شهدت الساعات الماضية تطورا جديدا بشأن قانون الوصاية في مصر، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي نيته للاستجابة الفورية -وفقا لصلاحياته الدستورية والقانونية- فيما يخُص المطالب التي اتفقت عليها الأحزاب والحركات الشبابية بشأن تعديل قانون الولاية على المال، خاصة وأن ذلك من شأنه حل الكثير من المشكلات التي يتعرّض لها الأيتام والأرامل.
وجاء حديث السيسي تعقيبا على كلمة رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني المستشار محمود فوزي، خلال الجلسة الحوارية الرئيسية في المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية، حيث طرح 3 موضوعات، من ضمنها تعديل قانون الوصاية.
الدراما تغير القوانين
جاء هذا المشروع بمثابة رد فعل للصدى الهائل الذي أحدثه مسلسل “تحت الوصاية” الذي عُرض خلال رمضان الماضي.
المسلسل تأليف خالد وشيرين دياب وإخراج محمد شاكر خضير، أما البطولة الجماعية فشارك بها كل من منى زكي والطفل عمر شريف ودياب ورشدي الشامي وخالد كمال ومها نصار وآخرين.
وتمحورت أحداث العمل حول حنان، الأرملة التي تُفاجأ بعد وفاة زوجها بالوصاية على أولادها، وقد آلت إلى الجَد الذي يُضيّق عليها الخناق ماديا ومعنويا فتضطر للرضوخ والعيش في منزل عائلة الزوج الراحل.
وحين تجد نفسها غير قادرة على التحكم بأبسط تفاصيل حياة أولادها، وأن الآخرين مهما بلغت محبتهم للأبناء أو درجة قربهم لا يعرفون الأفضل لصالحهم مما يهدد سلامهم النفسي وحقهم بحياة كريمة، تُقرر الهرب بأبنائها إلى مدينة أخرى وتعريض نفسها سواء للخطر أو المساءلة القانونية على أمل منح أطفالها الحياة التي يستحقونها. وصولا إلى نهاية العمل التي وجدها متخصصون الأقرب إلى الواقع المؤلم وطبيعة القوانين التي تحد من قدرة الأم على التصرف في أموال أبنائها بعد وفاة والدهم.
ويرجع صدور قانون الوصاية الحالي إلى عام 1952، وينص على أن تؤول الوصاية المالية والتعليمية بعد وفاة الأب إلى الجد ثم إلى العم، فإذا أرادت الأم أن تنتقل الوصاية المالية إليها عليها التقدم بطلب وصاية إلى المجلس الحسبي وحينها قد تصطدم برفض الجد أو العم.
ويواجه هذا القانون انتقادات بسبب الحد من قدرة المرأة في التصرف بأموال أبنائها، إضافة إلى فقد الأموال قيمتها الفعلية مع الزمن إذا ما تم الانتظار حتى يبلغ الطفل السن القانونية للاستفادة من ميراثهم بعمر 21، وهو ما يستدعي بدوره استحداث تشريعات جديدة تُتيح للدولة استثمار الأموال بشكل آمن للاحتفاظ بقيمتها لحين استلامها من قِبل الأبناء.
المطالبة بتعديل قانون الوصاية
والتف الجمهور حول مسلسل “تحت الوصاية” الذي حظي بـ 61.6 مليون مشاهدة خلال عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان، وحصد العديد من الجوائز باعتباره أفضل عمل لهذا العام.
وما أن انتهى المسلسل حتى سارعت الجهات المختصة بالتحرّك، فمن جهة قدم كل من النائبة أميرة العادلي والنائب محمد إسماعيل طلبات منفصلة إلى رئيس مجلس النواب ووزير العدل لفحص قانون الوصاية بسبب ما اعتبروه إلحاقا لأضرار بالغة بالأسرة.
ومن جهة أخرى، أصدر المجلس القومي للمرأة بيانا طالب خلاله بإجراء تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية، ومنح الولاية وحق الإشراف للأم في ما يتعلق بالأمور المالية والقانونية وخاصة الحالات العاجلة.
كذلك طالبت المحامية نهاد أبو القمصان بتعديل قانون الولاية على المال، مُشددةً على أن يتضمن التعديل ما يؤهله إلى التعامل مع الأب والأم باعتبارهما كيانا واحدا هو المَعني بإدارة شؤون الأبناء دون السماح بتدخّل أي أطراف أخرى.
قضايا المرأة من المجتمع إلى الشاشة
“تحت الوصاية” ليس العمل الدرامي الوحيد الذي استعرض بعض المشكلات التي تعاني منها النساء في المجتمع المصري، فخلال رمضان الماضي عُرضت مسلسلات أخرى سلطت الضوء على قضايا شائكة لا تقل أهمية.
ومن بين تلك الأعمال مسلسل “عملة نادرة” الذي تناول مسألة حرمان النساء من الميراث في الصعيد، ومسلسل “حضرة العمدة” الذي أشار إلى ما تعانيه بعض النساء من عنف. وهو ما تكرر بمواسم رمضانية أو درامية سابقة، فشاهدنا مسلسل “فاتن أمل حربي” عام 2022 الذي ركز على إبراز تداعيات الانفصال على المرأة المُطلقة في ما يخص حق الأم بالنفقة أو الولاية التعليمية.
وعام 2021 عُرض مسلسل “لعبة نيوتن” الذي كان بمثابة صرخة عارمة أطلقتها منى زكي أيضا خلال عمل جريء استعرض قضية الطلاق الشفهي، وما قد يُحدثه من خلل غير قابل للإصلاح في حياة المرأة.
كما طُرح الموسم الثاني من مسلسل “ليه لأ” الذي لعبت بطولته منة شلبي وتمحور حول أحقية النساء اللاتي لم يسبق لهن الزواج بالاحتضان أو الكفالة دون أن ينبذهن المجتمع أو تُصعِّب عليهن القوانين الإجراءات، وهو ما تبعه إعلان وزارة التضامن الاجتماعي زيادة أعداد طلبات كفالة الأطفال إثر عرض هذا العمل.