أكدت د. إيرنا سلاف، الباحثة المتخصصة بمجال الغاز الطبيعي المسال والتعدين والجغرافيا السياسية، والكاتبة بعدد من المواقع والصحف الأمريكية المتخصصة في الطاقة، أن أبرز ما يميز الدوحة في تعاطيها مع أوضاع الطاقة والمشهد الدولي، أنها حاولت دائماً أن تحقق سياسة متوازنة بين القوى المختلفة هذا على الصعيد الدبلوماسي، وعلى صعيد الطاقة وصفقات الطاقة منحت قطر العديد من العقود المهمة إلى السوق الآسيوية الأكثر تطلباً، فبالرغم من أن الدوحة لعبت دور توازن دبلوماسي دقيق إقليمياً وأيضاً القوتين العظميين الرئيسيتين (الولايات المتحدة، حتى وقت قريب نسبياً، والصين، على التوالي)، في وضع كما هي عليه بشكل مباشر، لتصبح من خلال تلك العلاقات المهمة من أبرز اللاعبين الإقليميين، وترصد قراءات سوق الطاقة العالمي الحديث أن الصين تفضل العقود القطرية ذلك في الفترة التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث انخرطت الصين في موجة من النشاط لتوسيع مصادرها وأساليب إمداداتها من الغاز، بدأ ذلك في مارس 2021، بتوقيع اتفاقية شراء وبيع مدتها 10 سنوات بين شركة الصين للبترول والكيماويات (سينوبيك) وقطر للطاقة مقابل 2 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال، وشهد ديسمبر 2021 عقدا رئيسيا آخر طويل الأجل لقطر لتزويد الصين بالغاز الطبيعي المسال، وفي تلك المناسبة تم التوصل إلى اتفاق بين شركة قطر للطاقة ومجموعة قوانغدونغ للطاقة للغاز الطبيعي مقابل مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال، بدءًا من عام 2024 وينتهي في عام 2034، على الرغم من أنه يمكن أن يكون ممتداً، وبغض النظر عن ضمان تنوع إمدادات الغاز – وإمدادات سريعة جدًا إذا لزم الأمر – فإن هذه الصفقات (والصفقات اللاحقة) مع الصين حولت قطر بمهارة لتوطيد مكانتها في السوق الآسيوي، وهو ما أثار تطلعاً أمريكياً أوروبياً، من أجل مزيد من الصفقات مع قطر حتى لا يكون هناك في إستراتيجيات أمن الطاقة، أكبر القوى المنتجة للغاز الطبيعي المسال وأكبر المستهلكين.

تقول د. إيرنا سلاف في تصريحاتها لـ الشرق: في هذا السياق قامت أمريكا في نهاية مارس من العام الماضي بعقد أول سلسلة من الاجتماعات الحاسمة استراتيجيا لواشنطن وحلفائها مع كبار الممثلين من قطر بهدف تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال الحيوية للغرب، وشهد مايو 2022 توقيع قطر على إعلان نوايا بشأن التعاون في مجال الطاقة مع ألمانيا بهدف أن تصبح المورد الرئيسي للغاز الطبيعي المسال، على أمل تنفيذ هذه الخطط بالتوازي مع خطط قطر لتوفير إمدادات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال لألمانيا من محطة Golden Pass على ساحل خليج تكساس، ولكن من المرجح أن يتم الانتهاء منها في وقت أقرب بكثير.

شاركها.
Exit mobile version