مبنى بنك قطر الوطني
الدوحة – قنا
توقع بنك قطر الوطني أن يواصل الاقتصاد الصيني السير على الطريق الصحيح لتحقيق تعاف قوي خلال العام الجاري، مدفوعا بمجموعة من العوامل الإيجابية، أبرزها النمو الكبير في قطاع التصنيع وإعادة الانفتاح الاقتصادي، فضلا عن زيادة الطلب الاستهلاكي على خدمات الرفاهية غير المتصلة بالإنترنت.
وأوضح البنك، في تقريره الأسبوعي، أن الوضوح التنظيمي في القطاعات التكنولوجية الرئيسية يقلل من عدم اليقين في الأعمال التجارية ويعزز استثمارات القطاع الخاص والابتكار، مشيرا إلى أنه على الرغم من شكوك السوق بشأن مدة وقوة التعافي الصيني، إلا أن النمو الصيني قد يحقق مفاجأة في الاتجاه الصعودي.
ولفت التقرير إلى أن الصين، وهي قوة اقتصادية محورية، تمكنت من المساهمة بما يقرب من 40 بالمئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ الأزمة المالية العالمية، وتجاوزت سلسلة من التقلبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، إذ حققت، بعد التفشي الأولي لفيروس كورونا /كوفيد-19/ في الربع الأول من عام 2020، نموا كبيرا في الناتج المحلي الإجمالي بلغت نسبته 18.7 بالمئة في مرحلة ذروة التعافي، وحافظت على زخم إيجابي من منتصف عام 2020 إلى منتصف عام 2021، وخلال تلك الفترة، كانت الصين الاقتصاد الرئيسي الأول والوحيد الذي حقق نموا إيجابيا في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.
وأضاف أن مجموعة من العوامل المحلية أدت منذ ذلك الحين إلى تباطؤ اقتصادي واضح في الصين، مشيرا إلى أنه نتيجة لتنفيذ سياسة /صفر كوفيد/، التي اتسمت بعمليات إغلاق في المدن الكبرى، وتقييد أنشطة الإقراض المصرفي للقطاع العقاري المثقل بالديون، وفرض قيود تنظيمية صارمة على مختلف القطاعات، حدث ركود في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الثاني من العام الماضي أسفر عن أسوأ أداء اقتصادي للصين منذ عقود، علاوة على ذلك، لم يحدث التعافي المتوقع في النصف الثاني من عام 2022 نظرا لتفشي موجة جديدة من /كوفيد-19/ وما نتج عنها من عمليات إغلاق في جميع أنحاء البلاد في أواخر العام الماضي.
ويستند بنك قطر الوطني في توقعاته المتفائلة بشأن الاقتصاد الصيني إلى عدة عوامل رئيسية، منها أن المؤشرات الرئيسية للنشاط في الصين تشير بالفعل إلى حدوث المزيد من التعافي، حيث يظهر مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في الصين، تسارعا كبيرا في نشاط التصنيع، على الرغم من التباطؤ الملحوظ في النمو العالمي وتراجع نشاط التصنيع في العديد من الاقتصادات الكبرى حول العالم.
وأضاف التقرير أن عملية إعادة الانفتاح الاقتصادي التي تسير على قدم وساق تدفع هي الأخرى قطاع الخدمات المنهك في الصين، حيث تظهر البيانات أن الازدحام المروري لا يزال مرتفعا ويتجاوز مستويات 2020 – 2021، فضلا عن النمو المرتفع في أعداد ركاب مترو الأنفاق على أساس سنوي، إلى جانب تعافي الطلب على النفط إلى مستويات أعلى مما كان عليه قبل الجائحة، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب الضمني على النفط من الرحلات الداخلية المجدولة.
ووفقا للتقرير، يشير الاستهلاك خلال عطلة رأس السنة الصينية الجديدة إلى تعاف أولي قوي، مع تفوق أداء قطاعات خدمات الرفاهية الراقية والمتوسطة إلى الراقية، حيث شهدت قطاعات خدمة المستهلك غير المتصلة بالإنترنت، مثل السياحة والأفلام والمطاعم، انتعاشا قويا في الطلب خلال عطلة عيد الربيع، بالإضافة إلى تعافي الإنفاق على الرحلات السياحية المحلية ووصول عائدات شبابيك تذاكر السينما إلى ثاني أعلى مستوى على الإطلاق، حيث تجاوزت معدلات زيادة الطلب على خدمات الاستهلاك الكمالية غير المتصلة بالإنترنت التوقعات.
وأشار التقرير إلى مواصلة السلطات الصينية التخلي عن التغييرات التنظيمية المفتوحة في القطاعات التكنولوجية الرئيسية، مضيفا أنه على مدى الأرباع العديدة الماضية، أدت المراجعات التنظيمية الشاملة في بعض الصناعات، مثل التعليم الخاص، والتكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، وتوصيل الطعام، وتطبيقات سيارات الأجرة، إلى التسبب في حالة من عدم اليقين في الأعمال التجارية، ما أدى جزئيا إلى منع الاستثمارات الجديدة وحتى الابتكار في الأنشطة ذات الصلة، لكن السلطات بدأت خلال الأشهر الأخيرة في إنهاء مراجعاتها التنظيمية، وتقديم إرشادات أوضح للشركات وإصدار المزيد من التراخيص الرسمية للعمل للشركات المهمة التي كانت تعمل سابقا في “ظروف غير واضحة”، ما أدى إلى التقليل من حالة عدم اليقين في الأعمال التجارية، وهو ما يدعم انتعاش استثمارات القطاع الخاص والابتكار.