الدوحة – قنا

سلطت جلسة “العقارات العالمية بين العرض والطلب” التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني من منتدى قطر الاقتصادي 2025، الضوء على أبرز التحديات والفرص التي تواجه القطاع العقاري، من منظور تنظيمي واستثماري وسياحي، حيث ناقش نخبة من صناع القرار والمستثمرين والمطورين مستقبل القطاع لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على التجربة القطرية كنموذج للمدن المستقبلية، وذلك في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، والتغيرات في أنماط الاستهلاك والاستثمار.

واستعرض المتحدثون في الجلسة، جهود قطر في بناء منظومة عقارية شفافة ومستدامة، من خلال تنظيم السوق، وتفعيل آليات حماية المستثمرين، وترويج المشاريع العقارية عالميا، مشيرين إلى أن المنطقة العربية، بما فيها قطر، ستكون من الرابحين في عصر ما بعد العولمة، ولا سيما بعد أن أصبحت السياحة محركا رئيسيا للاستثمار العقاري، وبدأت البنية التحتية المتطورة في دول مجلس التعاون، وعلى رأسها قطر، تجعل منها وجهات استثمارية وسياحية صاعدة.

ففي مداخلاته خلال الجلسة، قدم المهندس خالد أحمد العبيدلي رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري (عقارات)، رؤية شاملة حول تطور سوق العقارات في قطر، والدور المحوري الذي تلعبه الهيئة في تعزيز الشفافية وتنظيم السوق، مبينا أنها تأسست بموجب مرسوم أميري في عام 2023، وأطلقت استراتيجيتها رسميا في ديسمبر 2024.

واستعرض العبيدلي أبرز مبادرات الهيئة كتأسيس لجنة الترخيص التي تعد من أهم أدوات التنظيم، وآلية حساب الضمان التي تضمن أن الأموال المدفوعة من المستثمرين تودع في حسابات خاضعة لإشراف الهيئة، مما يقلل من مخاطر التعثر المالي من قبل المطورين، كما تحدث عن استراتيجياتها في الترويج للقطاع العقاري القطري عالميا، من خلال خارطة طريق تسويقية تبرز مشاريع مثل “مشروع سميسمة” الذي وصفه بأنه من أبرز المشاريع القادمة.

وفيما يتعلق بالعرض والطلب، أشار إلى أن قطر شهدت طفرة في البنية التحتية استعدادا لكأس العالم 2022، مضيفا أن النمو السكاني بنسبة 13.1 بالمئة منذ العام 2020، وارتفاع عدد السكان إلى أكثر من 3.2 مليون نسمة حاليا، يعزز الطلب ويقلل من مخاطر العرض الزائد، كما أن الطلب لا يقتصر على السكن فقط، بل يشمل المكاتب المتخصصة والفاخرة، إضافة إلى المستشفيات الخاصة والعامة والمرافق الرياضية والتعليمية.

واختتم المهندس العبيدلي حديثه مشددا على أهمية فهم المطورين لمتطلبات السوق المحلي والإقليمي، ومشيرا إلى أن قطر تكمل دولا مثل السعودية والإمارات والبحرين، مما يجعل الاستثمار فيها بوابة للأسواق الخليجية.

من جهته قدم السيد ديفيد ستينباخ الرئيس العالمي للاستثمار في شركة هاينس للاستثمار والتطوير العقاري، بصفته مستثمرا عالميا نشطا في عدد من الدول، رؤية تحليلية لواقع سوق العقارات العالمي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الأخيرة، موضحا أن هناك فرقا جوهريا بين الأسواق العامة (مثل الأسهم) والأسواق الخاصة (مثل العقارات)، حيث تمر كل منهما بدورات مختلفة.

وأشار إلى أن الأسواق العقارية الخاصة واجهت رياحا معاكسة قوية خلال السنوات الأخيرة، نتيجة السياسات النقدية المتشددة، بدءا من الولايات المتحدة وامتدادا إلى بقية العالم، لكنه مع ذلك، رأى أن السوق العقاري يقترب من نهاية مرحلة التصحيح، و”هناك فرص واعدة للشراء بدأت تظهر في مختلف أنحاء العالم”.

وفيما يتعلق بالمنطقة، أبدى تفاؤله تجاه الشرق الأوسط، معتبرا أنه سيكون من الرابحين في عصر ما بعد العولمة، حيث تتغير طرق التجارة وتفتح مسارات جديدة، مبينا في حديثه عن المدن المستقبلية، أن المدن ستبقى مركزا للتجمع البشري رغم التغيرات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي وسيظل الناس بحاجة إلى التفاعل المجتمعي، لكن شكل هذا التفاعل سيتغير، مما يتطلب من المطورين العقاريين مواكبة هذه التحولات.

وفي ختام مداخلاته، أشار إلى أن قطر، بما تمتلكه من بنية تحتية متقدمة، وتخطيط حضري متكامل، تمثل نموذجا للمدن المستقبلية، حيث تتوفر فيها كل مقومات الحياة العصرية بجودة عالية وفي نطاق جغرافي صغير، مما يجعلها جذابة للمستثمرين والمقيمين على حد سواء.

من جانبه، قدم السيد فتاح تامينجه مؤسس ورئيس مجلس إدارة سلسلة فنادق “ريكسوس” العالمية رؤيته لواقع السياحة والاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن المنطقة، بخلاف العديد من مناطق العالم، تشهد نموا متسارعا في الطلب السياحي والعقاري، بفضل البنية التحتية المتطورة، وسهولة ممارسة الأعمال، والرؤية الواضحة للقيادات.

وأكد أن المنطقة أصبحت منصة عالمية للاستثمار، خاصة للمستثمرين العالميين الذين يبحثون عن الأمان، والتنوع، والعائد المجزي، حيث أصبحت وجهة بديلة عن الوجهات التقليدية مثل أوروبا الغربية، قائلا إن قطر ودول مجلس التعاون بدأت في جذب ملايين الزوار من خلال مشاريع ضخمة، وبنية تحتية عالمية، وخدمات سياحية متقدمة.

وأشار إلى أن السياحة أصبحت قطاعا استراتيجيا، مدعوما بتوسع شركات الطيران الإقليمية مثل الخطوط الجوية القطرية، وزيادة عدد الطائرات، مما يعكس ارتفاع الطلب على السفر، مؤكدا أن السياحة تعتمد على الخدمة والتجربة الإنسانية، وهي أمور لا يمكن للروبوتات أو الذكاء الاصطناعي أن تحل محلها بسهولة، مما يجعل الاستثمار في هذا القطاع مستداما على المدى الطويل.

وأشاد بالبنية التحتية في قطر، واصفا الدوحة بأنها “سويسرا المنطقة”، لما تتمتع به من تنظيم، وأمان، وجودة حياة. وأكد أن الاستثمارات التي تمت استعدادا لكأس العالم، ستجلب عوائد كبيرة على المدى الطويل، مشيرا إلى أن شركته تنفذ حاليا أحد أكبر الاستثمارات العقارية في قطر، وهو المشروع السياحي الضخم في منطقة سميسمة.

وفي ختام حديثه، عبر عن تفاؤله بمستقبل السياحة والاستثمار في المنطقة، مؤكدا أن شركته ستواصل التوسع في الشرق الأوسط، نظرا لما توفره من فرص واعدة، واستقرار، وبيئة استثمارية مشجعة.

شاركها.
Exit mobile version