تعبر بعض الأفلام بنجاح اختبار الصمود أمام أجيال متعاقبة، وتعاد مشاهدتها من الأجداد والآباء والأحفاد في آن واحد، والكل يستمتع بها. هنا نعيد اكتشاف بعض من كلاسيكيات السينما العربية، أفلام تصلح للمشاهدة الأسرية، مسلية ومضحكة، تنقل لنا صورا عن المجتمع وقت إنتاجها، ولكن في الوقت ذاته تصلح للعرض في كل زمان، أفلام قادرة على كسر حاجز الأبيض والأسود الذي لم يتعود عليه الصغار بقصصها المثيرة وحبكاتها التي تجمع بين الهزل والجد.

سر طاقية الإخفاء

قبعة قماشية صغيرة تخفي صاحبها عن العيون، فيستطيع تغيير حياته للأفضل، واستعادة كرامته المهدرة من بلطجية حارته، والحفاظ على حب خطيبته، هذه القبعة تحمل اسم “طاقية الإخفاء” والفيلم، وهو من إنتاج 1959، وإخراج نيازي مصطفى، وبطولة عبد المنعم إبراهيم وتوفيق الدقن وزهرة العلا.

“عصفور” صحفي شاب يعاني من القهر في الشارع وعمله، يكتشف شقيقه الأصغر “فصيح” طاقية الإخفاء عن طريق الصدفة وتجربة علمية فاشلة، لتحمل له الخلاص من كل أعبائه، ولكن لكل شيء ثمن، وهو ما نكتشفه من خلال الحبكة الكوميدية للغاية التي تعتمد على كل من المواقف الهزلية والخداع البصري.

نيازي مصطفى مخرج الفيلم له خلفية في عالم المونتاج قبل الإخراج، وتعلم بسبب هذه الخبرة أسرار استخدام المؤثرات البصرية كما لم يحدث لمخرج مصري قبله، وعلى بدائية هذه الخدع بالنسبة للزمن الحالي والتطور التكنولوجي الواسع، فإنها لا تزال قادرة على إبهار المشاهد وإضحاكه.

طاقية الإخفاء عاملة شغل مع عصفور وفصيح 😂😂

عائلة زيزي

لو رغبت في جذب اهتمام طفل لمشاهدة فيلم بالأبيض والأسود للمرة الأولى، اعرض له فيلم “عائلة زيزي” الذي يجمع العديد من المزايا، أولاها أنه بطولة طفلة بالأساس، نرى الأحداث كلها من وجهة نظرها، بل حمل الفيلم اسمها.

عائلة زيزي إخراج عبقري الكوميديا فطين عبد الوهاب، وبطولة فؤاد المهندس وسعاد حسني وأحمد رمزي وعقيلة راتب، وعلى رأسهم الطفلة إكرام عزو، إنتاج عام 1963، وتدور أحداثه في إطار عائلة تتكون من أم و4 أبناء، منهم 3 بالغين وطفلة واحدة فقط هي “زيزي”، لكل ابن من الأبناء شخصية مختلفة لدرجة التطرف، الابن الأكبر سبعاوي لا يشغل باله سوى آلة يخترعها تحوّل القطن إلى قماش مباشرة، والابنة سناء لا تستطيع التوقف عن مطاردة حلم التمثيل، في حين أن سامي الرومانسي لا ينفك عن مطاردة جارته الجميلة، وبينهم تقع حائرة الأم التي لا تستطيع السيطرة على هذا السيرك، وتراقب الفوضى وتخبرنا عنها الطفلة زيزي التي تبدو كما لو أنها أكثر أفراد عائلتها تعقّلا.

عنتر ولبلب

قدم المخرج سيف الدين شوكت العديد من الأعمال قبل وبعد “عنتر ولبلب”، ولكن لم يصل إلى الدرجة ذاتها من النجاح والشهرة إلا مع هذا الفيلم بمشاهده الهزلية المضحكة للغاية، وهذا السباق العجيب الذي جمع بين أبطاله.

الفيلم إنتاج عام 1952، وشارك بطولته كل من محمود شكوكو وسراج منير، تدور أحداثه حول “لبلب” الشاب الهادئ خفيف الظل الذي يعيش في حي شعبي ويتمنى الزواج من حبيبته “لوزة” جميلة الحارة، ولكن يصارعه عليها الرجل الثري والشرس القوي البنية “شمشون”، وللحفاظ على حبيبته يتحدى لبلب شمشون بضربه عددا معينا من الصفعات على الوجه، وبينما يعتمد شمشون على عضلاته، يركز لبلب على استخدام ذكائه ومساعدة أهل الحارة الطيبين، لتصبح كل صفعة وراءها مغامرة مضحكة أكثر.

ركزت أفلام بداية الخمسينيات على إبراز الطبيعة المميزة للحارة المصرية والمختلفة بشكل كبير عن الوضع الحالي، لذلك مشاهدة هذا الفيلم رحلة للماضي لرؤية مصر أخرى حتى لو لم تكن دقيقة تماما.

ابن حميدو

يمكن أن تقتصر هذه القائمة على أفلام النجم إسماعيل ياسين، فأعماله بالفعل كلاسيكيات راسخة في السينما العربية، وفي الوقت ذاته تصلح للمشاهدة العائلية، ولكن اخترنا منها واحدا من أشهرها وهو “ابن حميدو” الذي تستخدم إفيهاته (مواقف ساخرة) حتى الآن في الحديث الدارج حتى دون الحاجة لتذكر مصدرها الأصلي لأنها جزء أصيل من الثقافة الشعبية العربية وليست المصرية فقط.

ابن حميدو أيضًا إخراج فطين عبد الوهاب، وإنتاج عام 1957، وشارك إسماعيل ياسين البطولة كل من أحمد رمزي وهند رستم وعبد الفتاح القصري وزينات صدقي، وتدور أحداثه في مدينة السويس عندما يقوم شرطيان بتحريات سرية وهما متنكران في هيئة صيادي سمك، وخلال هذه المهمة يقعان في حب “حميدة” وأختها “عزيزة” ابنتي المعلم حنفي شيخ الصيادين، الأمر الذي يطور الحبكة الكوميدية بشكل متصاعد يرهق المشاهدين ضحكا.

أم العروسة

في “أم العروسة” شاهدنا كلا من عماد حمدي وتحية كاريوكا في أدوار كوميدية مختلفة تماما عن مسيرتيهما الفنية السابقة. الفيلم من إخراج عاطف سالم، وتأليف عبد الحي أديب اقتباسا عن رواية عبد الحميد جودة السحار بالاسم نفسه، وهو إنتاج 1963.

يتناول “أم العروسة” قصة عائلة حسين موظف الحكومة وزوجته زينب، وأطفالهما الكثر، وكيف تتحول حياة الجميع إلى فوضى بسبب خطبة كبرى بناته واضطراره إلى تجهيز منزل الزوجية براتبه الضعيف ومسؤولياته التي لا تنتهي بوصفه رب أسرة عملاقة.

يرصد الفيلم حال الطبقة الوسطى المصرية خلال الخمسينيات والستينيات بصورة كوميدية، وكيف كافح موظفو الحكومة للحفاظ على المظهر الاجتماعي في ظل معاناتهم الاقتصادية المستمرة، ويعتبر العمل مثاليًا للمشاهدة العائلية بسبب الكوميديا النابعة من تفاعلات الأطفال والكبار مع بعضهم بعضا، وقدرة المخرج على إبراز التفاصيل الخاصة لكل شخصية مع كثرتها، فيصبح المشاهد قادرا على التماهي معها حتى مع مرور 60 سنة على عرضه.

 

شاركها.
Exit mobile version