يحتاج الجميع للشعور بالحب والصداقة، لكن في بعض الأحيان يجد كثيرون أنفسهم غير قادرين على تكوين صداقات جديدة أو حتى الحفاظ على الصداقات الموجودة بالفعل؛ بسبب الظروف الاجتماعية مثل الانتقال من مكان لآخر، أو بسبب بعض الصفات الشخصية مثل الخجل والانعزالية أو القلق الاجتماعي.

فكيف يمكن التغلب على مشاعر العزلة والاستمتاع بالوحدة، حتى عند غياب الأصدقاء، أو بسبب اختيار الشخص للوحدة. إليك نصائح خبراء علم النفس التي تساعدك على التحفيز الاجتماعي وتكوين صداقات.

تعلّم تقدير الوحدة

رغم أن البشر كائنات اجتماعية جبلوا على التواصل مع الآخرين، فإنه من المهم أن يتعلم الإنسان كيفية تقدير الوقت الذي يقضيه بمفرده؛ لأنه يمكن أن يكون فرصة للتعرف على النفس بصورة أفضل وتعلم الاستمتاع بالأنشطة الفردية، بالإضافة إلى تبني بعض ممارسات الرعاية الذاتية التي تضفي السعادة على الشخص حتى أثناء الوحدة، وفق منصة “هيلث لاين”.

وقبل الدخول في تفاصيل وطرق العثور على السعادة، ينبغي التفريق بين أن يكون الشخص وحيدا مكانيا وبين أن يشعر بالوحدة والانفصال عمن حوله رغم أن أنه محاط بالعائلة والأصدقاء، مما يرسخ داخله المشاعر المؤلمة.

تقول فرجينيا توماس أستاذ علم النفس المساعد في كلية ميدلبري: إن شعور الشخص بالعزلة يعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان اختارها أم فرضت عليه. فالأشخاص الذين اختاروا العزلة بإرادتهم لأنهم ممتلئون بأفكارهم ولديهم الكثير ليفعلوه في وحدتهم، يختلف منظورهم للوحدة عن هؤلاء الذين فُرضت عليهم العزلة وينظرون إليها كعقاب.

وتظهر معظم الأبحاث أن العزلة تصبح خيارا شخصيا كلما تقدم الناس في العمر، حيث يسيطر الشخص على وقته وتصبح أهدافه محددة بسبب تطور مهاراته المعرفية والعاطفية، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.

ورغم أنه من السائد أن الانطوائيين فقط هم من يستمتع بالعزلة، لكن من وجهة نظر توماس فإن أي شخص يمكنه الاستمتاع بالعزلة إذا تمكن من استغلالها جيدا وقرر ما الذي يريده من وقته سواء أكان الاستمتاع بالأنشطة الإبداعية أو حتى البقاء هادئا دون أن يكون مطالبا بشيء ما، حيث إن للعزلة تأثيرا مهدئا للعقول، الأمر الذي لا يدركه الأشخاص الذين يربطون الوحدة بالملل أو القلق.

دراسة استقصائية: 22% من جيل الألفية أفادوا بأنه ليس لديهم أصدقاء (غيتي)

الصداقة ثمرة بطيئة النضج

لكن لماذا لا يمكن للبعض تكوين صداقات جديدة أو حتى الحفاظ على الصداقات القديمة؟

أصبح هذا التساؤل مصدر قلق لعدد كبير من الناس خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ووجدت إحدى الدراسات الاستقصائية التي أجرتها إحدى شركات الاستطلاع أن 22% من جيل الألفية أفادوا بأنه ليس لديهم أصدقاء.

ووفقا لأخصائية علم النفس السريري جيسيكا أرميلو، هناك العديد من الأسباب التي تجعل الشخص يواجه صعوبة في تكوين الصداقات، ومنها القلق الذي يسيطر على بعض الأشخاص بدرجات مختلفة عند مقابلة أشخاص جدد بسبب الخوف من الرفض أو أحكام الآخرين، وهو ما يمنعهم من التواصل الجيد مع من حولهم ويعزز عزلتهم، حسب قولها لمنصة “فري ويل مايند”.

وهناك أسباب أخرى تمنع تكوين الصداقات، ربما لا نضعها في الاعتبار رغم أنها شائعة ويمكن حلها ببعض الترتيب، ومنها أن يكون الشخص منشغلا للغاية بحياته العملية، أو أن تكون امرأة منشغلة للغاية بحياتها الاجتماعية ومتطلبات الأسرة، وهو ما يدفعهم لإهمال الصداقة لأجل أولويات أخرى، حسب تقرير نشرته منصة “تشوسينغ ثيربي”.

الصداقات الحقيقية تتطلب مجهودا

وبحسب منصة “هابينيس” يتطلب تكوين الصداقات الحقيقية التواصل بين الشخصين وبذل بعض المجهود. ربما يتمكن البعض من ذلك لبعض الوقت، لكن لن تستمر صداقة حقيقية دون مجهود ورغبة صادقة؛ لأن الصداقة ثمرة بطيئة النضج، كما قال أرسطو.

وكشف الباحث جيفري هول في دراسة نشرت في مجلة العلاقات الشخصية والاجتماعية تعزز هذا الرأي، أن انتقال شخص من مرحلة التعارف إلى مرحلة الصداقة يتطلب قضاء ما يقرب من 50 ساعة معه، أما انتقاله إلى فئة الصديق المقرب يتطلب ما يقرب من 300 ساعة من البقاء معا في أوقات متباينة وأنشطة مختلفة.

3-جودة الصداقة في كيفيتها وليس في مدتها-(بيكسلز)
الانتقال لفئة الصديق المقرب يتطلب نحو 300 ساعة من البقاء معا في أوقات وأنشطة مختلفة (بيكسلز)

التحضير للصداقة

ويبين موقع “بيتر هيلث” أن هناك مرحلة ما قبل الصداقة يمكن أن يطلق عليها التحضير للصداقة، حيث لا يمكن لشخص ما تكوين صداقات فقط لأنه يرغب في ذلك، لكن ينبغي أن يسعى للصداقة مع الأشخاص المناسبين وتقبل احتمالات الرفض. وإذا استطاع الشخص تقبل هذا الاحتمال سيتجاوز حاجزا كبيرا يبقيه وحيدا.

ويمكن أن يبتعد الأصدقاء المحتملون في بدايات الصداقة لعدة أسباب، منها: مطالبتهم بتبني مواقفنا ومعتقداتنا دون احترام الاختلاف، أو حتى مشاركة الأسرار العميقة منذ اللحظة الأولى.

وقد يظن البعض أن هذه المشاركة العميقة توطد الصداقة سريعا، لكنها على العكس تشعرهم بالقلق، وأنهم يتحملون مسؤولية صداقة لم تبدأ بعد، لذا كن هادئا وصبورا، واجعل العلاقة تكتسب بعض الثقل قبل أن تشارك الأسرار والقضايا الأهم في حياتك.

بناء الثقة والماضي المشترك

بما أن الصداقة تبدأ صغيرة ثم تكبر مع الوقت، فغالبا ما يكون الأصدقاء بحاجة إلى إثبات الثقة في الأمور الصغيرة، ولهذا الغرض تنصح منصة “سوشيال سيلف” بما يلي:

  • الحضور في الوقت المحدد.
  • عدم تجاهل المواعيد دون اعتذار.
  • عدم المقاطعة أثناء الحديث.
  • الاهتمام أثناء الاستماع.
  • وبعد ذلك تأتي مرحلة بناء ذكريات مشتركة.

لذا تأكد من تواجدك بجوار أصدقائك في الأحداث الحياتية المهمة سواء أكانت أحداثا سعيدة أو حزينة، ولا تعول دائما على أن الأصدقاء سيقدرون انشغالك عنهم. ربما يقدرون ذلك؛ لكنهم ينشغلون عنك أيضا؛ فتنتهي الصداقة قبل أن تبدأ.

شاركها.
Exit mobile version