تتسارع خطى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج، نحو تبوّؤ موقع ريادي في اقتصاد الهيدروجين العالمي، مستندة إلى وفرة مصادر الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة، وإلى بنية تحتية متقدمة، مدعومة بقرارات سياسية فعالة. ففي قطر، يتواصل العمل على المشروع الرائد لإنتاج 1.2 مليون طن سنوياً من الأمونيا الزرقاء في مدينة مسيعيد الصناعية، والمقرر دخوله مرحلة التشغيل في عام 2026، بالتوازي مع مبادرات جديدة في مجال الهيدروجين الأخضر، تستند إلى خبرتها الطويلة في قيادة سوق الغاز الطبيعي المسال.
أما السعودية فقد حققت رقماً قياسياً عالمياً بتسجيلها تسعيرة للطاقة الشمسية تقترب من سنت أمريكي واحد للكيلوواط/ساعة، في حين وضعت سلطنة عُمان هدفاً طموحاً يتمثل في إنتاج أكثر من ثمانية ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول منتصف القرن. ورغم أن الطلب العالمي على الهيدروجين بلغ نحو 100 مليون طن في عام 2024، فإن أقل من واحد في المائة فقط من هذا الطلب جرى تلبيته من مصادر منخفضة الكربون، في حين لم يشكّل الهيدروجين الأخضر سوى نسبة هامشية للغاية. وعلى الرغم من إعلان أكثر من ستين دولة عن إستراتيجيات وطنية للهيدروجين، ظل معظمها في إطار الطموحات النظرية، إذ تتطلع الغالبية العظمى منها إلى التحول إلى دول مصدّرة للهيدروجين، بينما لم تُبدِ سوى قلة محدودة من دول آسيا وأوروبا رغبتها في أن تكون مستوردة له. ويكشف هذا التباين عن مخاطر اتساع الفجوة بين الطموحات على جانب العرض وبين الطلب الفعلي، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول قدرة الكثير من هذه الاستراتيجيات على التحول إلى واقع ملموس. في ورقتها البحثية الجديدة بعنوان «الإستراتيجيات الوطنية للهيدروجين ودورها في تشكيل تجارة المستقبل»، توضح مؤسسة العطية أن وفرة موارد الطاقة الشمسية والرياح في الخليج، إلى جانب الأسعار التنافسية للطاقة المتجددة، والبنية التحتية المتقدمة.