يروي اللبناني محمد نصيف (57 عاما) من بلدة شبعا الحدودية مع إسرائيل رحلة تحوله المهني من “مندوب سياحي” إلى “فنان” اكتشف موهبته بتحويل شظايا ومخلفات الحرب بين لبنان وإسرائيل منذ عام 1973 إلى تحف فنية على شكل مجسمات لأشجار وشعارات بصرية.

اكتشف نصيف شغفه بالفن والإبداع خلال زيارته المتكررة إلى أحد المعالم السياحية القريبة من بلدة شبعا الحدودية مع إسرائيل، وشهد الكثير من الحروب.

وبُغية تحويلها إلى مجسمات فنية تبعث الأمل في القلوب، يواصل اللبناني محمد نصيف جمع شظايا القذائف القاتلة الناتجة عن الاشتباكات والمواجهات المستمرة بين حزب الله وإسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على الحدود الجنوبية للبنان.

محمد نصيف يحول مخلفات الحروب إلى تحف ويقول: هدفي تحويل الشظايا التي تقتل الإنسان إلى تحف فنية (الأناضول)

ويقيم نصيف في بلدة شبعا التي تتميز بموقع مميز على مثلث الحدود اللبنانية السورية الفلسطينية. ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة منطقة محتلة من قبل إسرائيل ومتنازع عليها بين لبنان وسوريا وفلسطين.

و”تضامنا مع قطاع غزة”، يتبادل “حزب الله” وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.

نصيف.. لبناني يبدع في تحويل مخلفات الحرب لـ"تحف فنية"
مجسمات “الأرزة والقدس والصُلبان وشعار الأمم المتحدة الذي يرمز للسلام مصنوعة من مخلفات حروب (الأناضول)

مجسمات جمالية تعكس فنا وحياة

وكما هو حال كل لبناني عاش الحرب، شاهد نصيف القذائف ومخلفاتها الحديدية التي كانت تنشر الموت والرعب في كل منطقة، وتترك أحيانا آثارها القاتلة على أجساد الناس، فقرر تحويل بقايا “آلات القتل” إلى مجسمات جمالية تعكس فنا وحياة.

وكان محمد نصيف -الذي بدأ حياته المهنية مندوبا سياحيا- اكتشف شغفه بالفن والإبداع خلال زيارته المتكررة إلى أحد المعالم السياحية القريبة من بلدته الحدودية الذي شهد الكثير من الحروب.

وتحول نصيف إلى جامع في البلدة لشظايا القذائف الموجودة بكثرة في “جبل الشيخ” (جبل حرمون) (جنوب)، حيث يحولها ببراعة إلى مجسمات وتحف فنية تعكس قوة الإرادة وروح التحدي، وفق الأناضول.

واستطاع تحويل الشظايا التي ترمز إلى الموت لدى كثيرين، إلى مجسمات مثل “الأرزة” شجرة لبنان ومجسم القدس والصُلبان وشعار الأمم المتحدة الذي يرمز للسلام.

مجسم القدس من مخلفات الحروب (الأناضول)

من مندوب سياحي إلى جامع للشظايا

وفي هذا الإطار روى نصيف رحلته إلى اكتشاف موهبته بتحويل الشظايا إلى تحف فنية، وقال إنه عندما زار جبل الشيخ وهو معلم سياحي، رأى كميات كبيرة تقارب الأطنان من الشظايا متناثرة على الأرض ومتبقية منذ حرب 1973 بين الجيشين السوري والإسرائيلي”.

وأضاف: بدأت أجمعها من الجبل لصنع تحف فنية مثل شجر الأرز وصلبان وشعار الأمم المتحدة وشعار العقربة الذي تستخدمه الكتيبة النمساوية التي كانت عاملة ضمن قوات الأندوف في جبل الشيخ (جبل حرمون)، والكثير من الأعمال الفنية الأخرى.

نصيف يبدع في تحويل مخلفات الحرب إلى تحف فنية مثل شجر الأرز (الأناضول)

من آلة قتل إلى “تحفة فنية”

وعن الهدف من عمله هذا أوضح نصيف أنه يريد “تحويل الشظايا التي تقتل الإنسان إلى تحفة فنية تعرض في منزل مريديها”.

وأشار لوجود هدف بيئي أيضاً لعمله، لأنه يجمعها من أماكن يقصدها الناس ويمكن أن تؤذي أحدا منهم وخاصة محبي السير في الحقول ورعاة الماشية.

ولفت إلى أن الشظايا تتساقط اليوم في الكثير من مناطق حدود جنوب لبنان عقب اندلاع المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لأول مرة منذ حرب 2006″. وتابع “لم أجمع الشظايا منذ حرب 2006 خوفا من تلوثها باليورانيوم، وهو ما يمكن أن يسبب أضرارا لعائلتي”.

محمد نصيف: بعد الحرب الحالية في لبنان وغزة أصبح الطلب المحلي على المجسمات أكثر من الماضي (الأناضول)

 مجسمات تباع محليا وخارجيا

ومضى نصيف قائلا “بعد أن شاهدت الناس الحرب الحالية في لبنان وغزة، أصبح الطلب المحلي على المجسمات أكثر بكثير من الماضي، بعد أن كانت مطلوبة فقط من السياح”.

ولفت إلى أنه استفاد من وجود جنود قوات اليونيفيل في بلدتي شبعا وخاصة الكتيبة النرويجية (1978 و1998)، وبعد عودتهم إلى بلادهم يطلبون منه أن يرسل لهم المجسمات إلى النرويج نظرا لمعرفتهم بهذا النوع من الفن.

ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى أمس الأحد 22 ألفا و835 شهيدا، و58 ألفا و416 جريحا، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

شاركها.
Exit mobile version