مسقط: فوزيه علي
وسط أجواء تنافسية متصاعدة واقتراب لحظة الحسم، اختُتِم اليوم الثالث من منافسات بطولة العالم للإبحار الشراعي للأشخاص ذوي الإعاقة 2025، التي تستضيفها سلطنة عُمان بتنظيم من عُمان للإبحار للمرة الأولى عالمياً بمشاركة مجموعة من أفضل البحّارة من مختلف دول العالم.
وتستعد البطولة غداً الإثنين لختام نسختها الافتتاحية في حفل رسمي يُقام برعاية معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار، وزيرة التنمية الاجتماعية، وبحضور عدد من المسؤولين من الاتحاد الدولي للإبحار الشراعي والدكتور خميس بن سالم الجابري، الرئيس التنفيذي لعُمان للإبحار، إلى جانب عدد من الشركاء الاستراتيجيين والفرق المشاركة، لتتوج مسيرة ثمانية أيام من السباقات والفعاليات المصاحبة التي عززت من مكانة سلطنة عُمان كوجهة رائدة لرياضات الإبحار للأشخاص ذوي الإعاقة عالمياً، لتؤكد هذه النسخة، التي تُعد الأكبر في تاريخ الإبحار للأشخاص ذوي الإعاقة، التزام سلطنة عُمان برؤية عُمان 2040 في تمكين الإنسان وتعزيز الرياضة والسياحة المستدامة.
وشكّل اليوم الثالث محطة مفصلية في مسار المنافسات، مع تغيّرات مؤثرة في ترتيب بعض الفئات، إلى جانب سلسلة فعاليات تعكس رؤية البطولة في الدمج والتمكين المجتمعي والاستدامة البيئية، بما في ذلك حملة تنظيف الشاطئ التي شارك فيها بحّارة ومتطوّعون من مختلف الجنسيات.
ويخوض البحّارة المشاركون سباقات البطولة ضمن أربع فئات من القوارب المعتمدة دولياً وهي؛ قوارب آر.أس فنتشر (RS Venture Connect) المخصصة للفرق المصنّفة بارالمبياً، وقوارب فار إيست (FarEast 28Rs) لفئة السباقات المخصصة للمكفوفين، وقوارب هانسا 303 (Hansa 303) المفتوحة لجميع البحّارة، وقوارب إلكا 6 (ILCA 6) لفئة الأولمبياد الخاص لذوي الإعاقات الذهنية.

نتائج اليوم الثالث من المنافسات
شهد اليوم الثالث استمراراً لحدة التنافس بين البحّارة المشاركين ضمن الفئات الأربع المعتمدة، حيث حافظ أبرز المتصدرين على مواقعهم، بينما تقدّم آخرون في الترتيب العام مع اقتراب الحسم النهائي للبطولة غداً.
وفي فئة هانسا 303، واصل البريطاني روري ماكّينا أداءه القوي ليحافظ على صدارته، فيما احتفظ الياباني تاكومي نيوا بالمركز الثاني، وجاء البرتغالي جواو بينتو في المركز الثالث. ونجح البحّار العُماني مالك القرطوبي من الصعود إلى المركز الحادي عشر.
أما في فئة إلكا 6، فقد واصل البريطاني موري ماكدونالد هيمنته على السباقات، بينما حافظ البحّار الإماراتي مروان سلوم على مركزه ثالثاً بعد أداء بارز عزّز منافسته على منصة التتويج، والبحّار تسز هين تشيونغ من هونغ كونغ في المركز الثاني.
ففي فئة قوارب آر.أس فنتشر، واصل الفريق البولندي المكّون من الثنائي المتألق البحّار بيوتر سيخوتشكي والبحّار أولغا غورناس غرودزين صدارة الترتيب العام، فيما نجح الفريق البرتغالي من الصعود إلى المركز الثاني ويضم كل من البحّار بيدرو كانسيو ريس والبحّار جيلهيرمي ريبيرو، تلاه الفريق اليوناني ثالثاً بقيادة البحّار فاسيليس كريستوفورو والبحّار ثودوريس اليكسا، وحلّ فريق سلطنة عُمان المكّون من البحّار زاهر العتبي وحسن اللواتي في المراكز الرابع عشر.
وبالنسبة لفئة فار إيست للمكفوفين، حافظ الفريق البريطاني بقيادة لوسي هودجز على صدارة السباقات، تلاه الفريق الإسباني بقيادة دانيال أنجلادا بيتش في المركز الثاني، والفريق البريطاني بقيادة كارل هاينز في المركز الثالث.
وبعد نهاية السباقات، عبّر البحّار الإماراتي مروان سلوم عن سعادته بتحقيق المركز الثالث في فئة إلكا 6، مؤكداً أن المنافسة كانت قوية وأن الأداء الذي قدمه يعكس جاهزية الفريق وتحضيراته المكثفة. وقال: “سعيد بالنتيجة التي حققتها اليوم، وقد استفدت كثيراً من التجارب السابقة والمعسكرات التدريبية. نطمح لتقديم مستوى أفضل في اليوم الختامي وتمثيل دولة الإمارات والأولمبياد الخاص الإماراتي بأفضل صورة.”
ومن جانبها، أعربت البحّارة التشيلية زايدا بيريز التي تبحر عبر قوارب هانسا303 عن سعادتها بالمشاركة في البطولة رغم رحلتها الطويلة والصعوبات التي واجهتها بسبب إلغاء رحلتها، مؤكدة أن التنظيم والمرافق في موقع الحدث والفندق كانت ممتازة ومهيّأة بشكل مثالي لاحتياجات الرياضيين. وأشادت بالأجواء الودية والضيافة العُمانية التي وصفتها بأنها مميزة ولا تُشبه أي مكان آخر. وأضافت أنها تخوض السباقات بروح الاستمتاع والتجربة دون التركيز على النتائج، معتبرة الإبحار رياضة تمنح معنى علاجياً وتتيح لذوي الإعاقة خوض منافسات متكافئة على الماء، حيث تزول الفوارق وتبقى المتعة والتحدّي.
كما أشاد البحّار البريطاني روري ماكّينا الذي يشارك في البطولة عبر فئة قوارب هانسا303 بالرسالة الإنسانية التي تحملها البطولة، مؤكداً أنها تُجسّد مبدأ الشمولية الذي لطالما تميّزت به رياضة الإبحار الشراعي. وأضاف أن الحدث في عُمان يمتاز بوضوح رؤيته رغم تشابهه تنظيمياً مع بطولات دولية شارك فيها سابقاً، مشيراً إلى أنه يخوض موسماً مزدحماً شمل عشر بطولات دولية، وأن خبرته في قراءة الظروف البحرية والتحضير المبكر ساعدته في تقديم أداء قوي، مؤكداً إعجابه بمرافق البطولة وسهولة الوصول إليها، ومشيراً إلى أن أداءه يتطور من سباق لآخر.

وفي السياق ذاته، أوضح البحّار البريطاني موري ماكدونالد في فئة قوارب إلكا 6 أن منافسات اليوم كانت قوية وصعبة بسبب خفة الرياح وحالة البحر، ما تطلّب تركيزاً عالياً منذ البداية. وأضاف أنه فاز بالسباق الأول، بينما تمكّن من تعويض انطلاقة متأخرة في السباق الثاني والصعود إلى المركز الثالث، مؤكداً أن المنافسة شديدة وتتطلب الحفاظ على التركيز حتى اللحظة الأخيرة. وأشاد بالتنظيم الاحترافي والأجواء المشجّعة التي تمنح البحّارة دفعة إضافية لتقديم أفضل ما لديهم.
مشاركة عُمانية بارزة بسبعة بحّارة من برنامج “أبحر بحرّية”
تشهد البطولة مشاركة فريق سلطنة عُمان بعدد من البحّارة ضمن فئتي آر.أس فنتشر وهانسا 303 من خلال برنامج “أبحر بحرّية”. ففي فئة آر.أس فنتشر يشارك فريقان؛ الأول يضم البحّارين حسن اللواتي وزاهر العتبي، بينما يتكوّن الفريق الثاني من عادل السيابي والغالية الجابرية. أما في فئة هانسا 303 الفردية، فيشارك كل من البحّار علي الغسيني، والبحّار سلطان الوهيبي، والبحّار مالك القرطوبي.
تمثيل عالمي واسع من أربع قارات
كما تشهد البطولة حضوراً دولياً لافتاً يعكس اتساع قاعدة رياضات الإبحار للأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، حيث تشارك مجموعة كبيرة من دول القارة الآسيوية، من بينها: البحرين، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الهند، هونغ كونغ، اليابان، كوريا الجنوبية، ماليزيا، الفلبين، تايوان (تايبيه الصينية)، تيمور الشرقية، وإندونيسيا إلى جانب سلطنة عُمان (الدولة المستضيفة)، بما يبرز النمو المتسارع للرياضة في المنطقة.
كما تسجل أوروبا حضوراً قوياً عبر عدد من الدول المعروفة بريادتها في الإبحار الشراعي، وتشمل: النمسا، جمهورية التشيك، إسبانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، النرويج، بولندا، البرتغال، سويسرا، والسويد.
أما على مستوى الأمريكيتين، فتشارك دول من أمريكا الشمالية والجنوبية، منها: كندا، الولايات المتحدة الأمريكية، الأرجنتين، البرازيل، تشيلي، بوليفيا، والأوروغواي، إضافة إلى ترينيداد وتوباغو من منطقة الكاريبي. وتحضر دول أوقيانوسيا عبر أستراليا، إحدى أبرز الدول عالمياً في رياضة الإبحار الشراعي. ويجسّد هذا التنوع القاري الواسع مكانة البطولة كمنصة عالمية تستقطب رياضيين من مختلف القارات، وتجمعهم تحت راية الإبحار الشمولي وقيم التمكين والمساواة.

حملة تنظيف الشاطئ وتعزيز الاستدامة البيئية
في إطار التزام البطولة بمبادئ الاستدامة، نظّمت اللجنة المنظمة حملة لتنظيف شاطئ المصنعة بمشاركة البحّارة والمتطوعين والوفود المشاركة. وشملت الحملة جمع المخلفات وفرزها، إلى جانب توعية المشاركين بأهمية حماية البيئات البحرية ودور الرياضات المائية في دعم مفهوم الاستدامة. وتأتي هذه المبادرة انسجاماً مع توجهات سلطنة عُمان في تعزيز المسؤولية البيئية، وتعكس رؤية البطولة في أن تكون منصة رياضية وإنسانية مستدامة.
كما شملت الأنشطة المستدامة جلسة توعية حول هدر الغذاء وجولة حول جهاز تحويل مخلفات الطعام للتعرّف على آلية إعادة تدوير بقايا الطعام إلى تربة زراعية صديقة للبيئة. كما أقيمت ورشة حول أسباب التغير المناخي وتداعياته، مما عزز الوعي البيئي ودعم رؤية البطولة في تقديم حدث رياضي يعكس المسؤولية الاجتماعية والبيئية.
ومع اقتراب إسدال الستار غداً، تترقب الوفود المشاركة وجماهير البطولة الإعلان عن الأبطال المتوجين في النسخة الأولى من هذا الحدث العالمي، الذي يُعد محطة تاريخية في مسيرة الإبحار الشراعي للأشخاص ذوي الإعاقة.
وتقام البطولة تحت مظلة الاتحاد الدولي للإبحار الشراعي، وبدعم من اللجنة العُمانية للرياضات العُمانية، وبالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة التراث والسياحة، ومكتب محافظ جنوب الباطنة بوصفهم شركاء استراتيجيين. كما يحظى الحدث برعاية عدد من مؤسسات القطاعين العام والخاص، من بينها منتجع بارسيلو المصنعة، وشركة أوكسي عُمان، والمشغّل الوطني للسفر، والشركة الوطنية للمرطبات (تنوف)، وشركة مزون للألبان بوصفهم رعاة برونزيين، في تجسيد واضح لتكامل الجهود الوطنية لدعم وإنجاح هذا الحدث العالمي.
