غزة- فعّلت الجهات الأمنية المختصة في غزة المحكمة الثورية التي تتخذ قرارات سريعة وحاسمة ضد العملاء المتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي -والذين يشكلون خطرا على المجتمع الفلسطيني- بهدف حفظ الأمن في أوقات الأزمات والحروب.

وأمهلت المحكمة الثورية أمس الأربعاء المتهم ياسر أبو شباب من سكان رفح 10 أيام لتسليم نفسه إلى الجهات المختصة لمحاكمته أمام الجهات القضائية بتهم الخيانة والتخابر مع جهات معادية وتشكيل عصابة مسلحة والعصيان المسلح.

وتشرح الجزيرة نت في التقرير التالي الظروف التي أدت إلى إقرار القانون الثوري واختصاصاته والأوقات التي يتم تفعيله فيها.

كيف تأسست المحكمة الثورية؟

أقرت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1979 قانون العقوبات الثوري المكون من 486 مادة، والذي انبثقت عنه المحكمة الثورية، بما يتماشى مع الحالة النضالية للشعب الفلسطيني وحمايته من العدوان الإسرائيلي، ويتضمن تفصيلا للعقوبات على مختلف الجرائم، بما في ذلك الخيانة والتجسس والتحريض على العصيان.

ويشمل القانون أحكاما بشأن المتورطين في الجرائم، وتطبيق العقوبات على العسكريين، والظروف المشددة والمخففة للعقوبة، ويطبق على جميع الجرائم التي ترتكب في مناطق الثورة الفلسطينية.

من يشرف على تطبيق القانون الثوري؟

يخوَّل القضاء العسكري “الثوري” التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بإصدار العقوبات وفق قانون العقوبات الثورية ضمن نظام محدد له صلاحيات خاصة تختلف عن القضاء المدني.

واختلفت المسميات التي تشرف على تطبيق القانون الثوري منذ إقراره، وذلك بخلاف المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية، وتشمل:

  • المحاكم الثورية العسكرية: تتبع منظمة التحرير، وتختص بالنظر في الجرائم التي تقع ضد “الثورة”، وتتشكل من رئيس محكمة (يكون عادة ضابط برتبة عسكرية عالية، وغالبا لديه خلفية قانونية)، وقضاة (ضباط أو كوادر ثورية مختصة)، وقد تُعقد بشكل دائم أو ميداني بسبب ظروف القتال أو العمليات الخاصة.
  • القضاء الثوري: ويشمل قضاة ومحاكم تتبع إدارة القضاء الثوري التابعة للمنظمة، ويمكن أن تكون محكمة ميدانية تصدر أحكاما عاجلة في مواقع العمليات، أو محكمة دائمة تعقد في مقرات منظمة التحرير أو فصائلها.
  • القيادة العسكرية العليا: حيث يمكن في حالات محددة وطارئة كالمعارك أو الاعتقالات العاجلة أن يصدر القائد العسكري أحكاما ميدانية، أو إحالة المتهمين مباشرة إلى المحاكم الثورية.

وعادة ما تكون العقوبات التي يصدرها القادة العسكريون ذات طابع احترازي مثل التوقيف المؤقت، لكن العقوبات النهائية مثل الإعدام لا يتم تنفيذها إلا بقرار المحكمة.

وفي قطاع غزة تتبع المحكمة الثورية للقضاء العسكري بوزارة الداخلية والأمن الوطني، حيث تشكل من طاقم مختص يستكمل كل الإجراءات المتعلقة بتطبيق القانون.

أبو شباب متهم بالخيانة والتخابر مع جهات معادية والعصيان المسلح وتشكيل عصابة مسلحة (مواقع التواصل)

من الجهة التي تنفذ قرارات المحكمة الثورية؟

يتم تنفيذ العقوبات من خلال الأجهزة العسكرية أو الأمنية التابعة لمنظمة التحرير أو فصائلها، وحسب القانون لا تنفذ الأحكام الخاصة مثل الإعدام إلا بعد تصديق من القيادة العليا للمنظمة أو من المفوض العام للثورة حسب نصوص القانون.

وفي غزة ينفذ حكم الإعدام عبر وزارة الداخلية والأمن الوطني، وذلك منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007 وغياب أي وجود لأجهزة السلطة الفلسطينية داخل القطاع.

ما اختصاصات المحكمة؟

يتم تفعيل المحكمة الثورية في حالات محددة جدا تتعلق بالثورة الفلسطينية والعمل الفدائي، ويختلف القانون الثوري عن القوانين الجنائية المدنية المطبقة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويعتبر هذا القانون استثنائيا، ويتم تطبيقه في حالات لها طابع سياسي وعسكري وأمني، ولا يُستخدم في المحاكم المدنية العادية في غزة، بل يظل مقتصرا على المحاكم العسكرية أو الثورية المرتبطة بالفصائل الفلسطينية.

وتطبق عقوبات شديدة على من يشتبه في أنهم يتعاونون مع الاحتلال أو يهددون الأمن الداخلي للفصائل، وتتم في إطار محاكمات ميدانية وسريعة قد لا تشمل الحقوق المدنية المعتادة مثل حق الاستئناف، وهذا يعد من الانتقادات الموجهة للقانون.

متى يتم تفعيل العمل بالمحكمة الثورية؟

يتم تفعيل المحكمة الثورية وبنود قانون العقوبات الثوري في حالات محددة تشمل:

  • الجرائم ضد الثورة الفلسطينية، ويندرج تحتها: حمل السلاح ضد الثورة، والانضمام إلى قوات معادية (خصوصا الاحتلال الإسرائيلي)، والتخابر مع العدو أو جهات أجنبية معادية، ونشر أسرار الثورة أو تسريب معلومات أمنية، وتخريب ممتلكات الثورة.
  • التعامل مع الجرائم في الأطر العسكرية، ويندرج تحتها: مخالفات وانتهاكات تصدر عن أفراد الأجهزة العسكرية والفصائل، التمرد العسكري، العصيان داخل صفوف المقاتلين.
  • التدخل والشراكة في جرائم ضد الثورة، ويندرج تحتها: مساعدة أشخاص يتعاملون مع العدو، المشاركة في تسهيل أعمال معادية.
  • حالات محاكمة العملاء والمتخابرين: وتستخدم لمحاكمة الفلسطينيين أو غير الفلسطينيين المتهمين بالتخابر أو التعاون مع الاحتلال.
  • الانضباط داخل القوات الثورية: ويشمل سوء السلوك العسكري، والفساد الإداري داخل الأجهزة التابعة للمنظمة.
  • القضايا التي تتطلب محاكم ثورية ميدانية، وتستدعي البت السريع في ساحات القتال أو في أماكن لا تصل إليها المحاكم العادية.

ما التهم التي وجهتها المحكمة لأبو شباب؟

وجهت المحكمة الثورية 3 تهم لياسر أبو شباب الذي يقود عصابة مسلحة تعمل تحت حماية الاحتلال في المناطق الشرقية بمحافظة رفح، وهي:

  • الخيانة والتخابر مع جهات معادية خلافا للمادة (131) من قانون العقوبات الثوري، والتي تنص على أنه يعاقب بالإعدام كل من سعى لدولة أو جهة معادية للثورة أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدوانية ضد الثورة، أو سعى إلى معاونتها في عملياتها الحربية أو للإضرار بالعمليات الحربية للثورة الفلسطينية.
  • تشكيل عصابة مسلحة خلافا للمادة (176)، والتي تنص على أنه يعاقب بالإعدام كل من شكّل عصابة إرهابية أو تولى زعامتها أو قيادة فيها بقصد اغتصاب أو نهب الأراضي أو الأموال المملوكة للثورة أو للغير، وبقصد مهاجمة الجماهير الثورية أو مقاومة السلطة العامة بالسلاح في تنفيذ القوانين، ويعاقب المنتمون إليها بالأشغال الشاقة المؤقتة.
  • العصيان المسلح خلافا للمادة (168)، والتي تنص على أن كل فعل يقترف بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطة الثورية القائمة بموجب النظام الأساسي يعاقب بالإعدام، وإذا نشب العصيان يعاقب المحرض وسائر العصاة بالإعدام.

ما أبرز القرارات التي اتخذتها المحكمة الثورية في غزة؟

تم تفعيل القانون الثوري ضد حالات محددة، وأغلبها كان في أوقات الحروب الإسرائيلية، وشهد قطاع غزة تنفيذ محكمة ثورية في حالات عدة، كان من أبرزها إعدام عدد من العملاء خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2012.

كما أصدرت المحكمة أحكام إعدام بحق 4 فلسطينيين (3 أشقاء غيابيا وآخر حضوريا) بتهمة التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي عام 2016، كما حاكمت وأعدمت 3 من منفذي اغتيال الأسير المحرر القيادي في حركة حماس مازن فقها في غزة عام 2017.

شاركها.
Exit mobile version