تمثل قدرة صناع السينما على كشف العالم الداخلي للشخصيات تحديا إبداعيا مستمرا، وأصحبت السينما تلجأ إلى تقنيات متنوعة لإيصال المشاعر والأفكار للمشاهد، مما يخلق جسرا فنيا بين العقل البشري وشاشة العرض.
وفي هذا السياق، توضح ريتا خان في حلقة 2025/4/22 من برنامج “عن السينما” أن الفارق بين الرواية والسينما كبير، إذ إن الكاتب في الرواية يستطيع بسهولة وصف مشاعر وأفكار البطل مباشرة، في حين يواجه صانع الفيلم تحديا حقيقيا في نقل ما يدور في ذهن الشخصية إلى المشاهد.
ويلجأ الكتّاب والمخرجون إلى طرق عدة لنقل أفكار ومشاعر الأبطال، ومن أهمها ما يطلق عليه “صديق البطل”، وهو شخصية ثانوية غالبا ما تكون أقل ذكاء وجاذبية من البطل الرئيسي، ووظيفتها الأساسية أن تكون وسيلة للبطل للتعبير عن مشاعره وأفكاره من خلال الحوار معها.
وحفلت السينما عبر تاريخها بأمثلة كلاسيكية على شخصية “صديق البطل” في السينما، منها ثنائيات شهيرة مثل عبد الحليم حافظ وعبد السلام النابلسي، وكمال الشناوي وإسماعيل ياسين في السينما المصرية، وحتى شخصية شوباكا صديق هان سولو في أفلام حرب النجوم.
ويمكن ملاحظة أن مثالا مهما للأثر الكبير الذي تلعبه شخصية صديق البطل في فيلم “الناظر” لمحمد سعد يوضح كيف أن حذف شخصية “عاطف” صديق البطل من المشهد يجعله غريبا وغير منطقي، لأن الناس لا يتحدثون مع أنفسهم بصوت عال بشكل طبيعي.
كما لجأ بعض المخرجين إلى طرق جديدة ومبتكرة، مثل فيلم “كاست أواي”، حيث خلق البطل الذي يعيش وحيدا في جزيرة معزولة صديقا خياليا “ويلسون” عبارة عن كرة، ليتمكن من التعبير عن مشاعره.
طرق أخرى
وطوّر مخرجون طرقا أخرى لنقل أفكار البطل، مثل التعليق الصوتي أو الصوت الداخلي (Voice-over)، كأفلام عالمية مثل “ذئب وول ستريت”، و”شاوشانك ريدمبشن”، أو مصرية مثل “إبراهيم الأبيض”.
ورغم فعالية التعليق الصوتي فإن كثيرا من النقاد يعتبرونه “كسلا إبداعيا” من الكتّاب، ويؤكدون على أن إحدى أهم قواعد السينما هي تقديم حلول بصرية للتعبير عن الأفكار والمشاعر.
ويلجأ مخرجون آخرون إلى طرق إبداعية أخرى مثل الرسائل المكتوبة أو الصوتية كما في مسلسل “لعبة نيوتن” المصري، أو فيلم “بي إس آي لوف يو”، والأغاني التي يؤديها البطل كما في فيلم “لي ميزرابل”.
واستخدم صناع بعض الأفلام تعليقا صوتيا بطريقة مبتكرة، مثل “فورست غامب” الذي كان فيه الصوت الداخلي عبارة عن حوار بين البطل ومجموعة من الغرباء، وفيلم “ذا غريت غاتسبي” الذي استخدم حوارا بين البطل وطبيبه النفسي.
وفي سياق متصل، قدّمت الحلقة قصة درامية عن عودة خان إلى زميليها السابقين عبود وعزام بعد أن تركت شركتهما “نو بادجيت” للعمل في شركة إنتاج كبرى، حيث تناقشوا بشأن إمكانية استئناف العمل معا بعد اكتشافها أن عملها الجديد لا يحقق طموحها في صناعة الأفلام بدلا من الإعلانات.
واقترح عزام أن يتقدموا لمنحة دراسية في تركيا لدراسة السينما، لكن عبود كشف عن خوفه من الطيران، في مشهد يجسد الفكرة الرئيسية للحلقة بشأن أهمية وجود شخصية ثانوية تساعد في إظهار مشاعر الشخصيات الرئيسية.
23/4/2025