جفاف الأهوار تحت ضغط النفط
يتمدّد حقل الحلفاية -وهو أكبر مشروع تديره بتروتشاينا خارج الصين- على مساحة 288 كيلومترا مربعا أي ما يعادل ثلاثة أضعاف باريس، ويضمّ مطارًا داخليًّا لنقل العاملين بين ميسان وبغداد والبصرة. بعد وصول الشركة بنحو عام، شُيِّدت ستّ محطات على ضفاف نهر دجلة تسحب يوميًّا نحو 60 ألف م³ من المياه العذبة، تُعالج ثم تُحقَن مباشرةً في الآبار لرفع الضغط وزيادة الإنتاج.
ووثقت دراسة صادرة عن مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد (1984–2015) فقدان العراق ثلث مسطّحاته المائية الدائمة، وانكماش أهواره التاريخية بـ86%، في حين ازدادت الرقعة المائية الدائمة في تركيا بـ25%. كذلك تراجع تدفّق شطّ العرب منذ السبعينيات بفعل السدود التركية والإيرانية والسورية.
تدعي شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق، أنها تبذل كل ما في وسعها للحد من الأثر البيئي لأنشطتها الاستخراجية. لكن بفضل مُبلغ عن مخالفات، تمكن فريق التحقيق من الحصول على وثيقة داخلية من تحالف الشركات الذي يدير حقل الزبير -الذي تمتلك إيني الإيطالية أكبر حصة منه بنسبة 32.81%- كشفت عن قلق تلك الشركات من شح المياه منذ عام 2014. تشير تلك الوثيقة إلى أن حقل الزبير يحتاج إلى كميات هائلة من المياه للحفاظ على ضغط البئر وتعظيم استخراج النفط.
مع تزايد إنتاج النفط في العراق يزداد الضغط على الموارد المائية ويجد القطاع النفطي نفسه أمام تحديات كبيرة لتأمين كميات كافية من المياه إذ تعتمد شركات النفط بشكل أساسي على المياه لاستمرار عمليات الضخ في الآبار، وهو ما قد يعيق توسع الإنتاج في المستقبل إذا لم تتمكن الحكومة من توفير مصادر جديدة للمياه، وغياب الحلول المستدامة قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج ويُفاقم أزمة المياه ويهدد استقرار القطاع النفطي كله.
يقول ماجد الساعدي، مدير زراعة ميسان، للجزيرة نت: «لا نستطيع إيقاف الإنتاج النفطي، لكن يمكن تقليل الضرر لو التزمت الشركات». وتشير دراسة ميدانية قام بها ماجد الساعدي لم تنشر من قبل حصل فريق التحقيق على نسخة منها إلى أن بعض الحقول تُدخل مياه صرف ومياه تناضح عكسي (RO) بشاحنات خاصة، مما يخلّف تلوّثًا إضافيًّا للتربة والمياه.
ويوثق ملفٌّ سرّي أرسلته الدائرة إلى وزارة الزراعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 -وحصل فريق التحقيق على نسخة منه وينشر لأول مرة- مستويات مرتفعة من الهيدروكربونات والمعادن الثقيلة، وضررًا بمحطات التحلية قرب الأهوار، ويوصي بحظر زراعة الأراضي المحيطة بالحقول وإنشاء محكمة بيئية.
في حين يواصل الناشطان مصطفى ومرتضى توثيق معدات الاستكشاف في عمق أهوار الحويزة، تؤكد صور الأقمار الصناعية التي حللتها “Placemarks”عام 2025 بدء أعمال الحفر داخل منطقة محمية بموجب اتفاقية رامسار، حيث رُفعت لافتة هور الحويزة فوق موقع مرشح لأن يتحول إلى حقل نفطي جديد في المنطقة.
