مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان
الدوحة – قنا
شارك مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان “عن بعد ” في مؤتمر بيروت الدولي للحوار بين الثقافات والأديان من أجل الاستدامة.
جاءت مشاركة المركز في هذا المؤتمر بدعوة من جامعة الروح القدس (الكسليك “USEK “) وفي إطار اهتماماته بكل ما يخص نشر ثقافة الحوار، وتعزيز دور دولة قطر في دعم الجهود الرامية لإرساء ثقافة وبناء السلام، وترسيخ مفهوم الوعي بالأمن الفكري والروحي.
وركز سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة المركز في كلمته الرئيسية للمؤتمر بعنوان “الحوار الديني ودوره في بناء السلام وتحقيق الاستدامة- نظرة استشرافية” على أهمية الحوار الديني في بناء السلام وتحقيق الاستدامة، ودوره المحوري في كسر الحواجز النفسية المقيضة لإرادة واختيارات الآخرين، وإقامة أسس متينة من التواصل والتحاور تبني من خلالها جسور الثقة.
ولفت سعادته في سياق ذي صلة إلى الدور الرئيسي والمسؤولية الكبيرة للقيادات والمؤسسات الدينية، كونها هي الجهة المنوط بها تعزيز ثقافة الحوار والدعوة للتعايش، خاصة في المجتمعات متعددة الثقافات والأديان.
ونوه بأن كل ذلك لا يتأتى إلا من خلال تفعيل القيم الدينية والأخلاقية التي توافقت عليها شرائع الأديان، لتحقيق التعايش وحسن تعامل الناس بعضهم مع بعض في أمن وأمان وعدل وإنصاف، تتأسس معه ثقافة إنسانية أعمق وأشمل، تقوم على تقبل الاختلاف والتنوع وتؤمن بالحوار والتعاون بين البشر.
وحول أهمية الحوار الديني في بناء السلام قال سعادته: “الحوار الديني هو من أكثر ما نحتاج إليه كأساس لبناء السلام، وخاصة في مثل الظروف الصعبة والمؤسفة التي مر ويمر بها عالمنا، والتي لا تخفى على أحد، وأخطرها بالطبع الصراعات والحروب والتي كان أكثرها بروزا الحرب على غزة، وما تبعها من آثار إنسانية كارثية”.
وفي مشاركة تفاعلية حوارية أخرى مع الأب فريد المجبر رئيس الجلسة الافتتاحية وعميد كلية الآداب والعلوم بجامعة الروح القدس “الكسليك”، نبه سعادة رئيس مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في رده على أسئلة حول الآليات العملية لتفعيل الحوار الديني كأساس لبناء السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى ضرورة الاعتراف بالتنوع الديني كثروة وليس كتهديد، مبينا أن التنوع يثري الحوار الديني ويعمق الفهم بالآخر، مشيرا بهذا الخصوص إلى أن المركز قد عقد في سنة 2009 ندوة في بيروت بالتعاون مع الكنيسة السيريانية كان عنوانها “التنوع الديني والعرقي والمذهبي في العالم العربي… هل هو عامل قوة أو عامل تفتت؟”.
وذكر أن من بين أهم الآليات لتفعيل الحوار الديني هو التركيز على المشتركات الإنسانية بدلا من طرح الاختلافات، من خلال التركيز على القيم المشتركة، فضلا عن تطوير آليات دائمة للحوار الديني الفردي والمؤسسي، حتى لا يكون مجرد فعاليات مؤقتة، وكذا قياس الأثر لفعاليات الحوار الديني لضمان الاستمرارية، وتحسينها ووضع رؤى مستقبلية.
وفيما يخص دور حوار الأديان في تحقيق الاستدامة قال النعيمي “تزداد أهميته من الناحية الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة في حياة الناس، بما في ذلك دور حوار الأديان في المساهمة لتحقيق الاستدامة البيئية، بما يؤصل له الدين من تشريع يعنى بحماية البيئة والمخلوقات والاعتدال والاستخدام المسؤول للموارد وحتى القيم الدينية التي تؤكد أن الكون هو تجلي وهبة إلهية ينبغي الحفاظ عليه وحمايته من كل ما يغير طبيعته ويفسده”.
وأكد أن الاستدامة الاجتماعية وتحقيق الترابط والتضامن بين المجتمعات والمساهمة في تنميتها واستدامة ازدهارها، وكذلك الاستدامة الاقتصادية من مواجهة الفقر وتحقيق التكافل والعدالة ودعم برامج التعليم والصحة وغير ذلك، هو مطلب تتفق بل تدعو له جميع الأديان، “فالدين لعله القوة الدافعة الروحية والفكرية الأكبر لتوجيه الناس للالتزام بهذا كله”.
ودعا إلى التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية المشتركة بين الأديان، خاصة في عالم اليوم، مضيفا “أن القيم الدينية والأخلاقية المشتركة بين الأديان، كالعدالة والرحمة والسلام، توفر أساسا متينا لا غنى عنه لمواجهة تحديات العالم المعاصر المعقدة، والتي لا تتوقف فقط عند الصراعات والحروب السياسية، بل هي تحديات شاملة في كافة المناحي التي ترتبط بمصير الإنسان وحياته سواء من فقر وظلم وتدهور بيئي، وغير ذلك من تحديات قد يصعب حصرها”.
وشدد سعادة الدكتور النعيمي في ختام كلمته على حرص مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان الدائم على التفاعل الإيجابي والمشاركة والمساهمة العلمية في كافة الندوات والمؤتمرات العربية والدولية التي تعكس الجهود الرامية لدولة قطر في تشجيع الحوار وتعزيز ثقافة التعايش ما بين الثقافات والأديان، باعتبار ذلك فرصة للالتقاء ومد جسور التعاون بين الجامعات والمركز والقادة الدينيين ورؤساء مراكز الحوار، والخبراء والمختصين والباحثين في حوار الأديان في أغلب أقطار العالم.
