بعد الفيلم، لكنه رفض الدعوة بشدة.
وعلى مدار مسيرته الفنية، قدم لبيب العديد من الشخصيات البارزة، منها دور سائق الميكروباص في فيلم “عسل أسود” الذي جسد من خلاله صورة المواطن المصري البسيط. وشارك في مجموعة من الأعمال السينمائية الشهيرة، منها “غبي منه فيه”، “فيلم ثقافي”، “رشة جريئة”، “خريف آدم”، “صايع بحر”، “ليلة سقوط بغداد”، “في محطة مصر”، “ثمن دستة أشرار”، “كركر”، “عصافير النيل”، “أمير البحار”، “بوبوس”، و”زهايمر”.
وفي مجال الدراما، تألق في أعمال مميزة مثل “الرجل الآخر”، “الرقص على سلالم متحركة”، “الأصدقاء”، “لحظات حرجة”، “تامر وشوقية”، “الخواجة عبد القادر”، و”ونوس” ليصبح واحدًا من أبرز نجوم الفن الذين تركوا بصمة في السينما والتلفزيون المصري.
القدرة على التطوير
ما يميز لبيب قدرته على مواكبة تطورات الصناعة بالدراما والسينما، فلم يقف عند نوع معين من الأدوار، بل كان دائم التجديد. وهذه الروح المغامرة هي التي جعلته محط إعجاب الأجيال المختلفة، فكان قادرا على أن يكون قريبًا من المشاهدين بمختلف أعمارهم وهو سر استمراريته مع الأجيال المختلفة عبر أكثر من 5 عقود.