قال السياسي والمفكر المصري محمد سليم العوا إن الهجوم الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بمثابة خطوة أولى لتحرير فلسطين، مبديا أمله أن يعيش ليشهد هذا التحرير.
وحل الدكتور العوا ضيفا على برنامج “المقابلة” في حلقة ثانية (يمكن مشاهدتها كاملة عبر منصة الجزيرة 360، وتناولت رؤيته لعملية طوفان الأقصى وتوقعاته لمآلاتها، إضافة لثورات الربيع العربي، وتجربة حكم جماعة الإخوان بمصر، مع تقييم المشهد السياسي العربي الراهن.
ويرى أن هجوم المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول يمثل منعطفا تاريخيا في مسار القضية الفلسطينية، واصفا إياه بأنه “الخطوة الأولى نحو تحرير فلسطين”.
واعتبر العوا أن هذا الهجوم مختلف تمام الاختلاف عن أي مواجهات وحروب سابقة متعلقة بالقضية الفلسطينية، لأنه أول هجوم تقوم به المقاومة متكاتفة بجميع فصائلها، وليس فقط حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.
الأول من نوعه
وأبرز العوا أهمية طوفان الأقصى في كونها المرة الأولى منذ عام 1936 التي تبادر فيها المقاومة الفلسطينية بالفعل، موضحا “كنا دائما يُعتدى علينا فنقاوم.. لكن هذه أول مرة يكون الفعل الأصلي فلسطينيا متجانسا متكاتفا متسقة فيه الفصائل كلها في غزة والضفة”.
وعبر عن تفاؤله بمستقبل القضية الفلسطينية قائلا “سوف يرى من يعيش هذا التحرير فإذا أنا عشت وشاهدت ذلك سأكون سعيدا وإذا مت فسترون بعدي أن هذه كانت الخطوة الأولى لتحرير فلسطين”.
وتطرق العوا إلى حجم الخسائر البشرية الناجمة عن طوفان الأقصى والرد الإسرائيلي عليها، قائلا “صحيح أننا خسرنا خسارة هائلة في الأموال والنساء والأطفال ولا سيما الأطفال. وأنا أعتقد دائما أن هناك تعمدا لقتل الأطفال للقضاء على الجيل القادم ولكن هذا لن يتم”.
وفي تفسيره لهذه الخسائر من منظور مختلف، يعتبر العوا أن ما يراه البعض كارثة ومصيبة هو بالنسبة للمسلمين جوائز “فقتلانا في الجنة وكل شهيد يشفع في 70 من أهل بيته ويجلب من ورائه عشرات المقاومين من أهله”.
الموقف العربي ودور إيران
وانتقد العوا الموقف العربي، موضحا أن الحكومات العربية تبنت منذ سنوات خطابا مفاده أن القضية الفلسطينية خاصة بالفلسطينيين بالدرجة الأولى، ومن ثم تعجب من استنكار البعض قيام الفلسطينيين بهذه العملية بعد أخذهم بالنصيحة وإعدادهم وتنفيذهم عملية بأنفسهم لتحرير بلادهم.
وأشار إلى الدور الذي تلعبه بعض الدول العربية في الوساطة، قائلا “الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر موضوع توجبه المروءة وأي إخفاقات فهي ذنب الاحتلال الذي يعلم الجميع كذبه”.
وأكد العوا ثقته في انتصار القضية الفلسطينية في النهاية، قائلا إنه “موقن أن النصر بفضل الله في جانب الحق”.
وفيما يتعلق بدور إيران، يرى العوا أنها لا تقود محورا كما يرى البعض وإنما هي جزء من المعسكر الذي يعادي إسرائيل، مضيفا “لا أدافع عن إيران فيما تفعله في سوريا أو أي مكان.. لكن أدافع عن المقاومة”.
ثورة يناير والرئيس مرسي
وخلال حديثه عن ثورات الربيع العربي وفي مقدمتها ثورة 25 يناير2011 في مصر، أوضح العوا أن الناس ثاروا لـ3 أهداف عبروا عنها بـ3 كلمات الشعار الشهير “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”.
وحمّل العوا مسؤولية تردي الأوضاع في مصر قبل الثورة إلى نخبة في الإدارة السياسية التي كانت تحت مظلة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، والتي أدت إلى مجموعة من التراكمات صنعت 25 يناير.
وتحدث عن مشاركته الشخصية في أحداث الثورة، ودوره في المفاوضات مع النظام آنذاك، وموقف جماعة الإخوان من الثورة ودورها فيه، ثم تناول فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي.
وفي تقييمه لهذه الفترة، قال العوا إن فكرة الإخوان عن الحكم لم تكن ناضجة بالقدر الكافي، مضيفا أنه خلال فترة حكم مرسي كانت هناك فرص كثيرة جدا لتعديل أوضاع كثيرة أدت لما حصل بعد ذلك لكنه لم ينتهزها بعضها بسبب عدم موافقة الإخوان وبعضها لأنه لم يدرك أن لها هذه القيمة.
ويرى العوا أن قرار الإخوان الترشح للرئاسة لم يكن صائبا وكذلك الإصرار على نسبة عالية جدا للأغلبية في مجلس الشعب الذي حلته المحكمة الدستورية لاحقا، مضيفا بأنه كان يجب أن تترك الفرصة لحكم غير مؤدلج يكون بمثابة جسر بين فترة حكم مبارك وبين فترة الحكم الديمقراطي الرشيد.
لقاءي مرسي
وكشف العوا عن لقاءين جمعاه بالرئيس الراحل بعد عزله واحتجازه، الأول كان خلال محاكمته، وفيه سأله مرسي عما إذا كان الشارع سيغير ما حدث، فكان رده بأن الشارع لن يستطيع، فاستغرب كيف ذلك وهناك مئات الآلاف في الشارع، فأجابه العوا بأن الدولة معها الجيش والشرطة والقضاء.
أما اللقاء الثاني فكان في سجن برج العرب، واستمر هذا اللقاء الذي حضره محامون آخرون نحو ساعتين ونصف الساعة، ووصف العوا حالة مرسي خلاله بأنه كان صابرا ومحتسبا ولم يكن عنده أمل في أن الأمور بعد هذا الحد ستتغير.
وتطرق العوا إلى إمكانية حدوث مصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحالي في مصر، قائلا “الأمر يتوقف على النظام فإذا قبل بمبدأ المصالحة قد تكون هناك نتائج إيجابية جيدة.. لكن لا أعرف بأي بادرة جادة لذلك”.
وفي تقييمه للمشهد السياسي العربي الراهن، أكد العوا أن الوضع الحالي في مصر والوطن العربي يحتاج إلى وقت طويل حتى تتحقق الديمقراطية. وقال “الوضع الذي نحن فيه بمصر والوطن العربي إذا ما بقي كما هو فسيكون أمامنا وقت كبير حتى نرى الديمقراطية”.
وأشار إلى أن الشعوب العربية لم تكن جاهزة لتقبل نمط الحكم الذي جاء به الإسلاميون في الدول العربية، وأن الأمر كان يحتاج إلى تمهيد من خلال آخرين للوصول إلى الديمقراطية المنشودة.