Published On 28/8/2025
|
آخر تحديث: 08:23 (توقيت مكة)
بيروت- يسيطر ملف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية على المشهد في البلاد، بعد قرار الحكومة تكليف الجيش بوضع آليات تنفيذية، وهي خطوة وصفت بالمفصلية وتطرح تساؤلات حول مستقبل سلاح حزب الله وموقع لبنان في توازناته الداخلية وعلاقاته الخارجية.
وفي مقابلة خاصة للجزيرة نت، يؤكد رئيس جهاز التواصل بحزب القوات اللبنانية شارل جبور أن قرار الحكومة الأخير حصر السلاح بيد الدولة يشكل لحظة فاصلة تنهي عمليا معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة عنوانها سيادة الدولة وحدها على أراضيها.
ويرى جبور أن القرار السياسي الحاسم صدر أخيرا بعدما طال غيابه، مما يجعل مسألة سلاح حزب الله قضية تطبيق لا نقاش، معتبرا أن هذا السلاح بات عبئا يجرّ لبنان إلى الحروب والأزمات ويعطّل استقراره.
ويشدّد رئيس جهاز التواصل في حزب القوات اللبنانية على أن المواقف الدولية والعربية اليوم داعمة بوضوح للدستور اللبناني ولحصرية القوة بيد مؤسسات الدولة، لافتا إلى أن أي دعم خارجي للبنان مشروط بأن يكون دولة فعلية لا ساحة صراعات إقليمية. وفي ما يأتي نص المقابلة:
-
ما الخطوة التالية بعد قرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيدها وتكليف الجيش وضع آلية تنفيذية لجمع السلاح؟
قرار نزع السلاح غير الشرعي، اللبناني وغير اللبناني، اتُّخذ تطبيقا للدستور اللبناني الذي ينصّ بوضوح على حصرية السلاح بيد الدولة، فقد عاش لبنان منذ عام 1990 وضعا استثنائيا، إذ لم تنتهِ الحرب عمليا بعدما أبقاه النظامان الإيراني والسوري في حالة عدم استقرار، ما أفسح المجال لانتشار السلاح غير الشرعي، وفي طليعته سلاح حزب الله.
-
هل الجيش اللبناني قادر على نزع سلاح حزب الله أم أنكم تخشون من مواجهة داخلية، لاسيما أن الأمين العام للحزب أكد رفضه تسليم السلاح؟
اليوم، اتُّخذ القرار السياسي الحاسم من قِبل الحكومة في 5 و7 أغسطس/آب، وهو قرار يفكّ الارتباط نهائيا مع المعادلة الثلاثية المعروفة بـ”الجيش والشعب والمقاومة” ويكرّس مرحلة جديدة يكون فيها السلاح حصرا بيد الدولة، أما آليات التنفيذ فهي شأن المؤسسة العسكرية، فهي وحدها تحدد كيفية التطبيق وتوقيته على الأرض.
-
كيف تنظر القوات اللبنانية اليوم إلى واقع سلاح حزب الله داخل لبنان، وهل ترون أن الحوار الداخلي ما زال مجديا لمعالجة هذه المعضلة؟
القرار السياسي صدر، وهذا ما كان ينقص سابقا، فغياب القرار كان يُتيح لحزب الله التذرع بشرعية حمل السلاح تحت عنوان “المقاومة”. أما اليوم، ومع صدور القرار، فالمسألة لم تعد خاضعة للنقاش أو الحوار، إذ إن الحوار الذي جُرّب منذ عام 2006 لم يُفضِ إلى أي نتيجة، بل تحول إلى وسيلة لتمرير الوقت وإبقاء الأمور في الحلقة المفرغة.
والدستور واضح، والسلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط، والقرار الحكومي يترجم هذا المبدأ، وبالتالي لا مجال لحوار حول نصوص دستورية إلا إذا كانت هناك نية لتغيير الدستور، وهذا غير مطروح، والمطلوب الآن هو التطبيق لا غير.
-
برأيكم، هل بات سلاح حزب الله يمثل عبئا على الدولة اللبنانية وعلاقاتها الخارجية أكثر مما يشكّل عامل قوة ضد اسرائيل؟
يبقى سلاح حزب الله جوهر الأزمة في لبنان، إذ يتحوّل إلى أداة لجلب الحروب وتعطيل الاستقرار وإبقاء البلاد رهينة، فالحزب هو من أشعل حرب 2006 مع إسرائيل، وهو من استجرّ المواجهة عام 2023، إنه السلاح الذي يجرّ لبنان من أزمة إلى أخرى، ويقف حائلا أمام استقراره وازدهاره.
-
ما تقييمكم للمواقف الدولية والإقليمية الأخيرة تجاه سلاح حزب الله، وهل تجدون فيها فرصة للبنان أم تهديدا لمعادلاته الداخلية؟
من البديهي أن لا دولة في العالم تقبل بازدواجية السلاح: سلاح الدولة وسلاح المليشيا. ففي كل الدول المتحضرة تحتكر الدولة القوة العسكرية وحدها. ومن هنا، فإن إنهاء ظاهرة السلاح غير الشرعي لم يعد خيارا، بل إنه واجب دستوري وسياسي، وهو مدعوم بمواقف دولية تؤكد ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
فالمواقف الدولية اليوم داعمة بوضوح للدستور اللبناني، وهذا أمر نشكره ونقدّره، وكل دولة تدعم سيادة لبنان ودستوره مشكورة، بخلاف المرحلة السابقة التي عانى فيها لبنان من هيمنة إيرانية ومنظومة الممانعة، وسط غضّ نظر دولي.
-
التطورات الميدانية والسياسية في سوريا تشهد تحولات متسارعة، كيف تنعكس هذه التحولات على لبنان برأيكم؟
لا شك أن استقرار سوريا ينعكس مباشرة على استقرار لبنان، ونحن نتمنى الخير للشعب السوري الذي دفع أثمانا باهظة سواء في ظل النظام السابق أو خلال سنوات الحرب، المطلوب أن تدخل سوريا في مسار استقرار، وأن تكون العلاقة معها علاقة دولة بدولة، قائمة على الاحترام والاعتراف المتبادل والتنسيق الطبيعي بين بلدين جارين، ضمن احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما يحصل اليوم مع عودة التقارب العربي السوري والدعم الدولي لاحتضان سوريا.
-
مع الحديث عن تقارب عربي سوري، أين تقف القوات اللبنانية من مسألة عودة النظام السوري إلى الساحة الإقليمية؟
نحن دولتان جارتان، لبنان وسوريا، ومن الطبيعي أن يجمعنا التعاون والتنسيق ضمن إطار الاحترام المتبادل، مع التأكيد على سيادة كل دولة وعدم التدخل في شؤون الأخرى.
واليوم نشهد تقاربا عربيا مع سوريا يُعد خطوة إيجابية ومطلوبة، يترافق مع انفتاح دولي يتمثل في احتضان عربي ودولي لها.
-
كيف تقيمون موقع لبنان اليوم في خضم إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية؟
لبنان بدوره ينال دعما عربيا ودوليا لاستعادة سيادته وبسط سلطته الكاملة، لأن الشرط الأساس لأي دعم مالي أو استثمار خارجي هو أن يكون لبنان دولة فعلية وليست شكلية، تحتكر وحدها السلاح والقرار. فالمجتمع الدولي، من الولايات المتحدة إلى العواصم العربية، يشترط أن يتصرّف لبنان كدولة سيدة، لا كساحة بيد فريق يجرّه إلى صراعات إقليمية.
إن استعادة موقع لبنان الإستراتيجي يمرّ عبر التزامه بالسيادة الكاملة، ووقف تحوّل أراضيه إلى منصات تستهدف الدول العربية والخليجية، سواء عبر التحريض الإعلامي، أو التهديد الأمني، أو تهريب الكبتاغون والمخدرات.
فلبنان الطبيعي هو لبنان الذي يحترم أصدقاءه العرب والخليجيين، ويعرف أن استقطاب الاستثمارات يبدأ من هذه الدول تحديدا.
-
ما المطلوب من الدولة اللبنانية لترميم علاقاتها مع الدول العربية والخليجية تحديدا؟
الإشكالية أن فريقا في لبنان يضع أولويته في الخارج، وتحديدا عند إيران، متجاهلا مصلحة لبنان وشعبه واستقراره.
والحقيقة أن المطلوب اليوم هو أن نضع المصلحة اللبنانية أولا، وأن نتمسّك بخيار الدولة وحدها، لأنها وحدها الكفيلة بإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي دولة حرة، مستقلة، سيدة على أرضها.