ولكن إيجاد ميرتس “وسائل وطرق” لعدم اعتقال نتنياهو سيضع أحد أهم إنجازات الدولة الألمانية الحديثة أمام تحد كبير وهو تقويض مبدأ الفصل بين السلطات. إذ إنه إذا أراد رئيس الحكومة الألمانية عرقلة اعتقال نتنياهو، فيجب على السلطة التنفيذية (الحكومة الاتحادية أو حكومات الولايات الألمانية الـ16) التدخل بشكل سافر في صلاحيات السلطات القضائية، أي المحكمة التي ستصدر قرار الاعتقال والتسليم، علما بأن وزارة العدل الألمانية أكدت التزام حكومة ميرتس بهذا المبدأ.
“فقط من يغير نفسه يستطيع البقاء”
فهل سيغامر ميرتس في بداية مشواره في رئاسة حكومة ألمانيا ويدعو متهما بارتكاب جرائم حرب إلى زيارة برلين، أم سيستجيب لكاتب سيرته الذاتية دانييل غوفارت ويغير مساره من الهجوم إلى القيادة؟ علما بأنه هو نفسه اختار قبل قرابة عقدين العنوان التالي لكتاب من تأليفه: “فقط من يغير نفسه يستطيع البقاء” (Nur wer sich ändert, wir bestehen) ولهذا الكتاب ولمغزى عنوانه قصة طريفة:
في 23 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2018 نشرت صحيفة تاتس الألمانية اليسارية مقابلة مع مشرد يدعى إنريكو (ج). يقول إنريكو إنه عثر في عام 2004 في محطة قطارات أوست بانهوف ببرلين على كمبيوتر شخصي وإنه عرف منذ البداية بأن “الموضوع حساس” لأن الكمبيوتر الشخصي فيه أرقام هواتف شخصيات سياسية ألمانية مثل رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي في حينها أنجيلا ميركل والمستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر وغيرهم من الشخصيات القيادية.
لاحقا تبين للمشرد أن هذا الكمبيوتر لفريدريش ميرتس نائب رئيس الكتلة النيابية للاتحاد المسيحي الديمقراطي آنذاك، وبدلا من بيع الكمبيوتر مثلا، قرر “المشرد الأمين” تسليمه للشرطة.
يضيف إنريكو (ج) أنه أعطى للشرطة كمكان للسكن عنوان إحدى دور السكن المعنية برعاية المشردين وبعد أربعة أسابيع “سلمتني إحدى الموظفات في المؤسسة كعربون شكر كتاب فريدريش ميرتس الجديد “فقط من يغير نفسه يستطيع البقاء”.
يختم المشرد المقابلة بالقول “اعتبرت ذلك حينها وقاحة وقمت بإلقاء الكتاب فورا في نهر شبري (…) الموضوع بالنسبة لي ليس له علاقة بمكافأة مالية، فكل ما أردته منه أن يأتي شخصيا ويشكرني. هذا كل شيء”.
إنريكو (ج) لم يقرأ الكتاب لأنه ألقاه في النهر، ولكنه رغم ذلك غيّر نفسه وتمكن قبل عشر سنوات -بحسب صحيفة “FAZ” الألمانية- من العثور على عمل ثابت ومن إيجاد شريكة حياة يعيش معها منذ سنوات في شقة سكنية عادية، وذلك كله دون الحاجة إلى مساعدة من فريدريش ميرتس.