الدوحة – الشرق

أصدر صندوق النقد العربي التقرير السادس حول الاستقرار المالي في الدول العربية، الذي تم إعداده بالتعاون والتنسيق بين صندوق النقد العربي وفريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية، المنبثق عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. تناول التقرير بفصوله التسعة عدة جوانب اقتصادية ومالية تهم الدول العربية، في إطار سعيها لتعزيز الاستقرار المالي، حيث تطرق الفصل الأول إلى التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الاستقرار المالي في الدول العربية. تم إلقاء الضوء في هذا الفصل على التحديات التي تواجه اقتصادات الدول العربية وأثر الانعكاسات المتوقعة على الاستقرار المالي، وقد بين الفصل أن الدول العربية استمرت في الحفاظ على الاستقرار المصرفي والمالي، ذلك بفضل السياسات الاقتصادية والمصرفية التي ساعدت على تقليل حدة آثار تداعيات التطورات العالمية الراهنة لا سيما التوترات في القارة الأوروبية والضغوط التضخمية. أكد التقرير على أهمية مواصلة المصارف المركزية العربية تقييم المخاطر النظامية ودراسة الارتباطات المحتملة المباشرة وغير المباشرة بين التطورات العالمية الراهنة والاستقرار المالي.

البنية التحتية للقطاع

تناول الفصل الثاني تطورات الأطر التشريعية والمؤسسية للاستقرار المالي وتعزيز البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي في الدول العربية، حيث بيّن جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الرامية لتطوير الأطر المؤسسية والتشريعية لتعزيز الاستقرار المالي، بما في ذلك جهود التنسيق مع السلطات الإشرافية الأخرى. كذلك تطرق الفصل إلى تطورات نظم البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي في الدول العربية، في إطار سعيها لتحقيق الاستقرار المالي من خلال تأسيس وتطوير الإشراف على بنية تحتية مالية ومصرفية متوافقة مع أحدث الممارسات الدولية، بما تتضمنه من أنظمة مصرفية ورقابية حديثة وبما يحقق التطور وزيادة الموثوقية في الخدمات المقدمة من المؤسسات المالية والمصرفية. أظهر التقرير تواصل الجهود في تطوير نظم الدفع والتسوية ونظم المعلومات الائتمانية، كما تطرق إلى العديد من الجوانب التي شملت: تعزيز استقلالية المصارف المركزية، وإطار السياسات الاحترازية الجزئية والكلية، وجوانب الحوكمة والشفافية والمساءلة والإفصاح.

خُصص الفصل الثالث لتطورات أداء القطاع المصرفي العربي والمخاطر المحتملة، حيث بيّن أبرز المؤشرات المالية المتعلقة بالقطاع المصرفي العربي الذي يبلغ حجم موجوداته في نهاية عام 2022 حوالي 4.1 ترليون دولار أمريكي، يمثل ما نسبته 126 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية. حيث ارتفع كل من حجم الموجودات والتسهيلات الائتمانية والودائع لدى القطاع المصرفي في نهاية عام 2022 بمعدل 2.8 في المائة و7.7 في المائة و1.3 في المائة على التوالي، الأمر الذي يعكس ثقة العملاء والسوق في القطاع المصرفي، وكفاءة سياسات البنوك في تعبئة المزيد من المدخرات، واعتماد البنوك على أعمالها الرئيسة المتمثلة بالوساطة المالية، ونجاح إستراتيجيات وبرامج الشمول المالي التي تبنتها السلطات الرقابية، والأثر الإيجابي للخدمات المالية التي تعتمد على التقنيات المالية بما يعزز من فرص الوصول إلى الخدمات المالية.

متانة المؤشرات

أما فيما يخص مؤشرات المتانة المالية لدى القطاع المصرفي في الدول العربية، فقد أظهر التقرير تميز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة، إذ وصل متوسط نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى نحو 17.4 في المائة في نهاية عام 2022، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دولياً حسب معيار بازل Ⅲ البالغة 10.5 في المائة، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية بما يعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة. كما تجدر الإشارة إلى أن القطاع المصرفي العربي حقق مستويات جيدة من نسبة رأس المال الأساسي إلى الموجودات المرجحة بالمخاطر رأس المال الأعلى جودة، إذ بلغ 16.0 في المائة في نهاية عام 2022، بما قد يعكس تحفظ القطاع المصرفي وتحوطه لمواجهة أي صدمات غير متوقعة من خلال بناء هوامش رأس مال إضافية من الأصول عالية الجودة. إضافة لذلك، اتبعت المصارف المركزية نهجاً تحفظياً بخصوص متطلبات بازل III المتعلقة بكفاية رأس المال، من خلال إصدار تعليمات ومتطلبات رقابية تتضمن إلزام البنوك التجارية بالاحتفاظ بنسب أعلى من تلك المقررة في متطلبات بازل III، الأمر الذي عزز قاعدة رأسمال البنوك ودعم متانتها وقدرتها على مواجهة المخاطر.

أما بالنسبة لجودة الأصول، فقد نجح القطاع المصرفي في الدول العربية في تخفيض متوسط نسبة التسهيلات غير العاملة إلى التسهيلات الائتمانية للعام الثاني على التوالي، وذلك بعد أن ارتفعت النسبة بفعل جائحة كورونا خلال عام 2020، إذ بلغ متوسط النسبة حوالي 8.0 في المائة في نهاية عام 2022، مقابل 8.2 في المائة في نهاية عام 2021 وذلك بالرغم من التحديات والمخاطر المتمثلة في ارتفاع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية لاحتواء الضغوط التضخمية، والتي قد تنعكس على أسعار الفائدة السوقية وكلف الإقراض، وبالتالي زيادة الكلف والأعباء على عملاء البنوك، لكن يمكن القول أن تحفظ القطاع المصرفي وفعالية إدارة المخاطر لديه وتعزيز التمويل المسؤول ساهم بشكل عام في الحد من مخاطر الإئتمان، إضافة للدور الهام الذي تلعبه مكاتب وشركات الاستعلام الائتماني في ترشيد قرارات الائتمان وتسعيره بناء على مخاطر العملاء.

شاركها.
Exit mobile version