جزيرة سانت هيلينا منفى نابليون بونابرت

الدوحة – موقع الشرق

في الليالي التي قضاها نابليون بونابرت يبحث كيفية هروبه من منفاه الإجباري لم يكن يدرك أبدًا أنه بعد ما يزيد على مائتي عام ستكون سانت هيلينا، تلك الجزيرة التي نفاه إليها البريطانيون ستتحول لأحد أهم المقاصد السياحية لعشاق التاريخ ومحبي الجزر البركانية.

تقع جزيرة سانت هيلينا أحد أكثر جزر العالم عزلة في وسط المحيط الأطلسي، تعرف بأنها المكان الذي نفي إليه نابليون بونابرت على يد البريطانيين عام 1815، وفيها منزله الذي توفي فيه عام 1821.

ولنابليون فضل كبير على تلك الجزيرة حتى الآن، فبجانب طبيعتها البكر وشواطئها الصافية، نسبة كبيرة من قاصديها يأتونها رغبة في زيارة منفى بونابرت فقط.

المدينة تتبع التاج البريطاني لكن سيطرة بريطانيا عليها جاءت بعد قتال مع قوى أوروبية أخرى نظرًا لموقعها المهم في وسط المحيط الأطلنطي لدرجة وصلت إلى حد تقاتل الهولنديين والبريطانيين على الجزيرة، وفي عام 1657، منح التاج البريطاني حقوق إدارة الجزيرة إلى «شركة الهند الشرقية» البريطانية، التي بدأت بتحصينها وتسكين المزارعين فيها.

ورغم التقدم التكنولوجي وتوفر وسائل التنقل إلا أن بونابرت لو كان حيًا هذه الأيام لواجه صعوبة كبيرة في الهروب من الجزيرة أو الوصول إليها، فقط في 2017، انطلقت أول رحلة جوية تجارية، بعد 5 سنوات من افتتاح مطار سانت هيلينا. 

تبدو سانت هيلينا للوهلة الأولى مقفرة للغاية، وتهيمن عليها الجبال شديدة الانحدار، بصخورها البركانية وتكثر فيها أشجار الصفصاف، والحور، والصنوبر وأشجار البلوط، والأرز، واليوكالبتوس، والخيزران، والموز. 

ولكن الانطباعات الأولى خادعة، فالجزيرة توفر نشاطات متنوعة، مثل: رياضة السير لمسافات طويلة، ورحلات القوارب السياحية، والغوص وصيد السمك، بالإضافة إلى تمتعها بطقس دافئ (حيث تتراوح درجة الحرارة بين 20 و24 درجة مئوية). 

كما يوجد بها أماكن إقامة مريحة، ووتيرة حياة لطيفة. ويستطيع السائح التمتع برحلته هذه سيراً على الأقدام، حيث يمكنه الذهاب من المرفأ إلى وسط المدينة سيراً. وفي طريقه، سيشاهد المكان الذي قضى فيه بونابرت ليلته الأولى، وهو دار «ويلنغتون هاوس» للضيافة، واسمه نسبة لاسم القائد الإنجليزي الذي دحره في معركة واترلو.

تضاريس الجزيرة تعتبر معادية لحركة الطيران إذ أنها تحوي كثيرًا من التحديات البيئية والجغرافية فالطائرة القادمة تهبط ناحية قمم بركانية، وكل من جرب مسار الهبوط للجزيرة أكد أنه هبوط صعب مزعج لمن لا يتمتعون بأعصاب قوية لكنهم أكدوا في الوقت نفسه أن ذلك الإزعاج ثمن بسيط مقابل الاستمتاع بطبيعة لم تخربها يد الإنسان بعد.

وينجذب السياح إلى هذه الوجهة غير العادية، المنعزلة عن العالم الخارجي بشكل شبه كامل، فلا شبكة للمحمول فيها، والاتصالات الهاتفية غالية الثمن، بشكل يجعل زائرها لا يتوقع أنه سيستطيع استخدام الإنترنت بشكل مستمر، ولكن هناك شبكة انترنت لاسلكية في بعض المناطق المحدودة في الجزيرة. 

ورغم ذلك الانعزال فيزورها نحو 5 آلاف سائح سنويا من افتتاح المطار لحركة المسافرين في 2018 وذلك على متن رحلة أسبوعية واحدة، تنطلق من جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، وتستغرق 6 ساعات، عن طريق العاصمة الناميبية وندهوك، وهو وقت قصير بالمقارنة مع الرحلات البحرية التي كانت تستغرق أياماً في السابق.

للجزيرة عملة محلية هي الجنيه وهو مرتبط بالجنيه الاسترليني، وتتبع إدارة الجزيرة مكتب الخارجية والكومنولث في العاصمة لندن بشكل مباشر، كما أن اللغة الرسمية هي الإنجليزية.

وللإقامة في الجزيرة توجد خيارات متعددة، كاستئجار بيوت ريفية صغيرة، ودور ضيافة، ولكن كثيراً منها لا يوجد على الإنترنت، ويمكن الاتصال بها فقط من خلال مكاتب سياحية.

شاركها.
Exit mobile version