Close Menu
النشرة البريدة
منوعات

بواقعية صادقة.. مسلسل “لام شمسية” يكشف جراح الطفولة المسكوت عنها

فريق التحرير00

بمجرد عرض الحلقة الأولى من مسلسل “لام شمسية” بالنصف الثاني من رمضان لاقى العمل حفاوة كبيرة واستقبالا هائلا من جهة بسبب الحبكة وطبيعة القضية التي يناقشها ومن جهة أخرى بسبب مستواه الفني، في حين منحه الجمهور لقب “صاحب أقوى افتتاحية” و”أفضل حلقة أولى”.

يبدأ العمل من عنوانه العبقري وشديد التميز: “لام شمسية” التي يردد الطفل البطل نشيدا مدرسيا عنها بالمشاهد الأولى قائلا: “لام شمسية ولام قمرية واحدة نقولها وواحدة خفية، القمرية زي ما هي زي الباب والعين والقلب، والشمسية متخبية زي السر وزي الذنب، والقمرية لام منطوقة موجودة في كل الأحوال، والشمسية لام مسروقة مش كل المكتوب يتقال”.

وهو ما يكون كافيا لعرض فكرة العمل على لسان صاحب القضية من دون فجاجة أو ابتذال، حيث الكثير من الرمزية بين المسكوت عنه والمخفي عن العيون.

تدور أحداث العمل حول ظاهرة التحرش بالأطفال وما يلحقه بالضحايا من أذى، وكيف يتعامل الأهل مع الأمر بين الدعم وعدم التصديق خاصة حين يكون المتحرش شخصا مقربا للعائلة ومن غير المتوقع أن يكون هو الشرير بالحكاية.

فن اختيار الأبطال

عمل بعد آخر تتأكد لنا قدرة المخرج كريم الشناوي على اختيار أبطال حكاياته، ورغم تكرار عمله مع أمينة خليل ومحمد شاهين، لكن هذا لم يكن أبدا من باب الاستسهال، وهو ما اتضح جليا بالمشاهدة.

كما تعلمت أمينة خليل من أخطاء الماضي وتُجسد شخصية “نيللي” بهدوء واتزان وتعرف جيدا كيف تظهر ما يعتمر بدواخل شخصية زوجة الأب التي تتهم صديق العائلة/وسام (محمد شاهين) بالتحرش بالطفل يوسف/علي البيلي من تردد وقلق مع حدس يبدو أنه ناتج عن وجع إثر المرور بتجربة مماثلة صغيرة.

أما محمد شاهين، فقد كان اختيارا موفقا للغاية، إذ اعتاد الجمهور رؤيته في السنوات الأخيرة في أدوار لشخصيات طيبة وقريبة من الناس، تشبه الآباء أو الأصدقاء أو زملاء العمل الذين نصادفهم في حياتنا اليومية. ولهذا، لم تكن صدمة اتهامه بالتحرش مقتصرة على أسرة الطفل في المسلسل فقط، بل امتدت لتفاجئ الجمهور أيضا، الذي لم يتوقع أن يرى هذا الوجه المألوف في دور يحمل كل هذا القدر من التناقض والصدمة.

في حين نشهد يسرا اللوزي في أفضل أداء تمثيلي لها، كذلك أجاد أحمد صلاح السعدني دور الأب الرافض تصديق أن يطعنه صديقه في فلذة قلبه، وأخيرا مع الطفل علي البيلي الذي عرف كيف يجسد شخصية الطفل المضطرب الصامت الذي يعجز عن التمييز بين الشر الخالص وبين الصديق الذي يسمعه دوما ويمنحه دعما غير مشروط يجعله فريسة أسهل للاصطياد والوقوع في شرك التحرش.

الكثير من الوعي والمتعة الدرامية

تبرز الجودة العالية في كتابة السيناريو والحوار التي قدمتها ورشة “سرد” تحت إشراف الكاتبة مريم نعوم، حيث لم تمنح المسلسل تماسكا وسردا دراميا مشوقا فحسب، بل سلطت الضوء أيضا على منطقة مهملة دراميا رغم انتشارها الكبير في الواقع، وهذا أضفى على العمل بُعدا جديدا وغير مطروق.

أما المخرج كريم الشناوي، فيقدم واحدا من أنضج أعماله وأكثرها اكتمالا حتى الآن، ويُحسب له جرأته في طرح قضايا حساسة وغير نمطية، إلى جانب اهتمامه الملحوظ بالتفاصيل البصرية، من إضاءة وديكورات وصورة تنبض بالحياة وتثري المشهد.

اللافت أيضا أن صنّاع المسلسل لم يكتفوا بتقديم تجربة فنية ناضجة، بل حرصوا على الوعي والاحترافية في عملية الإنتاج نفسها، وهو ما أشار إليه كريم الشناوي في منشور عبر منصاته الرقمية، مؤكدا على أهمية الحفاظ على السلامة النفسية للأطفال المشاركين في العمل.

وفي هذا الإطار، تم التعاون مع سارة عزيز، مؤسسة ومديرة “سيف إيجبت” (Safe Egypt) وعضو مجلس إدارة في المجلس القومي للأمومة والطفولة، كما خضع فريق العمل لتدريبات خاصة لضمان أفضل تعامل ممكن مع الأطفال داخل موقع التصوير.

ردود الأفعال

حتى الآن، جاءت أغلب ردود أفعال الجمهور إيجابية تجاه العمل بين مستمتع ومنبهر بالمستوى الفني، مع ردود أفعال أخرى أكثر إيجابية، إذ بدأ قطاع من الأهل يسألون عن علامات تعرّض الأطفال إلى التحرش الجنسي وكيف السبيل للتعامل مع من يمرون بتجارب مشابهة، في ظل إقدام مختصين نفسيين لتقديم المشورة والنصائح المجانية على منصات التواصل.

أما الكاتبة مريم نعوم فدعت الجمهور للاحتراس من ردود أفعاله كي لا يؤذَى الطفل بطل العمل نفسيا، مؤكدة وجود تفسيرات بالحلقات القادمة لكل علامات الاستفهام أو التعجب لدى المشاهدين.

“لام شمسية” مسلسل واعد من 15 حلقة، إذا استمر على المنوال نفسه قد يحصد لقب الأفضل هذا الموسم، ومع ذلك يجب التفكير جيدا قبل المشاهدة، فمن جهة لا ينصح بمشاهدته من قبل الأطفال كي لا يؤثر بالسلب على نفسيتهم، كذلك يجب التفكير مرتين قبل المشاهدة إذا ما كان الشخص قد مر بالتجربة نفسها صغيرا، إذ ربما تُنكأ جراح لم تندمل بعد أو يُعاد فتح ترومات لم تُغلق جيدا.

المسلسل تأليف مريم نعوم، وإخراج كريم الشناوي، أما البطولة فجماعية: أمينة خليل، أحمد صلاح السعدني، محمد شاهين، يسرا اللوزي، صفاء الطوخي، ثراء جبيل، لجين عمران، والطفل الواعد علي البيلي.

شاركها.

المقالات ذات الصلة