الغاز القطري

الدوحة – قنا

في خطوة استراتيجية تعزز مكانتها كمصدر عالمي رئيسي للطاقة النظيفة، وتدعم أمن الطاقة العالمي في ظل الطلب المتزايد والتحديات المتصاعدة، تبدأ دولة قطر تصدير الغاز الطبيعي المسال من المرحلة الأولى لمشروع توسعة حقل الشمال الشرقي بحلول منتصف عام 2026.


وفي هذا الصدد أكد خبيران، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، على دور دولة قطر الكبير في دعم أسس الاقتصاد، ودفع نسب النمو في الدولة خلال السنوات المقبلة، بالإضافة إلى إعادة تشكيل أسواق الطاقة العالمية، حيث ينتظر أن تساهم مشاريع قطر للطاقة بنحو 40 في المئة من إجمالي إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية الجديدة بحلول عام 2029.


ويشار إلى أن سعادة المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة والرئيس التنفيذي لشركة /قطر للطاقة/، كان قد أعلن في منتدى قطر الاقتصادي في وقت سابق من العام الحالي عن أن أعمال التوسعة تسير وفق الجدول الزمني المخطط، وأن أولى صادرات الغاز المسال من حقل الشمال الشرقي ستنطلق منتصف العام المقبل.


وتستهدف دولة قطر من خلال هذه التوسعة الكبرى، وهي الأكبر من نوعها عالميا، الوصول إلى طاقة إنتاجية قدرها 142 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، بعد الانتهاء من تطوير مشروع “حقل الشمال الغربي” الذي لا يزال في مرحلة التصميم الهندسي.


وتُعد هذه المرحلة جزءا من خطة توسعة طموحة ستضاعف الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر، لترتفع من 77 مليون طن سنويا حاليا إلى 110 ملايين طن بحلول عام 2026، على أن تصل إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027 بعد اكتمال المرحلة الثانية من المشروع في حقل الشمال الجنوبي.


  وفي هذا السياق، قال السيد يوسف محمود النعمة رئيس قطاع الأعمال بـ/مجموعة QNB/، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن استثمارات قطر الاستراتيجية في مجال إنتاج الغاز الطبيعي تُساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي.


وأشار رئيس قطاع الأعمال في /مجموعة QNB/ إلى مشروع توسعة حقل الشمال، بوصفه أحد أكبر مشاريع الإنفاق الرأسمالي في المنطقة، وأكبر حقل غاز منفرد في العالم، وأنه يعد أحد المحركات الرئيسية لتعزيز هذا النمو. وقال: “يمثل تطوير ثمانية خطوط إنتاج جديدة للغاز الطبيعي المسال في إطار هذا المشروع على ثلاث مراحل، حجر الزاوية في هذه الجهود”.


وتوقع النعمة أن تدعم هذه الاستثمارات معدلات إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 85 في المئة بحلول عام 2030، ليصل إلى 142 مليون طن سنويا. كما سيشمل مشروع توسعة حقل الشمال توسعا موازيا في صناعات التكرير، وعمليات التكرير النهائية، وإنتاج البتروكيماويات. وسينعكس مردود هذه المشاريع بصورة إيجابية على دعم جهود التنويع الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي، مع رفع مستوى الإنفاق في قطاعات التصنيع والخدمات.


ولفت إلى محافظة نمو الناتج المحلي الإجمالي على قوته، ليتسارع مع بدء تشغيل مراحل مشروع توسعة حقل الشمال، حيث من المتوقع أن يرتفع معدل النمو بنسبة 2.4 في المئة في عام 2025، و5.6 بالمئة في عام 2026، و7.9 بالمئة في عام 2027.


وقال: “سيعزز هذا التطور القطاع المصرفي القطري، الذي سيواصل الاستفادة من هذا النمو الكبير، والسيولة الوفيرة، ومستويات الرسملة الكافية، وجودة الأصول العالية، والربحية القوية”.


وعلى صعيد آخر، أكد الدكتور عمر خليف غرايبة نائب عميد كلية الأعمال للجودة بجامعة آل البيت الأردنية، في تصريحات خاصة لـ/قنا/، على استثمار دولة قطر اليوم في واحدة من أضخم عمليات التوسعة في تاريخ صناعة الغاز، عبر تطوير حقل الشمال، الذي يعد الأكبر عالميا، وقال: “بهذه الخطوة، سترتفع الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 126 مليون طن سنويا بحلول 2027، أي بزيادة تفوق 63 بالمئة. إنها ليست مجرد أرقام، بل ملامح نظام طاقي عالمي جديد يتشكل من الدوحة”.


ولفت إلى أن بوصلة الطاقة في أوروبا شهدت تغييرات في السنوات القليلة الماضية، حيث بدأت بالبحث عن شركاء موثوقين. وهنا، تبرز قطر كخيار استراتيجي، من خلال توقيع اتفاقيات طويلة الأمد مع ألمانيا وفرنسا وهولندا. هذه الاتفاقيات لا تؤمن الغاز فقط، بل تمنح الأسواق استقرارا تفتقر إليه في زمن الاضطراب الجيوسياسي.


وأضاف: “اقتصاديا، تسهم التوسعة القطرية في تخفيف تقلبات الأسعار العالمية. فمن المتوقع أن تتراجع أسعار الغاز من مستويات تجاوزت 30 دولارا للمليون وحدة حرارية إلى نحو 10 – 15 دولارا بحلول نهاية العقد”.


وذكر الدكتور غرايبة أن قطر تُعيد رسم خريطة صناعة الطاقة في العالم، فبينما تسعى القوى الكبرى لإعادة تموضعها في عالم متعدد الأقطاب، تبرز الطاقة كأداة توازن وتأثير، وقطر كقوة هادئة تُدير استثمارات ذكية بأكثر من 45 مليار دولار في البنية التحتية والموانئ والناقلات.


وأشار إلى أنه في زمن تتقاطع فيه تحديات الأمن الطاقي مع ضرورات التحول البيئي، تقدم قطر نموذجا متقدما: إنتاج مستدام، وتموضع عالمي، وشراكات طويلة الأمد تعيد صياغة المستقبل من تحت أعماق الخليج.


يذكر أن مشروع التوسعة يتكون من ثلاث مراحل؛ أولاها تهم المنطقة الشرقية، وتضم أربعة خطوط إنتاج عملاقة، بطاقة إنتاجية تبلغ 8 ملايين طن سنويا لكل خط، بإجمالي 32 مليون طن. والمرحلة الثانية، الجنوبية، تشمل خطين إضافيين، بسعة إنتاجية تبلغ 16 مليون طن سنويا. أما المرحلة الثالثة، الغربية، فهي قيد التطوير، ومن المتوقع أن تُضيف 16 مليون طن سنويا أخرى.


ومن المتوقع أن يدخل المشروع الغربي حيز الإنشاء بحلول عام 2027، ليُكمل الخطة الوطنية لزيادة صادرات الغاز المسال.


وبلغت استثمارات توسعة حقل الشمال نحو 82.5 مليار دولار، تتحمّل /قطر للطاقة/ منها ما يقارب 59 مليار دولار، ويشارك في المشروع عدد من كبرى شركات الطاقة العالمية، مثل “إكسون موبيل”، و”توتال إنرجيز”، و”شل”، و”إيني”، و”كونوكو فيليبس”، و”سينوبك” الصينية.


كما وقّعت قطر اتفاقيات توريد طويلة الأمد مع عدد من الدول الأوروبية والآسيوية، أبرزها: ألمانيا، وفرنسا، وهولندا، والصين، والهند، مما يعزز استقرار إمدادات الطاقة للأسواق العالمية.


وتبرز قطر كشريك استراتيجي موثوق، لا سيما مع تبنيها تقنيات تسييل منخفضة الانبعاثات، ما يجعل الغاز القطري من بين الأنظف عالميا.


وتأتي هذه المشاريع الضخمة ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني، واستثمار الثروات الطبيعية بشكل مستدام، وتعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للطاقة.

شاركها.
Exit mobile version