على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب
الدوحة – موقع الشرق
اختتمت اليوم في الصالون الثقافي على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب ندوة ثقافيَّة بعنوان “الثقافة في متناول الجميع: تعزيز دور المكفوفين في المشهد الثقافي”، والتي نظّمها مركز النور للمكفوفين، أحد المراكز المنضوية تحت مظلَّة المؤسَّسة القطريَّة للعمل الاجتماعي، بالشراكة مع المركز القطري الثقافي للمكفوفين، وذلك ضمن فعاليّات المعرض المُقام من 8 إلى 17 مايو 2025.
وتناولت الندوة ثلاثة محاور رئيسة؛ ناقش الأوَّل منها دور المؤسسات الثقافيَّة في تعزيز إنتاج المحتوى الثقافي والأدبي للمكفوفين، وقدّمه السيّد فيصل الكوهجي، رئيس مجلس إدارة المركز القطري الثقافي للمكفوفين، الذي استعرض جهود المؤسسات ذات الصلة، والتي تدعم الحراك الثقافي للمكفوفين.
كما ألقى الضوء على أهم الاتفاقيات والتشريعات التي تناولت الشأن الثقافي للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي أكدت أهمية تقديم الرعاية الثقافية لهم، وتمكينهم من الوصول إلى المحافل الدولية، وإزالة العقبات التي تحول دون استفادتهم من المصنفات المكتوبة، إضافة إلى التأكيد على ضرورة وجود هوية ثقافية خاصة بهم.
وتحدث كذلك عن التحديات التي تعيق وصول ذوي الإعاقة إلى المواد الثقافية والمعرفية، مؤكدًا على ضرورة خلق مساحات دائمة لهم في الفعاليات الثقافية، إلى جانب دعم المبادرات التي تسهم في نشر المحتوى الثقافي الموجَّه لهم
أما المحور الثاني فتناول التقنيات الحديثة المُساعدة التي تمكّن المكفوفين من الاطّلاع ومواكبة المحتوى الثقافي، وقدّمه الأستاذ إكرامي أحمد، معلّم برايل في مركز النور للمكفوفين، حيث أوضح أهميَّة التكنولوجيا في تسهيل وصول المكفوفين إلى المطبوعات والمواد السمعيَّة والبصريَّة، مبينًا أبرز الأجهزة التكنولوجيا المساعدة وبرامج القراءة الصوتية، والتحديات المرتبطة بتوفر هذه الوسائط في المؤسسات الثقافيَّة العامَّة.
فيما خُصص المحور الثالث لتسليط الضّوء على تجارب ملهمة لمكفوفين أثبتوا حضورهم الفاعل في مجالات الأدب والفن والثقافة، وقدّم هذا المحور السيّد محمد عبود عواد، ناشط في مجال حقوق ذوي الإعاقة البصريَّة وخريج كلية الشريعة بجامعة قطر، إذ استعرض نماذج بارزة من الأدباء والشعراء المكفوفين محليًا وعالميًا، متوقفًا عند تجاربهم المؤثرة في إثراء الساحة الثقافيَّة، ومبيّنًا كيف استطاع العديد من المكفوفين تجاوز التحديات وتحقيق الإبداع في مجالات الأدب، الشعر، والفنون، بما يعكس عمق مشاركتهم الثقافيَّة رغم ظروف الإعاقة.
وقد أدار الندوة السيّد شاهين حمد السليطي، مدير مكتب الاتّصال والإعلام، ومدير إدارة التوعويَّة المجتمعيَّة بالإنابة في مركز النور للمكفوفين، بفعاليَّة متيحًا المجال أمام المتحدّثين لتقديم محاورهم، وفتح أيضًا باب الحوار والمداخلات من الجمهور في نهاية الندوة.
وشهدت الندوة حضورًا من المُهتمين بالشأن الثقافي وذوي الإعاقة البصريَّة، وتفاعل الحاضرون مع المحاور المطروحة عبر طرح الأسئلة والمُداخلات، حيث تخلل النقاش استعراض عدد من القضايا المُهمة، منها مدى توفّر المواد الثقافيَّة بطريقة برايل، وإمكانيَّة تبنّي المؤسسات الثقافية لنتاجات أدبيَّة من إنتاج المكفوفين، إلى جانب مدى فاعليَّة التقنيات الحديثة في تحفيز الكتابة والإنتاج الأدبي لدى المكفوفين.
في ختام الندوة، خرج المنظّمون بتوصيات مهمّة دعت إلى ضرورة استمرار التعاون بين المؤسسات الثقافيَّة ومراكز ذوي الإعاقة، والعمل على دعم التقنيات الحديثة التي تخدم المكفوفين، وتوثيق التجارب الأدبيَّة والفنية الناجحة للمكفوفين وإبرازها كنماذج ملهمة للمجتمع.
وجاء تنظيم هذه الندوة انطلاقًا من إيمان مركز النور للمكفوفين والمركز القطري الثقافي للمكفوفين بأنَّ الثقافة حقٌّ للجميع، وأنَّ تمكين المكفوفين من المشاركة الثقافيَّة الفاعلة هو أحد أوجه العدالة الثقافيَّة والمُجتمعيَّة، والتي يسعيان معًا إلى ترسيخها وتعزيزها باستمرار.