يقول فلسطينيون إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والإعدامات بالضفة الغربية وأدتا فرحة عيد الأضحى المرتقب وطمستا معالمه، مشيرين إلى أن المناسبة تقتصر على الطقوس الدينية فقط.

ويحل عيد الأضحى الأحد المقبل، في وقت تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول مخلفة أكثر من 122 ألفا بين شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

ومنذ ذلك اليوم صعد الجيش ومستوطنون إسرائيليون اعتداءاتهم في الضفة الغربية أيضا، مما أدى لمقتل 537 فلسطينيا وجرح نحو 5 آلاف و200، وفق جهات فلسطينية رسمية.

لا فرحة هذا العام بالعيد

أسواق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية تبدو قبيل عيد الأضحى غارقة بالبضائع، وتجار يتحدثون عن ضعف الطلب، ويقول مواطنون إن “لا فرحة هذا العام بالعيد”.

الفلسطيني نادر أبو عرب يرى أن حرب إسرائيل على قطاع غزة، واستمرار القتل في الضفة الغربية أثقل الناس وسرق منهم بهجة العيد، “فلم تعد هناك فرحة، في كل بيت عزاء وقتلى بالعشرات يوميا، حالنا أسوأ مما كان في نكبة عام 1948”.

ويتابع “يقتصر العيد على الطقوس الدينية والدعاء ومساعدة عائلات الشهداء والنازحين”.

ويشاطره الرأي مصطفى سمير بالقول “هذا العيد لله للعبادة، لا مكان للفرحة، كيف يكون هناك فرحة وشعبنا يقتل والمجازر ترتكب يوميا”.

ويضيف سمير (36 عاما) “الأجدر أن نجعل العيد لمساعدة عائلات النازحين والعائلات التي فقدت معيلها”.

باتت ملابس العيد أمرا شبه مستحيل وسط غلاء المعيشة، وتزايد الاحتياجات وفق فلسطينيين (رويترز)

العيد الثاني في ظل الحرب

يقول التاجر أسامة عبود “هذا العيد الثاني يأتي في ظل الحرب، لا توجد فرحة، قلة من يتسوقون ويشترون ملابس جديدة للعيد”.

ويضيف عبود وهو صاحب متجر للملابس في رام الله “نسبة المبيعات انخفضت بما يزيد على 70% وأكثر، مقارنة مع العام الماضي”.

ورغم عرض تنزيلات على ملابس الشباب والشابات، فإن الحال لم يتغير، بحسب قوله.

وأرجع ذلك للحرب الإسرائيلية على غزة، وللحداد المتواصل على أرواح الضحايا وللدمار اليومي والحالة الاقتصادية المتردية بالضفة.

وبجوار متجره، يجلس الفلسطيني بلال كاظم، ويشتكي من ذات الحال، يقول “ما زلنا نعرض بضائع عيد الفطر، لا حركة في السوق، الناس تأتي لتشتري ما هو ضروري فقط.. الحمد لله على كل حال، حال غزة ينعكس على الضفة، نحن شعب واحد”.

blogs الأضحية
تجار الماشية يشتكون من ضعف القوة الشرائية وشح السيولة بالأسواق وارتفاع كلفة الأعلاف (رويترز)

جيوب فارغة ورواتب منقوصة

بدوره، يقول سامر عرفات (47 عاما)، وهو موظف حكومي، إنه لا يستطيع هذا العام شراء التزامات عيد الأضحى جراء تردي الأوضاع المالية.

ويضيف “منذ سنوات نتلقى رواتب منقوصة، ومؤخرا تم صرف 50% من الرواتب، الأمر الذي انعكس سلبا على كافة مناحي الحياة”.

ويتابع عرفات “وسط غلاء المعيشة، وتزايد الاحتياجات باتت ملابس العيد أمرا شبه مستحيل”.

من جهته، يذكر عبد الكريم يونس أن الطقوس تقتصر على صلة الرحم والمناسك الدينية فقط، “لا مجال للفرحة في ظل الحرب المتواصلة”.

ويقول “نعيش في الضفة الغربية أيضا حربا أخرى يشنها المستوطنون على البلدات والطرقات، إضافة إلى حرب اقتصادية تتمثل بحجز أموال المقاصة من قبل إسرائيل، الأمر الذي انعكس سلبا على حياتنا اليومية”.

ويردف يونس، وهو موظف حكومي، “هذا العام لا فرحة، ولا أضحية ولا ملابس للعيد”.

ولأن قدرة الفلسطينيين على شراء مستلزمات العيد ضعيفة، كان ذلك واضحا بشكل أكبر على أسواق الأضاحي في محافظات الضفة الغربية.

وفي جولة للأناضول في سوق مركزية للأضاحي بمحافظة رام الله والبيرة، بدت حركة الشراء ضعيفة، قبل 4 أيام من حلول العيد.

ويشتكي تجار ماشية من ضعف القوة الشرائية وشح السيولة بالأسواق وارتفاع كلفة تربية المواشي، بسبب زيادة طرأت على أسعار الأعلاف.

ويباع متوسط سعر كيلو لحم الخروف القائم (قبل الذبح) في الضفة الغربية، 11 دولارا، مقارنة مع 8.5 دولارات في الموسم الماضي.

يبدو ضعف الإقبال على شراء مستلزمات العيد واضحا بشكل كبير في الأسواق (رويترز)

أزمة مالية وديون متراكمة

وبسبب الأزمة المالية التي تعاني منها، أعلنت الحكومة الفلسطينية في أبريل/نيسان الماضي، تفعيل خطة تقشف، بسبب اقتطاعات إسرائيل من أموال الضرائب، وتدهور المنح الخارجية.

واعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عجزت الحكومة الفلسطينية السابقة عن دفع أجر كامل للموظفين العموميين، بسبب اقتطاعات إسرائيل من أموال المقاصة، وتراجع الدعم الخارجي.

وحتى عشية الحرب الإسرائيلية على غزة، كان الموظفون العموميون والمتقاعدون وأصحاب المخصصات المالية، يتقاضون حتى 80% من كامل أجورهم الشهرية، والنسبة المتبقية ترصد باعتبارها “ديونا” على الحكومة للمستفيدين.

لكن منذ اندلاع الحرب على غزة علقت إسرائيل تحويل أموال المقاصة للجانب الفلسطيني، بعد إعلانها اقتطاعا إضافيا يبلغ شهريا 275 مليون شيكل (74 مليون دولار)، تمثل ما تحوله الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة (مقابل فاتورة أجور موظفيها، وأموال لشركة الكهرباء).

واليوم، لم يبق أمام الحكومة الفلسطينية سوى الإيرادات التي تجبيها محليا، بقيمة لا تتجاوز 350 مليون شيكل شهريا، وأي منح خارجية لا تتجاوز شهريا 50 مليون شيكل، مما دفعها لصرف أنصاف رواتب، متى أتيح لها ذلك.

وفاقم ذلك، فقدان أسواق الضفة الغربية قرابة 12.6 مليار شيكل (3.4 مليارات دولار)، تمثل فاتورة أجور العمالة الفلسطينية في إسرائيل، منذ الحرب على غزة.

ويمثل هذا الرقم قرابة 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين، وفق أرقام عام 2023.

شاركها.
Exit mobile version