شعار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
الدوحة – قنا
نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ممثلة في إدارة البحوث والدراسات الإسلامية، بالتعاون مع مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة قطر، الندوة الثانية من الموسم الثقافي الأول تحت عنوان “التكامل المعرفي: سبيل النهوض الحضاري”.
وشهدت الندوة التي أقيمت بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب حضور سعادة السيد غانم بن شاهين الغانم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والدكتور بدران بن لحسن مدير مركز ابن خلدون بجامعة قطر، وغيرهم.
وأكد المتحدثون في بداية الندوة، أهمية التكامل المعرفي في استعادة الدور الحضاري للأمة الإسلامية، مشيرين إلى أن العلوم الإسلامية منذ نشأتها امتزجت ببعضها البعض، مما عزز من تفاعلها مع العلوم الأخرى، واستشهد المتحدثون بمنهجية بعض العلماء والأئمة السابقين، إضافة إلى رؤية ابن خلدون حول التفاعل بين العلوم الشرعية والعقلية.
وأشار المتحدثون إلى أن النهضة الحضارية تتطلب استلهام التجارب الإسلامية السابقة في التكامل المعرفي، كما فعل علماء مثل الغزالي، والسيوطي، والطبري، وابن تيمية، الذين جمعوا بين العلوم المختلفة وأنتجوا مناهج متكاملة أسهمت في تطور الفكر الإسلامي.
وتناولت الندوة أربعة مرتكزات أساسية للتكامل المعرفي وهي: نشأة العلوم: حيث كان القرآن الكريم والسنة النبوية محور المعرفة الإسلامية، والاقتباس والتطوير: إذ استفاد المسلمون من معارف الأمم الأخرى مع إخضاعها للنقد والتطوير، وتصنيف العلوم: مما يعكس الوعي بأهمية تداخل التخصصات في الفكر الإسلامي، ونقد العلوم: حيث قام العلماء بمراجعة وتطوير المناهج العلمية باستمرار.
وخصصت الندوة جلسة لمناقشة “مقدمة ابن خلدون” من منظور التكامل المعرفي، حيث استعرض الأستاذ الدكتور أحمد إبراهيم أبو شوك، العميد المساعد للعلوم الإنسانية والاجتماعية، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، حياة ابن خلدون ومخطوطات مقدمته، والغرض من تأليفها.
كما تناولت الجلسة منهجه النقدي في تفسير التاريخ، ومقارنته مع مدرسة “الحوليات” الفرنسية في النقد التاريخي، مما يعكس عمق رؤيته المعرفية في فهم التطورات الحضارية.
ناقشت الندوة أيضا بحثا علميا قدمه الأستاذ الدكتور نور الدين مختار الخادمي، أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة في جامعة قطر، بعنوان “التكامل المعرفي من موافقات الشاطبي وبعض أثره المعاصر”، والذي ركز على دور الإمام الشاطبي في ترسيخ مفهوم التكامل المعرفي من خلال كتابه “الموافقات”.
وأوضح البحث أن الشاطبي اعتمد على مقاصد الشريعة كمنهج يجمع بين النصوص الشرعية والسياقات الواقعية، مما يسهم في تطوير الاجتهاد الفقهي، وبناء مناهج تعليمية متكاملة، وتوجيه السياسات الشرعية والاقتصاد الإسلامي وفق رؤية معرفية شاملة.
واختتمت الندوة بعدد من التوصيات، أبرزها: ضرورة إحياء التكامل المعرفي في مناهج التعليم والبحث العلمي، ودعم الاجتهاد الفقهي المستند إلى مقاصد الشريعة، وتعزيز الدراسات التي تربط بين العلوم الشرعية والعلوم الحديثة، وإنشاء مراكز بحثية متخصصة لتعزيز النهج التكاملي في المعرفة الإسلامية.
جدير بالذكر أن هذه الندوة تأتي ضمن جهود وزارة الأوقاف ومركز ابن خلدون لتعزيز التفاعل بين العلوم الإسلامية والعلوم الحديثة، والتأكيد على أن التكامل المعرفي ليس مجرد استيعاب للعلوم، بل هو عملية نقدية تفاعلية تسهم في بناء نهضة حضارية مستدامة.