5/8/2025–|آخر تحديث: 17:31 (توقيت مكة)
يتسابق المخرجون في بوليود على تحقيق مكاسب سينمائية من المشاعر الوطنية التي أججتها المواجهة المسلحة الأخيرة بين الهند وباكستان، من خلال تسجيل حقوق أفلام مرتبطة بعملية “سيندور”.
استمرت المواجهات العسكرية بين الهند وباكستان في مايو/أيار 4 أيام، وشهدت تبادلا للهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ والقصف المدفعي، أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصا من الجانبين.
واندلعت هذه المواجهات، وهي الأعنف بين البلدين منذ عقود، على إثر هجوم وقع في 22 أبريل/نيسان في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، وأودى بحياة 26 شخصا، جميعهم مدنيون. واتهمت الهند باكستان بالوقوف وراء الهجوم، لكن إسلام آباد نفت مسؤوليتها نفيا قاطعا.
وأُطلق على العملية العسكرية الهندية اسم “سيندور”، نسبة إلى المسحوق الأحمر الذي تُزين به العرائس الهندوسيات شعرهن.
وسارعت الأستوديوهات السينمائية إلى تسجيل حقوقها باستخدام عدد من العناوين، من بينها “المهمة سيندور”، و”سيندور: الانتقام”، و”إرهاب في باهالغام”، و”عملية سيندور”، سعيا إلى الاستفادة من موجة الحماسة الوطنية.
وقال المخرج فيفيك أغنيهوتري “إنها قصة يجب أن تُروى”، وأضاف، لو كان الأمر متعلقا بها، “لأنجزت هوليود 10 أفلام عن هذا الموضوع .. الناس يريدون معرفة ما جرى خلف الكواليس”.
“عقلية القطيع”
وكان أغنيهوتري أخرج عام 2022 فيلم “ملفات كشمير” (The Kashmir Files) عن “النزوح الجماعي للهندوس” من كشمير في تسعينات القرن الـ20، وحقق إيرادات كبيرة في الهند.
وبينما أشاد حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الحاكم بالفيلم، فإن نقادا كثرا رأوا أنه يهدف إلى إثارة الكراهية ضد المسلمين، وهم أقلية في الدولة ذات العدد الأكبر من السكان في العالم.
وترتفع أصوات كثيرة ضد بوليود، متهمة إياها بأنها أداة دعائية لحكومة رئيس الوزراء القومي الهندوسي ناريندرا مودي الذي يتولى السلطة منذ عام 2014.
وأعرب الناقد السينمائي وكاتب السيناريو راجا سين عن أسفه لِكَون الكثير من المخرجين ينجزون أفلاما عن قصص موجَّهَة، تبدو وكأنها مدعومة من الحكومة.
وعلّق قائلا “حاولنا خوض حرب، ثم هدأنا عندما طلب منا (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب ذلك، فأين البطولة في ذلك إذن؟”.
كذلك انتقد المخرج أنيل شارما، المعروف بأفلامه الاستفزازية، اندفاع بوليود لإنتاج أفلام عن هجوم باهالغام، وقال “إنها عقلية القطيع.. هؤلاء صناع أفلام موسميون”.
وحقق فيلما شارما من نوع الأكشن “غادار: إيك بريم كاثا” (Gadar: Ek Prem Katha) عام 2001، و”غادار 2″ عام 2023 نجاحا كبيرا.
وليس اللعب على الوتر الوطني من خلال السينما أمرا جديدا في بوليود. ومن هذا المنطلق، غالبا ما يقع الاختيار على مناسبة وطنية، كعيد الاستقلال، لإطلاق فيلم، مع درجات نجاح متفاوتة.
“التأثير في الرأي العام”
فعلى سبيل المثال، عُرض فيلم “فايتر” (Fighter)، من بطولة هريثيك روشان وديبيكا بادوكوني، عشية يوم الجمهورية في الهند في 25 يناير/كانون الثاني 2024.
وحقق الفيلم المستوحى بدرجة كبيرة من قصف الهند مدينة بالاكوت في شمال باكستان عام 2019، رابع أعلى إجمالي إيرادات خلال السنة بين الأفلام الناطقة باللغة الهندية، إذ بلغت عائداته 28 مليون دولار في الهند.
أما “تشافا” (Chhaava) الذي عُرض في فبراير/شباط الماضي، وهو فيلم أكشن تاريخي يتناول حياة سامباجي مهراج، حاكم إمبراطورية المراثا (أواخر القرن الـ17)، فهو إلى اليوم الأول من حيث الإيرادات هذه السنة.
إلاّ أن الفيلم أثار جدلا، إذ رأى البعض أنه ينطوي على معاداة للمسلمين.
ولاحظ الناقد السينمائي راجا سين أن السينما الهندية تُعطي راهنا صورة عن “الملوك والقادة المسلمين في ظل مناخ من العنف”. وأسف لتردد المخرجين في تناول مواضيع “تتعارض مع النظام”.
وأضاف “إذا أُغرق الجمهور بعشرات الأفلام التي تسعى لخدمة مصالح معينة، من دون سماع صوت الطرف الآخر، فإن هذه الدعاية والمعلومات المضللة تطبع الرأي العام وتؤثّر فيه”.
وشدد المخرج الشهير راكيش أومبراكاش ميهرا على أن الوطنية تعني تعزيز السلام والوئام من خلال السينما.
وفاز فيلمه الكوميدي الدرامي “رانغ دي باسانتي” (Rang De Basanti) عام 2006 بجائزة أفضل فيلم شعبي، ورُشِّح لجائزتي غولدن غلوب والأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية.
وقال “كيف يمكننا تحقيق السلام وبناء مجتمع أفضل؟ كيف يمكننا أن نتعلم حب جيراننا؟ هذه هي الوطنية في رأيي”.