الدوحة – قنا
تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، بدأت اليوم فعاليات المنتدى الوزاري العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة 2025، وشعاره “استدامة عمرانية.. لمستقبل الأجيال”.
وأكدت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التنمية الاجتماعية والأسرة، أن دولة قطر تولي اهتماما بالغا لتطوير البيئة العمرانية ورفع جودة الحياة، وتحقيق الرفاهية المنشودة للمواطنين، من خلال تحديث السياسات العمرانية، وتطوير الخدمات المجتمعية، وتحسين كفاءة وجودة البنية التحتية واستدامتها، بما يواكب احتياجات المواطنين ويعزز ازدهار المجتمعات السكنية.
وأضافت سعادتها قائلة في الكلمة التي افتتحت بها المنتدى: “نركز بشكل خاص على تعزيز مستويات المرونة الحضرية، وتوفير خيارات سكنية متنوعة تناسب الاحتياجات المتباينة للمواطنين، والسعي لتحسين جودة الخدمات، ومواءمة التخطيط العمراني مع مستقبل المدن الذكية والتحولات الرقمية”.
ونوهت إلى أن هذه الجهود تأتي في إطار السعي إلى تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية.
وأشارت سعادة وزير التنمية الاجتماعية والأسرة إلى أن العالم العربي يشهد نموا حضريا متزايدا، وتوسعا في احتياجات السكان، إلى جانب تحديات تتعلق بالبنية التحتية، وتكلفة السكن، وتغير المناخ، والاستدامة البيئية، لافتة إلى أن هذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تخطيط حضري طويل المدى، يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، ويرتكز على التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وبينت أنه قد أصبح من الضروري اليوم الاستثمار في إعادة تأهيل المدن، وتحسين الكفاءة التشغيلية للخدمات، وتطوير التشريعات العمرانية، وتهيئة بيئات حضرية جاذبة قادرة على تحقيق التوازن بين النمو والتنمية المستدامة.
وشددت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي في كلمتها على أن هذا المنتدى أصبح يمثل منصة محورية لتبادل الخبرات والتجارب المتميزة على المستوى العربي، واستعراض المبادرات الناجحة في مجالات الإسكان والبيئة الحضرية المستدامة، مؤكدة أن أهمية هذه المنصة تأتي من كونها تجمع بين الخبراء، وصناع القرار، والمخططين، والمنظمات الدولية، مما يفتح المجال أمام بناء شراكات حقيقية تعزز مسار التطوير العمراني.
وأعربت عن أملها في أن تسهم النقاشات والمحاور التي يتضمنها المنتدى في مجالات التخطيط الحضري، والتقنيات الحديثة في البناء، وجودة الحياة، والاستدامة البيئية، في بلورة توجهات جديدة قابلة للتطبيق في المدن العربية.
ونبهت في سياق ذي صلة إلى أن مستقبل الإسكان في المنطقة العربية يعتمد بشكل أساسي “على قدرتنا في تطوير سياسات مرنة وتشاركية، وتبني حلول مبتكرة، واستثمار البيانات والتحول الرقمي في إدارة المدن، كما يعتمد على تعزيز التعاون بين الدول العربية عبر تبادل التجارب وبناء القدرات وإقامة المشروعات المشتركة، وهو دور أساسي يضطلع به هذا المنتدى”.
وقالت إن اجتماع اليوم هو خطوة عملية نحو صياغة رؤية عربية مشتركة قادرة على مواجهة تحديات الإسكان والتنمية الحضرية، وتحديد أولويات المرحلة المقبلة في عالم تتسارع فيه المتغيرات.
وكانت سعادة وزير التنمية الاجتماعية والأسرة قد رحبت في مستهل كلمتها بالمشاركين في بلدهم الثاني قطر، وأكدت أن وجودهم يعكس عمق الالتزام العربي المشترك بتعزيز مسيرة الإسكان والتنمية الحضرية، والبحث عن حلول مبتكرة تواكب التحولات المتسارعة التي تشهدها المدن والمجتمعات العربية.
كما شكرت جميع الوفود المشاركة، واللجان التنظيمية والعلمية والفنية التي عملت بكل إخلاص لإنجاح هذا الحدث العربي الهام، متمنية لهم جميعا مشاركة ثرية، وأن تكلل أعمال المنتدى بتوصيات عملية وبناءة تسهم في تطوير سياسات الإسكان والتنمية الحضرية في الوطن العربي.
من ناحيته، أكد سعادة السفير الدكتور علي بن إبراهيم المالكي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن انعقاد المنتدى الوزاري العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة بالدوحة تحت شعار “استدامة عمرانية.. لمستقبل الأجيال”، خطوة تؤكد بوضوح التزام القيادة القطرية بدعم قضايا الإسكان والتنمية العمرانية المستدامة بالمنطقة العربية، وبما يؤكد أيضا على إرادة مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب القوية في استمرارية هذا المنتدى، والتفاعل الإيجابي للدول العربية مع هذا الحدث الهام، والانخراط الكامل في فعالياته، تحقيقا للخطة العالمية للتنمية المستدامة 2030، وخاصة الهدف الحادي عشر المعني بجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، وكذا تنفيذ الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة.
وأشار سعادته في كلمة بالجلسة الافتتاحية إلى أن العالم العربي يشهد اليوم تحديات متسارعة، من التحولات الاقتصادية إلى التوسع الحضري والتغير المناخي، وما تفرضه جميعها من ضرورة ابتكار حلول إسكانية أكثر ذكاء وكفاءة وأكثر قدرة على حماية الإنسان والبيئة معا.
ونوه إلى أنه من هذا المنطلق جاء عنوان المنتدى “استدامة عمرانية.. لمستقبل الأجيال” ليؤكد أن السياسات التي نضعها اليوم ليست مجرد خطط فنية، بل استثمار حقيقي في جودة حياة الشعوب العربية لعقود قادمة.
ونبه إلى أن قضايا الإسكان لم تعد بمعزل اليوم عن مسار التنمية، لافتا إلى أن التوجه نحو الإسكان الذكي أصبح محورا أساسيا لصنع بيئة عمرانية قادرة على استيعاب النمو السكاني وإدارة الموارد بكفاءة، وتعزيز جودة الخدمات من خلال حلول تكنولوجية توفر حياة أكثر راحة واستدامة للمواطن، مشددا على أن توفير السكن الملائم يظل ركنا أساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأكد على ضرورة تبني مقاربات جديدة لملف إعادة الإعمار ترتكز على المرونة والاستدامة، وتهدف إلى إعادة بناء المجتمعات بشكل يراعي احتياجات المواطن ويعزز قدرته على الصمود ويحول التحديات إلى فرص لتطوير بيئات عمرانية أكثر أمانا وفعالية.
ونوه في سياق ذي صلة إلى انعقاد هذا المنتدى في ظروف معقدة على الساحة الدولية والإقليمية، وبخاصة المأساة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الشقيق والدمار الشنيع الذي حل بقطاع غزة والمجازر الرهيبة التي ترتكب بحقه من قبل الآلة الحربية الجهنمية للاحتلال.
ولفت إلى أنه برغم اتفاقية وقف إطلاق النار، لا يزال الوضع سيئا جدا، معربا عن أمله في أن يتم الاستمرار في إدخال المساعدات الإنسانية بصورة دائمة ومستمرة لأهل غزة دون قيد أو شرط، وقال إن ذلك هو مسؤولية أخلاقية وإنسانية للمجتمع الدولي.
وأوضح أن توطين أهداف التنمية المستدامة يعني تكيف هذه الأهداف بشكل فعال لتتناسب مع الوضع والاحتياجات المحلية في منطقة معينة، مستعرضا في هذا الصدد العديد من الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها توطين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما في ذلك التصدي للكوارث وزيادة القدرة على الصمود ومواجهة التحديات ذات العلاقة.
وقال إن المنطقة العربية ليست بمنأى عما يحدث في العالم بهذا الخصوص، وهو ما يؤكد أهمية عقد المنتدى الذي سيمكن الجميع من استعراض حالة المدن العربية والمشاكل التي تعاني منها والتحديات التي تواجهها نتيجة تزايد التأثيرات المناخية وكثرة المخاطر والكوارث الطبيعية والإنسانية والأوبئة والأمراض وهي كلها قضايا وموضوعات تستدعي من الجميع تحديد مسبباتها واستشراف اتجاهاتها المستقبلية ومدى تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على المدن العربية، مضيفا أن تحقيق ذلك لن يتم إلا من خلال تشخيص حقيقي وواقعي يمكن من إيجاد الحلول والمقاربات العملية والموضوعية لهذه القضايا مع الأخذ بعين الاعتبار مؤشرات الرصد والمتابعة وآليات التنفيذ، لمواكبة الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية والبنية التحتية وتوفير فرص العمل والحصول على مسكن لائق وتحقيق المعادلة بين الموارد والطموحات، وغير ذلك من الأمور ذات الصلة والتي تتطلب الاعتماد على القدرات الذاتية للبلدان العربية وتعزيز التعاون فيما بينها ومشاركة الموارد والأفكار والتحلي بالروح الجماعية لمجابهة هذه التحديات من خلال رؤى جديدة ومبتكرة للتنمية الحضرية المستدامة.
وأكد أن المنتدى يوفر كل ذلك، معربا عن ثقته في أن كوكبة الخبراء والمختصين وأصحاب القرار المشاركين فيه سيتمكنون من الخروج برؤية موحدة جامعة بشأن تطوير سياسات التنمية الحضرية ووضع برامج وخطط مستدامة يمكن تنفيذها على أرض الواقع، وكذا البحث في أساليب التمويل التي يتعين أن تكون أيضا مبتكرة وفعالة وتستدعي انخراط الجميع أثناء عملية التنفيذ والرصد والمتابعة.
وأوضح أن جلسات المنتدى المتعددة تتناول محاور في غاية الأهمية من شأنها بلورة الرؤية العربية الجديدة والمرجوة للتنمية الحضرية، مضيفا في ختام كلمته “لتكن دولة قطر نقطة الانطلاق نحو مدن عربية قادرة على توطين أهداف التنمية المستدامة من أجل الإعمار ومواجهة الكوارث”.
وأكدت السيدة رانيا هدايا، المدير الإقليمي لمكتب “موئل” الأمم المتحدة للدول العربية، التزام المكتب بدعم الجهود العربية في مجال الإسكان والتنمية الحضرية المستدامة.
وأوضحت خلال كلمتها بالجلسة الافتتاحية أن جميع الموضوعات المطروحة للنقاش خلال المنتدى وشعاره “استدامة عمرانية.. لمستقبل الأجيال “ستمتد آثارها للأبناء والأحفاد، فضلا عن تأثيرها الإيجابي على الدول العربية من حيث قدرتها على تطوير مدن أكثر عدلا وصمودا واستدامة.
وأكدت أن السكن الملائم هو المدخل الأساسي للاستقرار والاندماج الاجتماعي، وركن من أركان الكرامة الإنسانية، وهو ما أكد عليه الإعلان السياسي للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي استضافتها الدوحة مؤخرا، والتي رسخت مفهوم السكن الملائم كحق اجتماعي أساسي، وكبنية تحتية اجتماعية تدعم الصحة والتعليم وفرص العمل.
وأشارت السيدة هدايا إلى أن المنتدى يأتي في ظل ظروف صعبة بالمنطقة العربية من حيث تقاطع التحولات الديمغرافية والتوسع الحضري السريع والمتسارع والأزمات الممتدة والمخاطر الطبيعية وغيرها من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على المدن والمناطق الحضرية، ما ينتج عنه أضرار جسيمة بالسكن والبنية التحتية والمرافق، بالإضافة إلى نزوح السكان على نطاق واسع من أماكن النزاع والخطر إلى أماكن أكثر أمنا، مما يزيد من التحديات والمخاطر التي تواجه السكان بالمنطقة العربية.
وقالت إنه خلال العقود الثلاثة الماضية تضاعف عدد سكان المنطقة العربية ليصل إلى نحو 500 مليون نسمة خلال 2023 أي ما يمثل نحو 6 بالمئة من سكان العالم، وتوقعت أن يصل العدد إلى مليار نسمة بحلول عام 2060، لافتة إلى أن الدول العربية رغم ذلك قطعت شوطا مهما في تبني وتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030، وبالذات الهدف الحادي عشر منها حول جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة.
ويعقد المنتدى، على مدى ثلاثة أيام، ويتضمن في يومه الأول جلسة افتتاحية رفيعة المستوى بمشاركة الوزراء العرب، تليها جلسات محورية تبحث مستقبل السياسات الإسكانية في المنطقة العربية، ودور التخطيط العمراني في بناء مدن مرنة ومستدامة، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجالات الإسكان والتنمية الحضرية، إضافة إلى مناقشة الابتكار في تلبية الطلب المستقبلي على السكن.
ويشهد اليوم الثاني جلسات تخصصية وورش عمل متعمقة تتناول موضوعات المدن الذكية والتحول الرقمي، واستراتيجيات إعادة الإعمار بعد الأزمات، ونماذج الإسكان الميسر، والبيئة الحضرية المستدامة، إلى جانب مناقشة آليات تعزيز الشمولية الحضرية.
أما اليوم الثالث فيركز على الشراكات والمبادرات المستقبلية من خلال جلسات تناقش دور المنظمات الأممية والإقليمية في دعم سياسات الإسكان، وآليات تمويل المشاريع العمرانية، والتوجهات الحديثة لتعزيز جودة الحياة في المدن، ليختتم المنتدى أعماله بإعلان توصيات مشتركة وخارطة طريق عربية للتنمية الحضرية المستدامة.
ويقام على هامش المنتدى معرض متخصص تشارك فيه جهات حكومية عربية ودولية، وقطاع خاص، ومؤسسات رائدة في مجال العمران، ويستعرض أحدث التجارب والمشاريع العمرانية، والحلول الذكية للمدن المستقبلية، والتقنيات المبتكرة في المباني الخضراء وكفاءة الطاقة، إضافة إلى نماذج عملية لمبادرات وطنية في جودة الحياة الحضرية.
وتعكس استضافة دولة قطر لهذا المنتدى التزامها بدعم مسارات التنمية الحضرية والاجتماعية في المنطقة، وتعزيز العمل العربي المشترك، وفرصة لإبراز تجربتها الرائدة في التنمية الاجتماعية والحضرية، وتسليط الضوء على نماذجها الناجحة في تمكين الأفراد وبناء مدن أكثر شموليه وازدهارا.
ويمثل المنتدى منصة عربية مركزية لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات وبناء شراكات فعالة في مجالات الإسكان والتنمية الحضرية، فضلا عن إسهامه في صياغة رؤى مستقبلية قائمة على الابتكار والاستدامة والارتقاء بجودة الخدمات العمرانية بما يلبي احتياجات المجتمعات العربية وتطلعات الأجيال القادمة.
