رجح بنك قطر الوطني QNB أن يواصل البنك المركزي الأمريكي خفض أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ مما تتوقعه الأسواق، وذلك بمقدار 25 نقطة أساس مرتين إضافيتين خلال هذا العام، ومرة أخرى في 2026، ليصل سعر الفائدة المرجعي إلى 3.5 بالمئة. ولفت التقرير الأسبوعي للبنك إلى أن مؤشرات القطاعات الرئيسية أظهرت توجه الاقتصاد الأمريكي نحو تباطؤ طفيف، مع توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.7 بالمئة في عام 2026، بدعم من مرونة سوق العمل، واستمرار نمو قطاع الخدمات، والانكماش المعتدل في قطاع التصنيع. وأوضح التقرير أن تأرجح التوقعات المتعلقة بأسعار الفائدة بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، يعكس هشاشة الإجماع في الأسواق حول توقيت وحجم التيسير النقدي من جانب الاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل. ولفت التقرير إلى أنه بعد تثبيت سعر الفائدة منذ نهاية 2024، بدأ التراجع الأولي في أسواق العمل يغير ميزان المخاطر.

وذكر أن التقلبات غير المسبوقة في السياسات التجارية والمالية أدت إلى ارتفاع مستويات عدم اليقين، مما وضع صناع السياسات في حالة "انتظار وترقب" أثناء تقييم المخاطر الاقتصادية، قبل أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي خفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس إلى 4.25 بالمئة في سبتمبر الماضي. وأشار التقرير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يدرك احتمال ارتفاع التضخم على المدى القريب، حيث يتراوح التضخم الرئيسي حول 2.9 بالمئة، وهو أعلى بشكل ملحوظ من نسبة 2 بالمئة المستهدفة في السياسة النقدية، في حين تشير معدلات التوظيف إلى تراجع مما يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب، حيث يوجد تعارض مباشر بين هدفيه المتمثلين في إبقاء التضخم على انخفاض وتحقيق الحد الأقصى للتوظيف. 

ونوه في هذا السياق إلى أن أسواق العمل تعتبر في صميم السياسة النقدية، وهي تندرج حتما ضمن اختصاصات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وبالتالي فإنها تشير إلى اتجاه أسعار الفائدة، حيث لا تزال قراءة شهر أغسطس الماضي لمعدل البطالة، والتي تبلغ 4.3 بالمئة، في نطاق يعتبر متسقا مع التوظيف المتوازن. ويشير تقرير البنك إلى أن إجماع السوق يتوقع أن يصل معدل البطالة إلى 4.4 بالمئة بحلول نهاية عام 2026، حتى مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات الناشئة للذكاء الاصطناعي على سوق العمل وهو ما يدعو إلى تبني سياسة نقدية تيسيرية تدريجية وبوتيرة أبطأ من توقعات الأسواق. أما العامل الثاني الذي لفت إليه التقرير فهو التوسع الطفيف في قطاع الخدمات، حيث أكدت بيانات مؤشر مديري المشتريات الأخيرة استقرار الأداء في هذا القطاع الحيوي.
ويعد مؤشر مديري المشتريات مؤشرا موثوقا يعتمد على الاستبيانات، ويقيس مدى التحسن أو التدهور في النشاط الاقتصادي. ويمثل قطاع الخدمات ركيزة أساسية في الاقتصاد الأمريكي، حيث يشكل أكثر من 75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف أكثر من أربعة من كل خمسة عمال في القطاع الخاص، لذلك، فإن استقرار هذا القطاع يقلل من احتمالات حدوث تباطؤ اقتصادي حاد. وبالنسبة للعامل الثالث الوارد في التقرير فإنه يتعلق بالانكماش المعتدل ومرونة قطاع التصنيع، رغم صغره مقارنة بقطاع الخدمات، حيث يشكل حوالي 11 بالمئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي إلا أن هذا القطاع أكثر حساسية للصدمات الاقتصادية، وغالبا ما يكون مؤشرا أدق لتوقع الأداء العام للاقتصاد.

شاركها.
Exit mobile version