بدأت فرنسا خطتها لتحويل محطة كهرباء تعمل بالفحم إلى الهيدروجين عبر تفجير أطول برج في محطة كهرباء إميل هوشيت بإقليم سان أفولد (موسيل) بالديناميت، الأحد 11 فبراير/شباط 2024.
وحسب ما ذكرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية، “في ثوانٍ معدودة، انهارت 10 آلاف طن من خرسانة برج التبريد رقم 5، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 120 مترا، أمام أعين مئات المتفرجين”.
وقالت جان ميشيل مازاليرا رئيس شركة “غازيل إنرجي” التي تدير المحطة، “تم الدفع بحوالي 200 شخص، بما في ذلك ضباط إنفاذ القانون، إضافة إلى الألعاب النارية، لتنفيذ هذه “الضربة البرقية”.
وكان من المقرر إغلاق المحطة بشكل دائم مطلع عام 2022، لكن تم إعادة تشغيلها في نهاية العام نفسه لتأمين إمدادات البلاد في سياق التوتر في مجال الطاقة.
وتعدّ “إميل أوشيه” واحدة من محطتين فقط لا تزالان تعملان بالفحم في فرنسا، مع محطة “كوردوما” في إقليم لوار-أتلانتيك، قبل أن يعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، في سبتمبر/أيلول 2023، تحويل المحطتين إلى الكتلة الحيوية، بدلا من الفحم.
وبينما تستعد المحطتان للتحول إلى الطاقة الحيوية، فإن محطة سان أفولد تخطط لكي تصبح “منصة بيئية”، وهذا من شأنه أن يتيح إنتاج الهيدروجين منخفض التكلفة بحلول عام 2027، عن طريق التحليل الكهربائي للماء، ويخطط المشروع للوصول لقدرة إجمالية تبلغ 400 ميغاوات وإنتاج 56 ألف طن من الهيدروجين سنويا بحلول عام 2030.
وفي مطلع فبراير/شباط 2024، أُغلقت محطة الكهرباء الفرنسية الأخرى التي تعمل بالفحم في كورديماي (غربي فرنسا)، من قبل الاتحاد العام للعمل، الذي أعرب عن شكوكه إزاء مستقبل مشروع تحويل الكتلة الحيوية.
فرنسا.. “خطة ميسمير” لتوليد الكهرباء نوويا
وفي عام 1974، أطلقت فرنسا برنامج “خطة ميسمير” لبناء 13 مفاعلا نوويا لتقليل اعتمادها على النفط في مواجهة ارتفاع أسعار الذهب الأسود بمقدار 4 أضعاف، وهو ما أتاح لفرنسا وسائل مهمة للغاية لإنتاج الكهرباء.
وقد أسهمت الخطة آنذاك بضمان انبعاث 6 إلى 10 غرامات من الكربون فقط لكل كيلووات ساعة منتجة، مقارنة بألف غرام للفحم في محطات الطاقة المحروقة ونحو 500 غرام لمحطات الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي.
واستغنت فرنسا من فترة طويلة عن أغلب محطاتها التي تعتمد في إنتاج الكهرباء على الوقود الإحفوري (الفحم)، وعوضتها بمحطات الطاقة النووية، حيث لم يعد الفحم يمثل سوى 0.8 تيراوات/ساعة من إنتاج الكهرباء في فرنسا عبر محطتين.
وخلال العقود الماضية، غطت فرنسا احتياجاتها من الكهرباء بنسبة تصل من 75 إلى 80% من الطاقة النووية، ونحو 10% من الهيدروليك، ومكنت هذه الكتيبة النووية شركة الكهرباء الوطنية من تحقيق فائض في الإنتاج وتصدير جزء كبير من إنتاجها بفضل الربط الأوروبي.
ومنذ عام 1981 كانت فرنسا مصدرا صافيا لتصدير الكهرباء إلى جيرانها، خاصة بفضل محطات الطاقة النووية التي تغطي أكثر من 60% من إنتاج الكهرباء في البلاد، لكن بحلول عام 2022، باتت فرنسا مستوردا صافيا للكهرباء للمرة الأولى منذ 42 عاما.
وخسرت فرنسا موقعها كأول مصدر للكهرباء في أوروبا في النصف الأول من عام 2022، لتحل محلها السويد في الصدارة، بسبب الانخفاض القوي في الإنتاج الفرنسي، لأن حوالي نصف منشآتها النووية لم تعد متوفرة بسبب الصيانة المجدولة وأيضا المطولة في بعض الأحيان أو بسبب مشاكل التآكل.
لكن مع حلول النصف الثاني من عام 2022 وخلال عام 2023، استعادت فرنسا مرة أخرى مكانتها كمصدر للكهرباء نتيجة لتحسن الإنتاج وانخفاض الاستهلاك حيث صدرت 50.1 تيراواتا/ساعة، لكنها بعيدة كل البعد عن الرقم القياسي الذي بلغته عند تصدير 77 تيراواتا/ساعة في عام 2002.