قال أحد كبار مسؤولي الصحة في الصين إن فيروس كورونا (كوفيد-19) لا يزال يمثل‭ ‬خطرا رغم إعلان منظمة الصحة العالمية إنهاء حالة الطوارئ العالمية، مشيرا إلى أن الصين ستواصل مراقبة الفيروس وستزيد من التطعيمات بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

وأنهت منظمة الصحة العالمية أعلى مستوى من التأهب لكوفيد-19 أمس الجمعة بعد أكثر من 3 سنوات من إعلانها الأصلي، قائلة إنه يتعين على الدول الآن التعامل مع الفيروس مثل باقي الأمراض المعدية الأخرى.

وقال ليانغ وانيان رئيس لجنة خبراء التعامل مع كوفيد-19 التابعة للجنة الصحة الوطنية إن إنهاء حالة الطوارئ لا يعني أن كوفيد-19 سيختفي، لكن يمكن الآن السيطرة على تأثيره بشكل فعال.

وأضاف أن الصين ستواصل مراقبة تحورات الفيروس وتعزيز اللقاحات بين المجموعات الأكثر عرضة للخطر والتطلع إلى تحسين قدرات العلاج من المرض.

وتمسكت الصين بسياسة “صفر كوفيد” لفترة طويلة بعد أن بدأت معظم الدول في التعايش مع الفيروس، ولم تبدأ في التخلي عن سياساتها التقييدية سوى في أواخر 2022.

وفي فبراير/شباط الماضي أعلن كبار القادة في الصين تحقيق “انتصار حاسم” ضد فيروس كورونا وسجلوا أدنى معدل وفيات في العالم، لكن خبراء شككوا في بيانات الصين.

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: نهاية وباء كورونا باتت قريبة

الأمل

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت أمس الجمعة أنّ كوفيد-19 بات تحت سيطرة كافية لكي يتم رفع حالة الإنذار القصوى المرتبطة به بعد أكثر من 3 سنوات على انتشار هذا الوباء، الذي تسبب بملايين الوفيات، لكنها حذرت من أنه يجب عدم التراخي.

وقال المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس “بكثير من الأمل أعلن أن كوفيد-19 لم يعد يشكل حالة طوارئ صحية عالمية”، مقدّرا أنّ الجائحة قتلت “ما لا يقلّ عن 20 مليون شخص”، وهي حصيلة أعلى 3 مرات من التقديرات الرسمية.

واعتبر الخبراء الذين تشاور معهم المدير العام أنه “آن الأوان للانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لوباء كوفيد-19” رغم عدم اليقين الذي لا يزال مرتبطا بتطور هذا الفيروس.

وأضاف تيدروس أن “أسوأ شيء يمكن أن يفعله أيّ بلد الآن هو استخدام هذا الإعلان سببا للتخلّي عن حذره أو تفكيك الأنظمة التي أنشأها أو توجيه رسالة إلى شعبه مفادها أنّ كوفيد-19 لم يعد يثير القلق”.

وقال إن “واحدة من أكبر المآسي” بشأن كوفيد-19″أنه كان يمكن أن يمر هذا الأمر بشكل مغاير”، معربا عن أسفه “لقلة التنسيق والإنصاف والتضامن” ولـ”فقدان أرواح كان يجب ألا تزهق”.

وتابع “علينا أن نعد أنفسنا وأطفالنا وأحفادنا بأننا لن نرتكب هذه الأخطاء مرة أخرى”.

الوباء اليوم

رغم ان منحنى الوفيات الناجمة عن كوفيد-19انخفض كثيرا منذ يناير/كانون الثاني، فإن الفيروس لا يزال يتسبب بوفيات بوتيرة شخص كل 3 دقائق الأسبوع الماضي.

وكانت ماريا فان كيركوف -التي كانت مسؤولة عن مكافحة الجائحة في منظمة الصحة العالمية منذ بداياتها- قالت للصحفيين “لا يمكننا أن نتخلّى عن حذرنا”، موضحة “انتهت مرحلة الأزمة، مرحلة الطوارئ، لكنّ كوفيد-19 لم ينته”.

لكن في العديد من الدول، تلاشى الوباء وتم تقليل الفحوصات وعمليات المراقبة الصحية إلى الحد الأدنى، وهو ما تعتبره منظمة الصحة سابقا لأوانه.

وتبقى اللقاحات التي ظهرت في وقت قياسي في نهاية 2020؛ فعّالة ضد أشد أشكال المرض رغم الطفرات العديدة للفيروس الأصلي.

واللقاحات التي شكلت بالطبع نجاحا علميا كبيرا، لا سيما تلك التي تعمل بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال، الذي استخدم للمرة الأولى، احتكرتها في بادئ الأمر الدول التي كانت قادرة على دفع ثمنها الباهظ تاركة دولا أخرى لأشهر طويلة بدون إمكانية الحصول عليها.

وحتى 30 أبريل/نيسان 2023، تم حقن أكثر من 13.3 مليار جرعة من اللقاح. وجرت تعبئة كبرى أيضا من قبل معارضي اللقاح، ما ألقى بشكوك حول عمليات التلقيح عموما وساندتهم حملات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد مدير منظمة الصحة العالمية في الآونة الأخيرة أن “الفيروس يستمر في التحور ولا يزال قادرا على التسبب بموجات جديدة من الإصابات والوفيات”، وأشار أيضا إلى تداعياته طويلة الأمد.

منشأ الفيروس

يبحث العالم الآن عن أفضل طريقة لتجنب أي كارثة صحية محتملة في المستقبل، لكن المجموعة الدولية لم تتمكن بعد من تحديد كيف تحور فيروس كورونا إلى شكل يمكن أن ينتقل بين البشر.

وإذا كانت أولى الحالات رصدت في نهاية 2019 في ووهان بالصين، فهناك نظريتان متعارضتان: حصول تسرب من مختبر في المدينة حيث كانت تجري دراسة هذا الفيروس، او انتقاله عبر حيوان وسيط أصاب الأشخاص الذين كانوا يرتادون سوقا محلية.

هذه النظرية الأخيرة تبدو في الوقت الراهن مرجحة أكثر من قبل غالبية المجتمع العلمي، لكن السلطات الصينية تواجه اتهامات بوضع عراقيل تمنع إحراز تقدم في التحقيق حول منشأ الفيروس.

وفي منظمة الصحة العالمية، بدأت الدول الأعضاء أيضا مناقشة اتفاق مستقبلي ملزم يتيح القضاء على الأوبئة فور ظهورها وتجنب تكرار الأخطاء نفسها.

 

المحطات الرئيسية لأزمة كورونا في العالم

من ظهور الوباء في نهاية عام 2019 إلى رفع منظمة الصحة العالمية لحالة الطوارىء الصحية أمس الجمعة، في ما يأتي أبرز محطات كوفيد-19:

الظهور

في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، لاحظت منظمة الصحة العالمية وجود حالات مقلقة من الالتهاب الرئوي غير المألوف في مدينة ووهان الصينية.

في السابع من يناير/كانون الثاني 2020، تم تحديد السبب وهو فيروس جديد من سلالة كورونا. وبعد 4 أيام، أعلنت بكين تسجيل أول وفاة رسمية. في 23 منه، فرضت حجرا صحيا على ووهان.

إعلانه جائحة

في السادس من مارس/آذار 2020، تجاوز عدد المصابين بالوباء رسميا 100 ألف حالة في جميع أنحاء العالم، وفي 11 مارس/آذار، وصفت منظمة الصحة العالمية الوباء رسميا بأنه “جائحة”.

إغلاق أوروبا

فرضت إيطاليا، أولى الدول الأوروبية المتضررة، الإغلاق في الشمال ليمتد بعد ذلك إلى سائر أنحاء البلاد. وفي 16 مارس/آذار، دعت ألمانيا سكانها إلى “البقاء في منازلهم” والمملكة المتحدة إلى تجنب كل “الاتصالات الاجتماعية”، وأعلنت فرنسا الإغلاق في 17 من الشهر نفسه. وفي هذا السياق، أغلق الاتحاد الأوروبي حدوده الخارجية.

البشرية معزولة

مطلع أبريل/نيسان، تم إجبار أكثر من 3.9 مليارات شخص (نصف البشرية) على حجر أنفسهم أو طُلب منهم ذلك، ووفقا لتعداد وكالة الصحافة الفرنسية، تم الإبلاغ عن أكثر من مليون إصابة.

كما انهارت سوق الأسهم وتوقفت قطاعات كاملة من الاقتصاد العالمي مثل النقل والسياحة. وأعلنت الحكومات والمصارف المركزية أولى الإجراءات الضخمة لدعم الاقتصاد.

لقاحات في وقت قياسي

تم تطوير لقاحات في وقت قياسي، وأعطيت الجرعات الأولى في نهاية عام 2020 في الولايات المتحدة وأوروبا، وبعد انطلاقة خجولة، تسارعت حملات التطعيم بشكل كبير خلال عام 2021، في الدول الغربية.

ولكن على المستوى العالمي، ظل الحصول على اللقاح غير متكافئ: سجلت أفريقيا معدل تطعيم منخفضا للغاية بلغ 24% مقابل 64% في جميع أنحاء العالم (أرقام منظمة الصحة العالمية في خريف 2022).

البحث عن منشأ الوباء

في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2021، حقق وفد من منظمة الصحة العالمية في منشأ فيروس كورونا الجديد في الصين، بدون التوصل إلى نتيجة. ودعت منظمة الصحة العالمية جميع الدول إلى نشر المعلومات المتوفرة لديها، وخصوصا الصين والولايات المتحدة.

ويعتقد الوسط العلمي بشكل كبير أن الوباء بدأ لأن حيوانا نقل الفيروس إلى الإنسان، ربما في سوق هوانان في مدينة ووهان الصينية. إلا أن باحثين ومسؤولين أميركيين رجحوا فرضية تسرّب الفيروس من مختبر، على ما يبدو من معهد ووهان.

دلتا وأوميكرون.. متحورات خطيرة

أدت متحورة دلتا إلى وفيات هائلة في أبريل/نيسان ومايو/أيار 2021 في الهند، التي أصبحت ثالث أكثر دولة متضررة من الوباء في العالم. وتسببت في تفش جديد للوباء، خصوصا في روسيا.

في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، أحدثت متحورة أوميكرون، الأكثر عدوى، والتي ظهرت في جنوب أفريقيا، موجة من الذعر. وانتشرت في جميع أنحاء العالم مطلع عام 2022، مما تسبب في إصابات قياسية ولكن مع أعراض أقل حدة.

رفع التدابير تدريجيا

في مارس/آذار 2022 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن جائحة كوفيد-19 قد تتراجع هذا العام إلى حدّ يصبح فيه الخطر الذي تشكّله شبيها بخطر الإنفلونزا الموسمية.

ورفعت البلدان تدريجيا حالة الطوارئ الصحية وإجراءاتها لمكافحة كوفيد-19. مع إعادة إصدار الصين بشكل خاص تأشيرات الدخول ونهاية التطعيم الإجباري لدخول الولايات المتحدة أو لمقدمي الرعاية في فرنسا في مايو/أيار.

رفع حالة الطوارئ الصحية

وفي الخامس من مايو/أيار 2023، قررت منظمة الصحة العالمية رفع حالة الطوارئ الصحية. وقدر مديرها العام أنّ الجائحة قتلت “ما لا يقلّ عن 20 مليون شخص”، وهي حصيلة أعلى 3 مرات من التقديرات الرسمية.

شاركها.
Exit mobile version