ترسل وكالات الفضاء المختلفة بشكل دوري “روبوتات” ومركبات آلية لاستكشاف القمر والكواكب والأجرام السماوية الأخرى، من أجل تحسين فهمنا للبيئة والموارد في أجزاء مختلفة من النظام الشمسي.

ومؤخرًا أجرى باحثون من معهد جامعة تورنتو لدراسات الفضاء ومختبر الدفع النفاث التابع لناسا، دراسة لاستكشاف الإستراتيجيات التي يمكن أن تحسّن فعالية استكشافات القمر ونجاحها باستخدام مركبات تعمل بالطاقة الشمسية.

وتقدم ورقتهم المنشورة على موقع “أركايف” -المخصص للنشر المؤقت للبحوث العلمية- نهجًا جديدًا يمكن أن يساعد المركبات التي تعمل بالطاقة الشمسية، على مغادرة المناطق المظللة بشكل دائم على القمر بأمان.

محاولة محفوفة بالمخاطر

يقول أوليفييه لاماري، الباحث الذي قاد الدراسة، لموقع “فيز دوت أورغ”، “في السنوات الأخيرة، أعربت دول عدة عن اهتمامها باستكشاف القطب الجنوبي للقمر، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا وغيرها”.

يمكن أن تتمتع المركبات الجوالة التي تعمل بالطاقة الشمسية بالعديد من المزايا من حيث كفاءة الطاقة، ومع ذلك فهي محدودة بسبب اعتمادها على ضوء الشمس للعمل. ونظرًا لأن بعض المناطق على القمر تكون في الظل بشكل دائم، فإن اعتماد المركبات الجوالة على ضوء الشمس يمكن أن يمنعها من استكشاف هذه المناطق ثم مغادرتها بأمان، بسبب  نفاد طاقتها أثناء مهمتها.

وكان آخر تلك المركبات التي حاولت الهبوط على القطب الجنوبي للقمر -وهو الجانب المظلل دائمًا من القمر- هي مركبة الفضاء الروسية “لونا 25″، التي تحطمت يوم 20 أغسطس/آب الجاري، وهي في طريقها للهبوط بالفعل، وربما يكون ما تعرضت له المركبة ذا صلة بمشكلة هذه النوعية من المهمات الفضائية.

لذا فقد كان الهدف الرئيس للعمل الأخير الذي قام به لاماري وزملاؤه، هو تحديد احتمالية فقدان المركبات التي تعمل بالطاقة الشمسية أثناء استكشافها لهذه المناطق المظللة على القمر. بالإضافة إلى ذلك، رغب الفريق في الوصول إلى نهج يمكن أن يساعد في زيادة احتمالية إتمام المركبات التي تعمل بالطاقة الشمسية لمهامها بأمان.

لماذا تبحث روسيا عن المياه على القمر؟ ومن يتسابق معها؟

سياسة الاسترداد

أوضح لاماري أننا نحتاج في البداية لتحديد ما يعنيه أن تكون المركبة الجوالة التي تعمل بالطاقة الشمسية آمنة في القطب الجنوبي للقمر، وللقيام بذلك، يجب تحديد مكان وجود العربة الجوالة في منطقة الظل الدائم على سطح القمر، وفي أي وقت هي من مهمتها، ومقدار الطاقة المتبقية في بطارياتها.

وهذا يعطي مؤشرًا إلى حالة للمركبة، وما إذا كانت ستدخل في حالة سبات في مكانها قبل المرحلة التالية من مهمتها أو لا. بعد ذلك، يتم التخطيط عبر الإنترنت لما يمكن للمركبة الجوالة اتباعه من خطوات لاجتياز الوضع الذي توجد فيه، وذلك من أجل زيادة احتمالية بقائها تعمل.

تُعرف منهجية التخطيط التي حددها لاماري وزملاؤه بسياسة الاسترداد، حيث إنها في الأساس إستراتيجية احتياطية تسمح للمركبة بزيادة فرصة الوصول إلى بر “الأمان”، حيث المناطق التي يصل إليها ضوء الشمس، ومن ثم مناطق إعادة شحن بطاريتها. وقد أظهر الباحثون في ورقتهم البحثية أن حساب سياسة الاسترداد هذه يمكن أن يمثل تحديًا؛ لأنه يتطلب العديد من التقديرات التقريبية التي إذا كانت غير صحيحة إلى حد كبير، فقد تؤثر في موثوقية التنبؤات الإجمالية.

ففي القطب الجنوبي للقمر، تكون الإضاءة الشمسية ديناميكية للغاية؛ حيث قد تلقي الجبال والفوهات المجاورة بظلال كبيرة على السطح، فإذا كانت المركبة الجوالة متأخرة قليلًا عن الجدول الزمني مقارنة بما تفترضه السياسة التقريبية، فقد تفوتها فترة شحن شمسية حرجة. وينطبق الشيء نفسه إذا كانت متقدمة قليلًا عن الجدول الزمني مقارنة بما تفترضه السياسة.

مزايا سياسة الاسترداد

النهج المقترح مفيد من نواحٍ عديدة من وجهة نظر الباحثين؛ لأنه يمثل خطوة نحو وجود خوارزميات تخطيط للتنقل بعيد المدى، تأخذ بعين الاعتبار المخاطر بشكل استباقي، التي يمكن أن تتعرض لها المركبات الجوالة التي تعمل بالطاقة الشمسية.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يصبح النهج أداة مفيدة للمشغلين البشريين أثناء قيامهم بصياغة بعثات جديدة للمركبات الجوالة في القطب الجنوبي للقمر، حيث يمكن استخدامها لاختيار موقع الهبوط، والتخطيط لتجاوز المخاطر والتنبؤ بها، وغير ذلك، أو حتى لدعم مهمة جارية من الأرض.

وقد اختُبر النهج باستخدام البيانات المدارية لإحدى الحفر القمرية، ويأمل الفريق في استخدام خرائط الإضاءة الشمسية الخاصة بوكالة ناسا، ومن ثم تطبيق تقنيتهم في العديد من المناطق الأخرى في القطب الجنوبي للقمر، كما يعمل الفريق على تجهيز جيل جديد من خوارزميات الملاحة بعيدة المدى، للتنبؤ بالمخاطر لاستكشاف القطب الجنوبي للقمر، باستخدام المركبات التي تعمل بالطاقة الشمسية.

شاركها.
Exit mobile version