محمود النصيري
يتزايد ترقب عشاق كرة القدم العربية لقمة نهائي النسخة الحادية عشرة من بطولة كأس العرب قطر 2025، والذي سيجمع منتخبي المغرب والأردن وجها لوجه لأول مرة في تاريخ البطولة منذ انطلاقها في 1963.
وتؤكد كل المؤشرات أن هذا النهائي العربي سيكون استثنائيا في ظل الصراع المحتدم على دكة البدلاء بين مدرسة تدريبية واحدة تجمع طارق السكتيوي مدرب منتخب المغرب ومواطنه جمال السلامي مدرب النشامى.
وقدم كلا المنتخبين مستويات فنية رائعة وعروضا قوية منذ انطلاق النسخة الحالية من البطولة العربية، أكدا من خلالها جدارتهما بالوصول إلى المشهد الختامي من هذا الحدث الكروي البارز وتطلعهما إلى الظفر باللقب العربي غدا الخميس والصعود على منصة التتويج باستاد لوسيل.
الصراع بين المنتخبين لن يقتصر على دكة البدلاء على مستوى الصراع التكتيكي بين المدربين المغربيين، بل يتعدى ذلك إلى الحوارات الثنائية في الهجوم والدفاع ولعل أبرزها ذلك التحدي الكبير الذي سيجمع اللاعب الأردني علي علوان هداف البطولة إلى حد الآن برصيد 4 أهداف والمغربي كريم البركاوي الذي سجل 3 أهداف في مرمى المنافسين خلال المباريات الخمسة التي خاضها منتخب بلاده منذ انطلاق منافسات البطولة.
اختبار حقيقي
لا تعتبر مباراة المغرب والنشامى مجرد تتويج لمسيرة ناجحة لكلا المنتخبين في البطولة العربية بل هي أيضاً اختبار حقيقي لمدى فاعلية الأساليب الهجومية المتباينة التي يعتمدها كل منهما، من أجل تحقيق الفوز والظفر باللقب الغالي.
ويمتلك المنتخب الأردني، بقيادة المدرب المغربي جمال السلامي هجوماً مباشرا وفعالا يتجسد في تألق مهاجمه علي علوان الذي يتصدر قائمة الهدافين بـ 4 أهداف، ما أثبت النشامى قدرة كبيرة على التسجيل من مختلف الوضعيات، بما في ذلك الكرات الثابتة، وهو ما يجعله منافسا عنيدا قادرا على حسم المباريات في أي لحظة من عمر المباراة.
في المقابل، يعتمد المنتخب المغربي بقيادة طارق السكتيوي على التوازن التكتيكي بين الواجبات الهجومية والدفاعية، مع التعويل على الهجمات المرتدة السريعة بفضل لاعبين مثل كريم البركاوي، الذي يتصدر قامة هدافي أسود الأطلس بثلاثة أهداف وزميله عبدالرزاق حمدالله.
نجاعة وفاعلية
أثبت منتخب المغرب بقيادة طارق السكتيوي نجاعة منظومته الهجومية في عبور أدوار البطولة، والتي جعلت من أسود الأطلس فريقا يصعب التنبؤ بتحركاته الهجومية المتنوعة، حيث أكد المنتخب المغربي مجددا أن كرة القدم الحديثة لا تعترف بالاستحواذ السلبي، بل بالفاعلية أمام مرمى المنافسين، حيث يعول السكتيوي على سرعة مهاجميه واستغلال أنصاف الفرص التي تتاح لمهاجميه، وهو ما جسده كريم البركاوي بأفضل صورة منذ نطلاق البطولة حيث لا يكتفي هذا اللاعب بالتواجد في منطقة الجزاء، بل يضغط بقوة ويتحرك باستمرار لإرباك دفاعات الخصم.
هذا المزيج من الانضباط التكتيكي والشراسة الهجومية جعل من المنتخب المغربي القوة الأبرز في هذه البطولة، مما يجعله مرشحا بقوة للتتويج باللقب أمام نظيره الأردني مساء الغد.
روح قتالية عالية
رغم التحديات الكبيرة التي واجهت النشامى منذ انطلاق البطولة، إلى جانب الغيابات المؤثرة نجح المنتخب الأردني في فرض نفسه كقوة هجومية لا يستهان بها في بطولة كأس العرب، ليثبت مجددا أن الروح القتالية الجماعية بإمكانها أن تتفوق على الأسماء الفردية.
واستطاع جمال السلامي أن يستخرج أفضل ما في لاعبيه، من خلال الدعم المعنوي الإيجابي وجعل نقاط الضعف محفزات لردة الفعل على غرار ما حصل مع يزن النعيمات الذي خلفت إصابته تأثيرا كبيرا في نفسية زملائه داخل منتخب الأردن، لكن السلامي استطاع بذكائه أن يجعل من هذه القصة الأليمة وقودا يلهب حماس اللاعبين في الميدان ويجعلهم يقاتلون بشراسة على الكرة من أجل إهداء انتصاراتهم لزميلهم الذي ابتعد قسريا عن منافسات البطولة بسبب الإصابة التي ألمَّت به في الدقائق الأولى من مباراة العراق لحساب الدور ربع النهائي.
القوة الضاربة
تحول الأردني علي علوان هداف البطولة الحالي، إلى أيقونة للفاعلية الأردنية أمام المرمى، مسجلاً 4 أهداف حاسمة، مما دفع بالمدرب جمال السلامي لبناء كل الخطط الهجومية على هذا اللاعب الذي بات يمثل القوة الهجومية الضاربة للنشامى، والذي بإمكانه فك شفرة الدفاع المغربي الصلب، مستغلاً سرعته وقدرته على إنهاء الهجمات بفاعلية.
خبرة علوان الاحترافية في الدوري القطري وخاصة مع الشمال منحته نضجا كرويا جعله يتأقلم بسرعة مع أجواء البطولة والملاعب التي يعرفها جيدا، مما سهل عليه مهمة التألق في البطولة.
حسّ تهديفي
يعد كريم البركاوي أحد الأوراق الأكثر فاعلية بالنسبة للمنتخب المغربي وخاصة على مستوى الهجمات المرتدة السريعة، وهو ما سيدفع بالدفاع الأردني إلى مزيد من التركيز على هذا اللاعب من أجل الحد من خطورته وفعاليته أمام مرمى يزيد أبو ليلى.
يمتلك البركاوي خبرة كبيرة اكتسبها من سنوات احترافه الطويلة في الملاعب الخليجية في الدوري السعودي للمحترفين، والإماراتي حيث اعتاد على مواجهة مدافعين من طراز عالمي، مما صقل قدراته الهجومية وجعله مهاجماً لا يهاب المواجهات القوية وقادرا على اقتحام مرمى المنافسين وهو ما سيجعله في مرمى أحداث المواجهة الختامية ببطولة كأس العرب.
القدرة الكبيرة للبركاوي على هز الشباك، تؤكد حسه التهديفي العالي حيث يتميز اللاعب بقراءة جيدة للعب والقدرة على التمركز في الأماكن الصحيحة داخل منطقة الجزاء لإنهاء الهجمات.

