عماد بوخمسين

❖ الكويت – الشرق

أكد نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بوخمسين القابضة في دولة الكويت ورئيس تحرير جريدة «النهار» الكويتية عماد جواد بوخمسين، أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن المنطقة تشهد انتعاشاً ونمواً اقتصادياً في ظل ما تملكه من بنية تحتية اقتصادية قادرة على مواجهة الصدمات. وقال عماد بوخمسين في لقاء خاص مع «الشرق» إن التوجيهات الرشيدة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي أسهمت في استقرار منطقتنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، كما أن المشروعات الاستراتيجية المشتركة مثل مشروع السكة الحديد وغيرها ستسهم في توفير فرص تعاون كبيرة للقطاع الخاص. وأشار بوخمسين إلى أن تنفيذ التأشيرة السياحية الموحدة لدول الخليج في بداية 2025 سيمثل خطوة تاريخية تعزز مكانة وجاذبية دول الخليج كوجهة سياحية متميزة عالمياً، كما أنها ستسهم في فتح فرص جديدة للاستثمار في القطاع السياحي وستكون لها آثار إيجابية على الناتج القومي لاقتصادات دول المجلس. وشدد عماد بوخمسين على أن قطر والكويت تمتلكان واحدة من أقوى العلاقات الاستراتيجية والتحالفات التجارية والاستثمارية الثنائية في المنطقة، كما ان حجم الاستثمارات الكويتية – القطرية المشتركة في ازدياد رغم أنه يتجاوز حالياً الـ 7 مليارات دولار بفضل الخطوات الثابتة للاقتصاد القطري الذي يسير وفق تخطيط ورؤية استراتيجية مستقبلية متميزة للقيادة السياسية، لافتاً الى أن تنظيم قطر لكأس العالم 2022 اسهم في تعزيز تنافسية اقتصادها وتنويع موارده.

وفيما يلي نص اللقاء:

  بداية ما توقعاتك الاقتصادية لمنطقة الخليج خلال عام 2025، في ظل التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط؟

 التوقعات إيجابية في ظل السياسات الحكيمة والتوجيهات الرشيدة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي التي تدعم استقرار منطقتنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث كانت لهذه التوجيهات انعكاسات على مسار النمو بدول مجلس التعاون ما عزز العمل المشترك وتحقيق الأهداف والرؤى، كما أن المشروعات الخليجية الاستراتيجية المستقبلية مثل مشروع السكة الحديد الخليجية سيكون لها دور مباشر في الإعلاء من تعزيز الربط بين دول مجلس التعاون، بالاضافة إلى توفير فرص تعاون كبيرة خاصة للقطاع الخاص. ولا بد أن نشير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي على مدار السنوات الماضية نجحت في ان تتجاوز جميع الأزمات التي شهدها العالم والتي أدت إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي كما حدث خلال جائحة فيروس كورونا المستجدّ وتسببت في انخفاض أسعار النفط من 64 دولارا للبرميل في بداية العام 2020 إلى 23 دولاراً في أبريل 2020، لكن دول الخليج بفضل البنية التحتية الاقتصادية التنافسية القوية تمكنت من مواجهة التحديات الاقتصادية، كما أن الخطوات التي اتخذتها دول المجلس لتعزيز الروابط التجارية والاستثمارية بين دول الخليج والعديد من القوى الاقتصادية في العالم أسهمت في تعزيز النمو الاقتصادي والابتكار والتنمية في مختلف القطاعات على المديين المتوسط والبعيد.

  –  مسار إيجابي

 هل أنت متفائل بشأن إمكانية جذب دول الخليج لمزيد من الاستثمارات الأجنبية؟

 نعم أنا بطبعي متفائل ولدي نظرة إيجابية بشأن آفاق النمو الاقتصادي في المنطقة، فدول مجلس التعاون حققت مؤشرات عالية في التنمية البشرية وتمتلك اقتصادات كبيرة، تؤهلها لأن تكون في مصاف الدول الاقتصادية العالمية، كما أن جميع التقارير الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي تؤكد أن المنطقة رغم التحديات والمخاطر المتعلقة بالتوترات الجيوسياسية ستشهد انتعاشاً ونمواً اقتصادياً في دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 2.8 في المائة و4.7 في المائة في عامي 2024 و2025 على التوالي،بالإضافة إلى أن منطقة الخليج بشكل خاص تشهد مساراً إيجابياً تصاعدياً على صعيد جذب الاستثمارات والنمو الاقتصادي وتمرير الإصلاحات.

   – تنويع الاقتصادات

 في رأيك هل تستطيع دول الخليج تجاوز مرحلة الاعتماد علي النفط بشكل كلي وتنويع اقتصاداتها؟

 لقد أنعم الله على دول مجلس التعاون الخليجي بوفرة الموارد الطبيعية، فاستثمَرت هذه الثروة لتحسين حياة مواطنيها وتطوير البنى التحتية والتحضير لمستقبلٍ خالٍ من النفط، كما عملت دول الخليج على مدار سنوات على تحقيق تقدم كبير في الوصول إلى تنويع اقتصاداتها بإنتاج السلع والخدمات التي لا تعتمد على قطاع النفط والغاز بشكل مباشر، وذلك من خلال تشجيع الصناعة والسياحة والترفيه والقطاعات غير النفطية وزيادة الصادرات غير النفطية وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والتخفيف من الانفاق الحكومي، كما أن دول الخليج تملك موارد بشرية مؤهلة على أعلى مستوى تستطيع أن يكون لها دور مهم في تشكيل المشهد الاقتصادي الاقليمي ومواجهة التحديات والمخاطر بكفاءة عالية.

   – الإصلاحات الهيكلية

 ما رأيك في الخطوات التي بدأتها بعض دول مجلس التعاون الخليجي في تنويع مصادر الدخل وهل هي كافية؟

 جميع دول الخليج بدأت تخطو خطوات في هذا الاتجاه منذ سنوات، وذلك من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز من النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات إليها، كما أنها تعمل على خلق مناخ اقتصادي واستثماري داعم للأعمال إلى جانب المبادرات الحكومية وسياسات الضرائب المشجعة لأصحاب المشاريع والمستثمرين. وهنا لابد من الحديث عن تجربة استضافة دولة قطر الشقيقة لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 كمحطة مهمة على طريق تنويع اقتصاد البلاد، والتي تعد أحد أهداف الرؤية الشاملة لتنمية دولة قطر «رؤية قطر الوطنية 2030»، مما أسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد القطري وتنويع موارده، ومده بقدرة كبيرة على النمو والفاعلية في مواجهة الضغوط المتزايدة على النشاط الاقتصادي العالمي. كما تشهد المملكة العربية السعودية نمواً كبيراً كوجهة سياحية في السنوات الأخيرة، نتيجة للاصلاحات والمبادرات الطموحة التي يجري تنفيذها في إطار برنامج «رؤية 2030» الهادفة إلى تحويل المملكة إلى واحدة من الدول التي تستقطب أكبر عدد من الزوّار من خلال الاستثمارات المتواصلة في البنية التحتية المتعلقة بالسياحة، بما فيها المطارات، والفنادق، والنقل. وكذلك الامر في دولة الامارات العربية وسلطنة عمان ومملكة البحرين في تركيزهم على الجانب السياحي ووضع الخطط التنموية لزيادة الدخل.

    – تعطيل المشاريع

 وأين الكويت في خطط تنويع الاقتصاد وفتح الآفاق للاستثمارات الأجنبية؟

 الكويت حاليا تعيش واقعاً اقتصادياً متفائلاً وايجابياً بعد قرار صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بحلّ مجلس الأمة، حيث كان لذلك منظور ايجابي في ظل التجاذبات السياسية التي عطلت خطط التنمية الاقتصادية، وأعتقد أن القرار الأميري بحل البرلمان عالج خلل التدخل السياسي في الاقتصاد وضعف استمرارية برامج الإصلاح والتنمية بسبب وتيرة التغيير الحكومي السريعة ومحدودية الاستقرار الإداري، فقد أعاقت الخلافات بين البرلمان والحكومات المتعاقبة جهود الاصلاح الاقتصادي، ما أدى إلى تعطيل المشاريع التنموية، وعطل جهود تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، كما أثرت هذه التجاذبات السياسية على الميزانية العامة فتزايدت مستويات العجز، وانخفضت الاستثمارات الأجنبية، وفقدت الكويت قدرتها على إصدار أي أدوات دين منذ انتهاء صلاحية قانون الدين العام في الربع الأخير من عام 2017. وأرى ان الحكومة الكويتية تقع على كاهلها مسؤوليات جسام فمطلوب منها تنويع الدخل، وتخفيض مستويات عجز الميزانية، واستدامة المالية العامة، ومساندة القطاع الخاص للقيام بدوره على الوجه الأكمل، واعتقد انها قادرة على تحقيق تلك الأمور بكفاءة.

    – صناعة عقارية

 باعتبارك واحداً من المتخصصين في التطوير العقاري ما توقعاتك لسوق العقار الخليجي في الفترة المقبلة؟

 سيواصل العقار بمنطقة الخليج نموه في ظل اهتمام دول المنطقة بالاستثمار في البنية التحتية وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، والسياسات التي تهدف لزيادة النمو العمراني، مثل العمل على تشجيع السياحة وفتح المزيد من أسواق العمل والفرص الاستثمارية، بالإضافة الى الخطوات الكبيرة والملموسة في دول مجلس التعاون لدعم القطاع العقاري ليكون وجهة استثمارية، مما يعزز ويشجع على صناعة عقارية بشكل مستدام. كما أن مستقبل القطاع العقاري الخليجي واعد بما لديه من تنوع جغرافي كبير وسهولة التداول، إضافة الى الاستقرار والأمن الذي تتمتع به دول المجلس، ولابد أن أؤكد أن القطاع العقاري يعد أحد أسرع القطاعات نمواً في دول الخليج وأفضل القطاعات الاقتصادية لأي دولة بالعالم.

   – أقوى العلاقات

 كمستثمر ما تقييمك للعلاقات الاقتصادية القطرية – الكويتية على المستويين الخاص والحكومي؟

 الأرقام تؤكد أن قطر والكويت تمتلكان واحدة من أقوى العلاقات الاستراتيجية والتحالفات التجارية والاستثمارية الثنائية في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن العلاقة بين البلدين ليست حديثة، ولذا فالعمل الثنائي بين الكويت وقطر متميز للغاية بحسب ما كشفت عنه آخر الإحصائيات، حيث تجاوزت قيمة الاستثمارات المشتركة لكلا الطرفين 7 مليارات دولار، بينما قدر الجهاز المركزي الكويتي للإحصاء قيمة الاستثمارات القطرية في الكويت بـ 4.1 مليار دولار، وهو ما يؤكد قوه العلاقات الاقتصادية بين البلدين في مختلف القطاعات في ظل التسهيلات المشتركة التي تمنحها الدولتان للمستثمرين، حيث يبلغ عدد الشركات الكويتية العاملة في قطر ما يقارب من 170 شركة بملكية كاملة من مستثمرين كويتيين، وهناك نحو 656 شركة قطرية – كويتية مشتركة، وتتركز المشاريع الثنائية بين قطر والكويت في قطاعات الخدمات اللوجستية، وخدمات التخزين، والسياحة والفنادق والترفيه، وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير البرامج.

أما على المستوى الحكومي فتأتي الطاقة على رأس القطاعات التي تسهم بشكل مباشر في تقوية العلاقات الثنائية بين قطر والكويت، حيث وقَّعت مؤسسة البترول الكويتية وشركة قطر للطاقة أخيرا اتفاقية طويلة الأجل تتيح للكويت استيراد 3 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عاماً، من مشروع توسعة حقل الشمال وسيبدأ العمل بالاتفاقية بين قطر للطاقة والكويت، في يناير 2025، مما يساعد على الإسهام بشكل مباشر في سد الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال في دولة الكويت.

   – نمو وازدهار

 ما رؤيتك لمعدلات النمو الاقتصادي القطري؟

 الاقتصاد القطري يسير بخطوات ثابته بفضل التخطيط المتميز والرؤية الاستراتيجية المستقبلية للقيادة السياسية التي أسهمت في أن تحتل قطر مكانة مرموقة في الاقتصاد العالمي عبر استغلال الفرص المتاحة لتحقيق مزيد من النمو والازدهار الاقتصادي في المستقبل، ما أسهم في ارتفاع تصنيف قطر وفقاً لتقرير التنافسية العالمي لعام 2024 الى المرتبة الـ11 على مستوى العالم، ويأتي ذلك رغم الضغوطات الاقتصادية التي يشهدها العالم وذلك في رأيي بسبب 4 عوامل أسهمت في هذا الانجاز في مقدمتها تنظيم حدث عالمي مثل بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، التشريعات المحلية التي أسهمت في زيادة الاستثمارات، التوسع في الاستثمارات الخارجية، ومساهمة القطاعات غير النفطية في زيادة الدخل القومي.

كما أن الاقتصاد القطري يوفر البيئة الاستثمارية المناسبة من خلال تطوير البنية التشريعية والقانونية، وبنية التكنولوجيا المتطورة وبنية العنصر البشري الماهر والقادر على التعامل مع المتغيرات والتطورات المحلية والعالمية، فضلاً عن الحضور المتوازن والمميز لدولة قطر على المستوى السياسي العالمي، مما انعكس إيجاباً على سلاسة إقامة العلاقات التجارية والاستثمارية وغيرها مع شريحة كبيرة من الدول في جميع أنحاء العالم.

   – خطوة تاريخية

 ما توقعاتك لاعتماد تنفيذ التأشيرة السياحية الموحدة لدول الخليج في بداية 2025؟

 القرار يعد خطوة تاريخية تعكس التزام دول الخليج بتعزيز التعاون وتعميق الروابط في مجال السياحة ومختلف المجالات فيما بينها، كما ستعزز مكانة وجاذبية دول الخليج كوجهة سياحية متميزة عالمياً، كما انه يتماشى مع التطور والنهضة التنموية التي تشهدها دول المجلس على مختلف الأصعدة، وسيكون لها الأثر الفعال في تعزيز الترابط والتكامل المنشود بين الدول وستسهم في تسهيل تنقل السياح والزوار الوافدين بين دول المجلس، وبالتالي تعزيز دور السياحة كمحرك للنمو الاقتصادي، وفتح فرص جديدة للاستثمار في القطاع السياحي، مما ستكون له عوامل ايجابية على الناتج القومي لاقتصادات دول المجلس وعلى جميع القطاعات، ضمن خططها لتنويع وتنمية مصادر الدخل، وستسهم في تعزيز العمل المشترك وتبادل الخبرات والتجارب لتعزيز تنافسيته وجاذبيته.

شاركها.
Exit mobile version