2/7/2025–|آخر تحديث: 22:57 (توقيت مكة)
في تقرير نشره موقع “تسارغراد” الروسي يحلل الكاتب سيرغي لاتيشيف التدهور المتسارع في العلاقات الروسية الأذربيجانية، ويُرجعه إلى تحولات إقليمية ودولية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ويرى الكاتب أن أذربيجان دخلت -بدفع من قوى غربية- في صراع غير مباشر مع موسكو، في لعبة تتجاوز حجمها الحقيقي وقدرتها على المواجهة.
ويشير التقرير إلى أن سياسة أذربيجان أصبحت أكثر عدائية تجاه روسيا، ومن مظاهر ذلك:
- دعم أوكرانيا عسكريا أو لوجستيا.
- قتل جنود حفظ السلام الأرمن في ناغورني قره باغ، وهي خطوة اعتبرتها موسكو إهانة مباشرة لها.
- حظر وسائل الإعلام الروسية والأنشطة الثقافية في أذربيجان.
- تجاهل دعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لحضور احتفالات النصر الأخيرة، والتي نقلها البطريرك الحالي للكنيسة الأرثوذكسية الروسية شخصيا البطريرك كيريل.
كما تناول التقرير حادثة اختطاف المعارض الأذربيجاني الأصل والمقيم في روسيا زاهر الدين إبراهيموف في عملية نفذتها الاستخبارات الأذربيجانية داخل الأراضي الروسية بمساعدة “شبكات إجرامية”.
ويرى الكاتب أن هذه العملية لم تكن مجرد انتهاك للسيادة الروسية، بل محاولة لإحراج موسكو وإثارة تساؤلات داخلية بشأن أمنها.
أسباب التدهور
حدد الكاتب 3 أسباب رئيسية وراء التصعيد الأذربيجاني:
- ضغط غربي مكثف يصل إلى حد الابتزاز لدفع باكو إلى تبني مواقف مناوئة لروسيا.
- تصور خاطئ لدى باكو بأن روسيا باتت أضعف بسبب تورطها في الحرب الأوكرانية.
- وعود مغرية من الغرب دفعت القيادة الأذربيجانية إلى المغامرة خارج حدودها.
ويضيف التقرير أن فشل صفقة الغاز بين موسكو وباكو وتدهور الاقتصاد الأذربيجاني جعلا العلاقات أكثر توترا، في حين تحتاج روسيا إلى تقليل نفقاتها وعدم تقديم دعم سخي في هذه المرحلة.
وتشن باكو حملة ممنهجة لقطع روابطها مع موسكو، وتشمل:
- اعتقال شخصيات محسوبة على روسيا داخل أذربيجان.
- إغلاق المدارس الروسية وتعليق الفعاليات الثقافية الروسية.
- تصعيد إعلامي عدائي ضد موسكو يذكّر بأجواء أوكرانيا 2014.
ويرى الكاتب أن هذا السلوك يعكس خضوع باكو لتوجيهات خارجية، خاصة من بريطانيا التي تستخدم أدوات مالية مثل تهديدات بتجميد أموال النخبة الأذربيجانية للضغط على النخب السياسية.
المدون الروسي يوري بودولياكا: أذربيجان قد تكون الضحية التالية في قائمة الصراعات التي تستهدف دول الاتحاد السوفياتي السابق، مما ينذر بإمكانية اندلاع حرب مباشرة بين روسيا وأذربيجان في المستقبل القريب
“خريطة بيترز” وخطر الحرب الإقليمية
ويرجح التقرير أن باكو تلقت وعودا بتنفيذ ما تعرف بـ”خريطة العقيد بيترز” التي ظهرت عام 2006، وتقضي بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الكبير على أسس قومية، ومنها تقسيم إيران ومنح أذربيجان ما تعرف بـ”أذربيجان الشرقية” شمال غرب إيران.
وحسب التقرير، فإن العقيد بيترز هو ضابط استخبارات أميركي سابق، وتتلخص خريطته أو خطته في أن تدعم أميركا وإسرائيل الأكراد من أجل تفكيك إيران وإضعاف عدد من دول المنطقة التي لا تثق بها أميركا وإسرائيل أو تطمعان في مواردها، وذلك في إطار تطبيق ما يسمى مشروع “الشرق الأوسط الكبير الجديد” الذي تجسده تلك الخريطة.
ويرى الكاتب أن الرئيس علييف يسعى إلى تقديم نفسه كموحّد للأمة الأذربيجانية عبر السعي لتوسيع الحدود الجغرافية، واستغلال حالة التوتر بين أرمينيا وروسيا، خصوصا أن الأخيرة غير قادرة حاليا على حماية أرمينيا في حال تعرضت لهجوم.
كما أشار إلى تصاعد التعاون بين باكو وتل أبيب، ولا سيما في المجال العسكري، وهو ما دفع إيران إلى اتهام أذربيجان بالتواطؤ في تنفيذ هجمات إسرائيلية على أراضيها.
تداعيات محتملة
ويحذر الكاتب من أن انخراط أذربيجان في مشروع استهداف إيران وروسيا قد يؤدي إلى تفككها الداخلي، في ظل التوترات القومية والاجتماعية داخلها.
كما أن مستقبل خطوط التجارة والسكك الحديدية بين روسيا وإيران أصبح مهددا بسبب هذا التوتر، خاصة ممر “شمال-جنوب” الإستراتيجي عبر بحر قزوين.
وفي الختام، ينقل الكاتب عن المدون الروسي المعروف يوري بودولياكا قوله إن الغرب ينظر إلى أذربيجان كـ”مادة استهلاكية” مثل أوكرانيا، ويستخدمها لتحقيق أهدافه الإستراتيجية دون اعتبار للخسائر البشرية أو الجغرافية.
ويحذر من أن أذربيجان قد تكون الضحية التالية في قائمة الصراعات التي تستهدف دول الاتحاد السوفياتي السابق، مما ينذر بإمكانية اندلاع حرب مباشرة بين روسيا وأذربيجان في المستقبل القريب نتيجة تراكم العداوات والرهانات على وعود خارجية قد لا تتحقق.