قضت المحكمة العليا في إيطاليا بأن أداء التحية الفاشية -التي تعرف أيضا باسم “التحية الرومانية”- في المسيرات، أمر قانوني ولا يعد جريمة ما لم يهدد النظام العام أو يؤدي إلى إحياء الحزب الفاشي المحظور في البلاد.

وأمرت المحكمة -الخميس الماضي- بإجراء محاكمة استئناف ثانية لـ8 من مسلحي حركة الفاشيين الجدد الذين أدوا التحية خلال تجمع بمدينة ميلان عام 2016 بمناسبة ذكرى مقتل زميلهم في المدينة عام 1975، حسبما أفادت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية.

وينص قرار المحكمة على أن “التحية الرومانية لا تعتبر جريمة إلا إذا كان هناك خطر ملموس من إعادة تأسيس الحزب الفاشي، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 من قانون سكيلبا، أو كانت هناك أهداف ملموسة للتمييز العنصري والعنف”.

ويحظر قانون سكيلبا لعام 1952 الفاشية أو إعادة إحياء حزب الزعيم الإيطالي الفاشي الراحل بينيتو موسوليني، بينما يحظر قانون مانشينو لعام 1993 “خطاب الكراهية والعنف المبني على دوافع عنصرية”.

وتتمثل التحية الرومانية في مد الذراع اليمنى إلى الأمام مع لمس راحة اليد بالإبهام، وتعتبر رمزا للفاشية التي استندت إلى تقليد ينسب شعبيا إلى روما القديمة.

وفي 8 يناير/كانون الثاني 2024، أظهر مقطع فيديو المئات وهم يؤدون التحية الفاشية خلال مظاهرة في روما بمناسبة الذكرى الـ46 لمقتل 3 من مسلحي جناح الشباب في “الحركة الاجتماعية الإيطالية” المنحلة.

وفي مقطع الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع، وقف المتظاهرون في صفوف منظمة وأدوا التحية وهتفوا “حاضر” 3 مرات، قبل أن يهتف قائد المسيرة، “لجميع الرفاق الذين سقطوا!”.

يذكر أن “الحركة الاجتماعية الإيطالية” هي حزب فاشي جديد تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتحول في النهاية إلى حزب “إخوان إيطاليا” الذي تقوده رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني.

وتحاول رئيسة الوزراء الإيطالية منذ توليها السلطة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إبعاد حزبها عن جذوره الفاشية الجديدة، قائلة إن “الفاشية أصبحت تاريخا منذ عقود مضت. لا يوجد فاشيون أو عنصريون أو معادون للسامية في حزب “إخوان إيطاليا”.

وبالعودة إلى حكم المحكمة العليا، فقد أشاد حزب “كاساباوند” الفاشي الجديد بالحكم ووصفه بأنه “نصر تاريخي”، وقال المتحدث باسم الحزب لوكا مارسيلا لوكالة الأنباء الإيطالية “أنسا”، “بالطبع، سنواصل أداء التحية الرومانية”.

أما أحزاب المعارضة فأدانت الحكم، ودعت حكومة ميلوني إلى حظر الجماعات الفاشية الجديدة، وكذلك حزب “فورزا إيطاليا”، الشريك في ائتلافها.

الفاشية.. نزعة عنصرية تمجد الدولة

والفاشية تيار سياسي وفكري من أقصى اليمين، ظهر في أوروبا في العقد الثاني من القرن الـ20، له نزعة قومية عنصرية تمجد الدولة إلى حد التقديس، ويرفض نموذج الدولة الذي ساد أوروبا منذ أواخر القرن الـ19 القائم على الليبرالية التقليدية والديمقراطية البرلمانية التعددية.

تعود جذور الفاشية الإيطالية إلى حرب الوحدة التي انتهت عام 1870 بضم العاصمة روما، ومع اكتمال الوحدة الترابية، وبرز إشكال هوية حاد أججه التباين الكبير بين سكان إيطاليا اجتماعيا واقتصاديا وعرقيا.

استغل بينيتو موسوليني الوضع وأسس جماعة متشددة في ميلان عرفت بالفاشية، تصاعد نفوذها فأصبحت حركة سياسية منظمة استطاعت إيصاله إلى البرلمان عام 1921، ثم شكل فرقا مسلحة من المحاربين القدامى سُميت “سكوادريستي” لإرهاب الاشتراكيين والشيوعيين.

وفي العام 1922، صعد موسوليني حملته وبدأ في تنظيم مظاهرات كبرى شارك فيها الآلاف من أصحاب القمصان السود (شعار الفاشيين الإيطاليين)، رافعا شعار “إما أن تُعطى لنا الحكومة أو سنأخذ حقنا بالمسير إلى روما”.

وتوجه ما يقارب 14 ألف فاشي إلى روما بالقطارات والحافلات، فناشد رئيس الوزراء الملك أن يعلن حالة الطوارئ لكن الملك رفض ذلك، وفي أعقاب موجات عنف وفوضى كلف موسوليني بتشكيل الحكومة.

وبعد الوصول إلى السلطة ألغى موسوليني الأحزاب والمنظمات النقابية ومنع كل نشاط لغير الفاشيين وقمع كل خصومه ونصب نفسه القائد الأوحد.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، نهج موسوليني سياسية عدوانية تقوم على المغامرة إذ احتل إثيوبيا، ودعم الجنرال فرانكو خلال الحرب الأهلية الإسبانية، وربط صلات وثيقة بألمانيا النازية وتحفز لدعمها في بواكير الحرب العالمية الثانية، التي خسرها الحليفان وسقطت الفاشية مع دخول قوات الحلفاء روما عام 1943 وأُلقي القبض على موسوليني وأُعدم.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية + مواقع التواصل الاجتماعي

شاركها.
Exit mobile version