دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — قام العلماء بتجميع مسودة جديدة للجينوم البشري تلتقط بشكل أفضل التنوع الجيني للبشرية.

وضُمّن الـ”pangenome” الجديد الحمض النووي لـ47 فردًا من كل قارة، باستثناء القارة القطبية الجنوبية وأوقيانوسيا. وقال العلماء المشاركون إن ذلك سيحسّ من قدرتنا على تشخيص المرض، واكتشاف عقاقير جديدة، وفهم المتغيرات الجينية التي تؤدي إلى اعتلال الصحة، أو سمة جسدية معينة.

إلى الآن، استخدم علماء الوراثة جينوم بشري واحد، يعتمد بشكل كبير على فرد واحد، كخريطة مرجعية قياسية لاكتشاف التغيرات الجينية التي تسبب المرض. ويحتمل أن يكون هذا قد فاته بعض التنوع الجيني بين الأفراد والمجموعات السكانية المختلفة حول العالم.

وقال إريك غرين، مدير المعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري في الولايات المتحدة، الذي موّل المشروع في مؤتمر صحفي: “يمثل هذا البانجينوم المرجع إنجازًا علميًا رائعًا، ويوفر رؤية موسعة لمخطط الحمض النووي للبشرية، مع تنوع بشري أكبر بكثير من التسلسلات المرجعية السابقة”.

وأفاد غرين “أنّ وجود مرجع بانجينوم بشري عالي الجودة يعكس بشكل متزايد تنوع البشر، ويمكّن العلماء والمتخصّصين بالرعاية الصحية من فهم كيفية تأثير المتغيرات الجينية على الصحة والمرض بشكل أفضل، وتحريكنا نحو مستقبل يفيد فيه الطب الجيني الجميع”.

وما زال بانجينوم، وهو اندماج رقمي للمتواليات التي يمكن استخدامها لمقارنة وبناء ودراسة متواليات الجينوم البشري الأخرى، مسودة. ويأمل الباحثون في ضم 350 شخصًا بحلول منتصف عام 2024. تم تفصيل الإنجاز العلمي في العديد من الأوراق البحثية التي نُشرت في مجلة Nature والمجلات الشريكة لها، الأربعاء.

وأوضح بنيامين شويسينغر، الأستاذ المساعد في الجامعة الوطنية الأسترالية، غير المشارك في المشروع، أنه يمكنك أن تتخيل أنّ هذا الإنجاز أشبه بخارطة طريق جديدة لتوصيل أطفالك إلى المدرسة. فعوض أن تسلك الطريق عينها كل يوم، قد يسلك جارك طريقًا مختلفًا قليلاً في شارع جانبي”.

وأفاد شويسينغر في بيان أنّ “هذه المقاربة الجديدة لعموم الجينوم” ترسم هذه المسارات البديلة التي تجعلنا بشرًا متميزين عن بعضنا البعض”.

التباين الوراثي

فيما يختلف جينوم كل شخص بشكل طفيف، بنحو 0.4٪ مقارنة مع الشخص التالي كمعدل وسطي، فإن الجينوم البشري ضخم، ويتألف من 3.2 مليار زوج. هذا يعني أنه لا يزال هناك العديد من الاختلافات الجينية المهمة بين الأفراد والسكان في جميع أنحاء العالم.

وتشكل اللبنات الأساسية الأربع للحمض النووي – الأدينين (A) والسيتوزين (C) والغوانين (G) والثايمين (T) – أزواجًا محددة ويشكل ارتباط هذه الأزواج الأساسية بنية الحمض النووي.

وقد يكون التباين الجينومي صغيرًا، ويتكون من اختلافات في قاعدة واحدة أو عدد قليل من قواعد الحمض النووي، أو يمكن أن تكون متغيرات هيكلية كبيرة التي تكون 50 زوجًا أساسيًا أو أكبر. ويمكن أن يكون لهذه المتغيرات الهيكلية الأكبر حجمًا آثارًا صحية مهمة، مثل أداء الجهاز المناعي.

ويشتمل المرجع الجديد على تسلسلات جينية أكثر تنوعًا ويضيف 119 مليون زوجًا أساسيًا إلى مكتبة تضم 3.2 مليار زوج أساسي معروفة سابقًا بأنها تشكل الجينوم البشري، ما يعمق فهمنا للتنوع الجيني البشري ويجعله أكثر اكتمالًا.

وقال بنديكت باتن، الأستاذ المشارك في هندسة الجزيئات الحيوية بجامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، والمدير المساعد لجامعة كاليفورنيا في سانتا معهد كروز للجينوم، أن “البانجينوم يكشف عن بنية التنوع وكيف يؤثر على الجينات وسيكون له تأثير كبير على أبحاث الجينوم”.

وتابع “أنه يكشف أيضًا عن بيولوجيا جديدة.. نحصل على صورة أفضل لكيفية اختلاف بعض المناطق الأكثر تعقيدًا في الجينوم. حتى الآن، كان تكوين هذه المناطق سريعة التطور غير مرئي إلى حد كبير بالنسبة لنا.

وكانت المسودة الأولى للجينوم البشري الصادرة عام 2001، وتم الانتهاء منها بالكامل فقط في عام 2022. وقالت كارين ميغا، الأستاذة المساعدة بقسم الهندسة الجزيئية الحيوية في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، والمديرة المساعدة لمعهد الجينوميات بجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، “لقد كانت أداة لا تقدر بثمن للباحثين، وأطلقت حقبة جديدة للاكتشاف العلمي والابتكار التكنولوجي والطب الجيني”.

وأضافت ميغا: “أن فهم هذه الاختلافات بين الجينومات وفهرستها سيسمح لنا بفهم كيفية عمل الخلايا وبيولوجيتها، بالإضافة إلى فهم الاختلافات الجينية وكيفية مساهمتها في فهم الأمراض التي تصيب الإنسان”.

Credit: From Darryl Leja/NHGRI

القضاء على التحيز

وكان الجينوم المرجعي البشري الأصلي يعتمد في الغالب على متطوعين مجهولين استجابوا لإعلان نُشر في Buffalo Evening News في 23 مارس/ آذار 1997، حيث يمثل أحد المتبرعين 70٪ من التسلسل، وفقًا لـNHGRI.

كان الأفراد الـ47 المجهولين مدرجين في المسودة الأولى لمشروع pangenome بين أولئك الذين شاركوا في مشروع 1000 Genomes، وهو فهرس للتنوع الجيني البشري المشترك تم الانتهاء منه عام 2015. الفريق في طور تجنيد أفراد جدد لتمثيل بعض السكان غير المدرجين في مشروع 1000 جينوم، لا سيما الأشخاص من أصول شرق أوسطية وأفريقية.

المشاريع الأخرى التي تهدف إلى توسيع قواعد البيانات الجينومية “غالبًا ما غابت عنها العلامة في إظهار الاحترام” للمجتمعات في البلدان منخفضة الدخل والشعوب الأصلية، الذين يقولون إن عيناتهم وبياناتهم تُستخدم لتعزيز أهداف العلماء والمؤسسات في البلدان الغنية، بحسب ما لحظت الورقة المنشورة في مجلة Nature العام الماضي حول مشروع pangenome.

حرص الفريق على تجنب مثل هذه الأخطاء. وقالت باربرا كونيغ، الأستاذة الفخرية في الأنثروبولوجيا الطبية وأخلاقيات علم الأحياء بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، إن الاعتبارات الأخلاقية و”مبدأ العدالة” كانا جزءًا أساسيًا من مسعانا. 

شاركها.
Exit mobile version